الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
تقاريظ الكتاب
هذا ما نَمَّقَهُ الإِمام الهُمام، رأس أهل البرّ والتُّقي، رئيس أصحاب المجد والنُّهي، الماحي لرسوم الضلال والغواية، المجدِّد لمراسم الرشد والهداية، قدوة السالكين، زبدة العارفين، تاج الملّة، سراج الأُمّة، حضرة الشيخ الحافظ القارئ الشاه أشرف علي التهانوي (1)، أدام الله ظلال بركاته، ومتَّع المسلمين بمسلسلات فيوضه:
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد:
الحمد لمعطي النعمة، والصلاة على قاسم الحكمة، فقد سَرَّحْتُ النظر في بعض المقامات المهمة من هذا التعليق المحمود، الذي فاق على أكثر السنن في جمعه لكل باب مقصود، فوجدته في فنون الإسناد والرواية كافيًا، وفي أصول الاجتهاد والدواية شافيًا، وفي المقاصد العقلية والنقلية وافيًا،
(1) هو الشيخ العالم الفقيه أشرف علي بن عبد الحق الحنفي التهانوي، المعروف بالفضل والأثر، وكان من كبار العلماء الربانيين الذين نفع الله بمواعظهم ومؤلفاتهم، رزق من حسن القبول ما لم يرزق غيره من العلماء والمشايخ في عصره، وله مصنفات كثيرة ممتعة ما بين صغير وكبير وجزء لطيف ومجلدات ضخمة.
توفي إلى رحمة الله تعالى لست عشرة خلون من رجب سنة اثنتين وستين وثلاثمائة وألف 1362 هـ. انظر ترجمته في: "نزهة الخواطر"(8/ 65).
كيف لا وقد أنشأه ألمعيُّ عصره، ولوذعيّ دهره، سَمِيُّ سيدنا الخليل، ومولانا أحمد الجليل، صلى الله عليهما وسلَّم، أبقاه الله تعالى بالفيض النبيل، وأعانه على إتمام هذا التعليق الجميل.
وأنا العبد المفتقر إلى رحمة مولاه الغني، محمد أشرف علي، غفر له كل ذنبه الخفي والجلي.
والزمان أوائل شهر رمضان سنة 1341 من هجرة سيد الإنس والجان.
صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما سمار القمران ودار الملوان.
والمكان مدرسة إمداد العلوم من تهانه بهون، أبعدها الله تعالى من الشرور والفتن.
* * *
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
هذا ما قرَّظه على ذلك الكتاب سُلالة صاحب البينات، وفصل الخطاب، شمس سماء التحقيق، مركز دائرة التدقيق، حلّال المعضلات، وكشّاف المغلقات، مخزن العلوم، مرجع الكمالات، فريد دهره ووحيد عصره، الحبر النبيل المقدام الإِمام العلَّامة الحافظ الحاج المولوي السيِّد حسين أحمد (1) المهاجر المدني، المدرِّس بالحرم المصطفوي والمسجد الشريف النبوي، أطال الله بقاءه بالعزّ والجلال، وحفَّه بأصناف المجد والكمال.
إن أضوأ درِّيٍّ تنورت به عوالم الأحاديث والأخبار، وألمع جوهر تزينت به قلائد الطروس والأفكار، حمد من تواترت صحاح آلائه الشهيرة، واتصلت حسان نعمائه العزيزة، مسلسلات فيضه لم تزل تشرح صدور طلاب مكارمه، ومراسيل جوده لم تبرح تحدث قصَّاد أبواب معالمه، أرسل لنا رسولًا بالحنيفية السمحة البيضاء، وأزاح عنا غياهب الشكوك والأوهام، فليلُها ونهارها سواء، رفع لنا حسان مروياته، فاستندت بها البراهين والحجج الباهرة، وأوصل لنا صحاح مرفوعاته، فانحلّت لها معقدات الأذهان والأفكار العالية، تكفل لنا بحفظ دينه القديم على مرور الدهور والأيام، فلم يزل يغرس لهذا الدين من يُجَدِّد رسومه من حاكم وحافظ وحجة وإمام.
اللهم فصَلِّ وَسَلِّم وبارك عليه وعليهم ما أشرقت أنوارُ علومهم عوالِمَ
(1) تقدمت ترجمته في المجلد الأول (ص 70).
البيان والسطور، واستمطرت سحائب فيضهم عفاة الهداية وعطشى أنهار المعارف والبحور.
أما بعد:
فمن أعظمها ما منَّ الله به على هذه الأمة الأمينة أن وجه حضرة الإِمام الجليل، والمقدام النبيل، الحافظ الحجة، حلَّال المعاقد، وكشّاف الغُمَّة، رئيس أهل الفضل والتُّقى، رأس أصحاب المجد والنُّهى، قطب أفلاك الجرح والتحقيق، مركز دوائر التعديل والتدقيق، شمس المعارف والعلوم، وبدر التثبت وتنقيد المفهوم، مرجع الكمالات والفنون النقلية، ومنبع الفيوض والعلوم العقلية، المحيي لمعارف الشريعة الغرّاء، والمجدد لمراسم السنة الفيحاء.
الثقة المثبت الحجة، مولانا أبي إبراهيم خليل أحمد المجتبى، وحبيب محمد المصطفى، عليه وعلى آله الصلاة والسلام لا زال مرتقيًا قلل المرادات في الدارين، محفوفًا بأنواع الرحمة والرضوان في الكونين إلى أن يغيث الطلاب، فيزيح عنهم مشكلات الآثار التي زلَّت فيها الأقدام والأفكار لشيوخ السنن ومستمعي الأخبار، سيما المعضلات التي لا تكاد أن تنحلّ من معاقد أبي داود، كيف لا؟ وقد تحيّر لديها مهرة الفحول وحَلَّالو العقود، فشرح لها شرحًا يحق أن يفتخر بها الأوائل ذو المجد والكرم، ويستضيء به الأماثل أهل الفضل والنعم، فجزاه الله تعالى أحسن ما جازى به حفاظ السنن على الأمة المحمدية، ونضره بين خواص الملة حيث لا نضارة إلَّا من عطيته البهية، ونفع به الخاصة والعامة من المسلمين، ونشر معارفه بالتكميل بين أهل الآفاق من المؤمنين، ويرحم الله عبدًا قال: أمينا.
وأنا العبد الضعيف
حسين أحمد الحنفي الفيض آبادي
ثم المدني الديوبندي، غفر له
(8 رمضان سنة 1342 هـ)
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
صورة ما قرّظه البحر العلام، والحبر القمقام، حضرة العلامة المفضال، منبع الفضل والكمال، البحر الزخار، والغيث المدرار، إمام المتكلمين، شيخ المحدثين، فرع السُّلالة النبوية، وطراز العصابة المحمدية، مولانا السيد أنور شاه الكشميري (1)، صدر المدرسين بدار العلوم الديوبندية.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان، وجعله خليفة في بسيطة الأرض، حاكمًا على الطول والعرض، وآتاه الحكمة فهو يقضي بها، ويعلمها سائر الأكوان، وخلقه على صورته صيصية لأنوار الغيب وجارحة لمعاني القدس، كأنه غيب خرج إلى العيان، - لا يزال يتقرب إليه حتى كان ربُّه سمعَه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، وكان قلبه عرش الرحمن- سيحانه وريحانه ما أجل إحسانه من رب رحيم وحنَّان منَّان.
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد المرسل رحمة للعالمين، والمبعوث إلى خير أمة أخرجت للناس، فهو أول الفكر، وآخر العمل، رسول الله، وخاتم النبيين، انقطعت بعده الرسالة والنبوة، وتمت
(1) هو الشيخ الفاضل العلامة المحدث أنو رشاه بن معظم شاه الحسيني الحنفي الكشميري، أحد كبار الفقهاء الحنفية وعلماء الحديث الأجلاء، توفي سنة 1933 م.
انظر ترجمته في: "نزهة الخواطر"(8/ 90)، و"نفحة العنبر في حياة الشيخ أنور" للعلامة محمد يوسف البنوري.
دائرة النبوة عليه، ولم يبق بعده إلا المبشرات، والحمد لله رب العالمين، وعلى آله وأصحابه والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فلم يبق من آثار النبي المروية عنه صلى الله عليه وسلم إلا آثاره وأحاديثه، فهي أنفاسه وهديه وهداه، وهي خلقه ودينه ودين الله.
أَصَحُّ وَأَقْوَى مَا سَمِعْنَاه في الْوَرَى
…
حَدِيثًا صَحِيحًا منذ عَهْدٍ قَدِيمِ
أَحَادِيثُ تَرْوِيهَا السُّيُولُ عَنِ النَّدَى
…
عَنِ الْبَحْرِ عَنْ خُلُقِ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ
بِهَا نُوْرُ الْعيُونِ وَفِيهَا شَرْحُ الصُّدُورِ
كما قيل:
الْقَلْبُ عَنْ جابرٍ، وَالْكَفُّ عَنْ صِلَةٍ
…
وَالْعَيْنُ عَنْ قرَّةَ وَالسَّمْعُ عَنْ حَسَنٍ
وإن كتاب "السنن" للإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السجزي - رحمه الله تعالى- ثالث الكتب الستة، ولا يخفى رتبته ودرجته في الحديث في القديم والحديث، لم يطبع إلى الآن تعليق عليه وافٍ، وبحله وحقه كافٍ، وقد وجَّه الله تعالى المولى العلامة العارف الفقيه المحدث شيخنا وشيخ الفقه والحديث، مسند الوقت، مولانا خليل أحمد السهارنفوري خليفة شيخنا وشيخ مشايخنا مولانا رشيد أحمد الكَنكَوهي - رحمه الله تعالى- لخدمته، فوفّى كلَّ حق لها.
شَفَى وَكَفَى مَا في الصُّدُورِ فَلَمْ يَدَعْ
…
لِذِي إرْبَةٍ في الْقَوْلِ جِدًّا وَلَا هَزَلًا
فشرح المتنَ وأقوال المصنف، وقد كانت مستورة فجلّاها، وصعبة فسهَّلها، وألانها كما أُلين لأبي داود الحديث، وضبط التراجم، وميَّز بين المفترق والمتفق، وبين المؤتلف والمختلف، واستخرج الفقه، ووجه لأصحابنا الحنفية، فجاء تعليقًا يشرح الصدور، وُينَوِّر القلوب، ويكون وديعة له عند الله تعالى، ومنَّة في رقاب الناس، وضيعة إلى العلماء- جزاه الله تعالى عنا وعن سائر المسلمين-، والحمد لله رب العالمين.
وأنا الأحقر الأفقر
محمد أنور الكشميري
المدرس بدار العلوم الديوبندية
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
هذا ما حرره العلامة النحرير، منبع الفضائل والفواضل، فخر الأقران وزبدة الأماثل، حضرة الأديب الأريب، الفقيه المتفقه اللبيب، جامع الفنون العقلية، وحاوي العلوم النقلية، حضرة مولانا المولوي كفاية الله (1)، المفتي في المدرسة الأمينية الدهلوية، وصدر جماعة العلماء الهندية، أدام الله فيوضَه:
حمدًا لمن شاد معالم الدين، وشيدها بالحجج والبراهين، فهدى إلى سبل المعرفة واليقين، خلق الإنسان فشرَّفه وكرَّم، وعلَّمه ما لم يكن يعلم، وأرسل رسوله الأكرم صلى الله عليه وسلم ليرد عباده إلى الطريق الأقوم، فقضى ما أُمِر، جوزي وشكر، اللهم صل وسلم على هذا النبي الصادق المصدوق، الذي صدع بما أتاه من ربه ولم يَخَفْ إلا الله.
أما بعد:
فإني سرَّحت أنظاري القاصرة في الحدائق الزاهرة والرياض الباسمة الباهرة من الكتاب المحمود المسمى بـ "بذل المجهود في حل سنن أبي داود" الذي ألَّفها شهامة زمانه، إمام أوانه، المتكلم الفائق على أقرانه، المولى الهمام العالم الأوحد الشيخ السيد السند، مولانا خليل أحمد، لا زال مغمودًا برحمة ربه الصمد، فوجدته سفرًا شافيًا وكتابًا كافيًا، يغني عن كثير من الشروح، ويحوي كثيرًا من الفتوح، أتى- دام فيضه- فيه بمباحث جليلة،
(1) هو الشيخ العالم الصالح كفاية الله بن عناية الله بن فيض الله الحنفي المعروف بـ "مفتي كفاية الله"، أحد كبار العلماء، وُلد في سنة 1292 هـ، وتوفي في سنة 1372 هـ، الموافق سنة 1953 م. انظر ترجمته في:"نزهة الخواطر"(8/ 398).
ودقائق نبيلة، نَبَّه على ما وقع من بعض الشارحين من الخطأ، وحقق الصحيح من الأقوال وجلَّى- فجزاه الله من خلقه خير ما جزى به أحدًا-، ونفع بعلومه عباده، وأطال بقاءه ونشر بركاته، وجعل كتابه مقبولًا بين الأنام، فإنه المفضل المنعام.
وأنا العبد الراجي رحمةَ مولاه
محمد كفاية الله- عفا عنه ربّه وكفاه-
الثاني عشر من الشهر المبارك ربيع الأول من شهور سنة اثنتين وأربعين بعد ألف وثلاثمائة من الهجرة المقدّسة
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
صورة ما قرظه جامع المعقول والمنقول، حاوي الفروع والأصول، صاحب التحرير والقلم، محيي دولة الأدب بعد العدم، صاحب التصانيف الكثيرة والتآليف الشهيرة، مولانا المولوى إعزاز على (1)، شيخ الأدب والعربية بالجامعة الديوبندية.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على جليل آلائه وجميل إحسانه، كما ينبغي لجلال وجهه ولعظيم سلطانه، يقينًا وإيهمانًا، وإسلامًا واحسانًا، رب السماوات والأرضين وما بينهما، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى.
والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، وسائر الأنبياء المقربين، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وعلى آله وأصحابه ينابيع الهدى ومصابيح الظلم، خيار الناس من خير الأمم، وعلى التابعين وأتباعهم وسائر الأئمة المجتهدين والفقهاء والصديقين والشهداء والصلحاء الذين هم واسطة عقد الإسناد، وأخيار الخلق، وخيار العباد.
هيِّنُونَ ليِّنُونَ أَيْسارُ بَنُو يُسْرٍ
…
سوَّاسُ مَكْرُمة أَبْناءُ إيثَارِ
لَا يَنْطِقُونَ عَنِ الْفَحْشَاءِ إنْ نَطَقُوا
…
وَلَا يُمارُونَ إنْ مَارَوْا بإكثارِ
(1) هو شيخ الفقه والأدب، مولانا محمد إعزاز علي بن محمد مزاج علي، وُلد لغرة محرم سنة 1300 هـ في أمروهة (مديرية مراد آباد، الهند) تخرج من دار العلوم الديوبندية، وعيّن مدرسًا فيها، فدرس الفقه والحديث والأدب، وكان له يد طولى في الأدب العربى، توفي سنة 1374 هـ. انظر ترجمته في:"نفحة العنبر"(ص 58).
مَنْ تَلْقَ مِنْهُمْ تَقُلْ: لَاقَيْتُ سَيَّدَهُم
…
مِثْلَ النُّجُومِ الَّتِي يُهْدَى بِهِ السَّارِي
وبعد:
فإن علم الحديث مما تزيّن به الإسلام، واختص به الفضلاء الذين خفقت لهم ذوائب الطروس، وانتصبت رماح الأقلام، ورغبة السلف لم تزل وافرة عليه، وأنامل إرشادهم للأنام بالحث إليه، حتى قيل لإمام الأئمة أحمد بن حنبل: ماذا تشتهي؟ فقال: "سند عالٍ وبيت خالٍ"، وما برح في دأب الكبار من الأئمة الارتحالَ إلى أقاصي الأقاليم في طلبه، وتحملَ المشاق والمتاعب فيه، ومنه ارتحال الإمام الشافعي وغيره إلي عبد الرزاق باليمن، ولكنه فَنٌّ ذروتُه عالية وعتبتُه سامية، ومن ثم قيل:
مَا كُلُّ مَنْ طَلَبَ الْمَعَالِي نَافِذًا
…
فِيهَا وَلَا كُلُّ الرِّجَالِ فُحُولًا
ولما كان صيانة الطريقة المباركة المحمدية موعودة في كلام الملك الجليل، بذلت العلماء الربانيون أعمارَهم في حفظ كلامه تعالى شأنه، وكلام رسوله- روحي وروح أبي وأمي فداه -، ومنه ما ألفه الشيخ سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن شدّاد بن عمرو بن عمران الأزدي السجستاني، فإنه نظم الأحاديث النبوية في سلك بيانه، ففاقت الدرَر المنظومة، ونثر حيثما رأى نثره فخجلت اللآلئ المنثورة، وحدَّث عن أصح ما قاله سيد البشر صلى الله عليه وسلم، فصدع القلوب، وأجرى ذَنوب الدموع من أهل الذنوب، أئمة الدين تذعن إلى ما فيه من الأدلة ومصنفات السلف، تقول أمامه: بسم الله، فيا له من كتاب كأنه دليل لا يعارض بما ينقضه، وطوبى له من حجة يكَلّ عنه الخصم إذا هو على محك النقد يعرضه، قد أحكم ما ترجمه بالحديث والأثر، وله أثبت قدم في رواية الحديث حتى ما عثر، وأتى فيه بنُكت من أسرار الحديث، وميز بين الطيب والخبيث.
أَكْرِمْ بِهِ مُصَنَّفًا فَاقَ تَصَانيفَ الْوَرَى
…
لَيْلُ الْمُرادِ فِيهِ بِالْمَعْنَى الْمنِيرِ أقْمَرَا
كَمْ فِيهِ بُردَ حُجَّةٍ قَدْ حَاكَهُ مُحَرَّرًا
…
وَكَمْ دَلِيلَ سَيْفِهِ إذَا الْتَقَى خَصْمًا فَرىَ
فَلَمْ يَكُنْ مِنْ بَعْدِهِ مُخَالِفٌ قَطُّ بَرَا
وبالجملة فمآثره الجميلة لا تعد ولا تحصى، وفضائله المأثورة لا تحصر ولا تستقصى، ولكنه لرفعة شأنه وعلوّ مكانه كان لا يحوم حوله الطالبون، حتى صار كأنه لم يره الراؤون، فتصدى لحل مشكلاته وتيسير معضلاته الفحولُ من العلماء، والأحبار من الأذكياء، وشرحوا له شروحًا بسيطة، وعلَّقوا عليه تعليقات عديدة، ومع ذلك لم يزل محجبات دقائقه تحت الأستار، وما فتي راحلة مطايا التسيار.
ثم تلاطمت بحار رحمته تعالى لعطشى الحديث وطلابه، فنهض له ولي من أوليائه المولى الحاج الشيخ السيد السند خليل أحمد الذي تشرفت الأقطار والأماكن بذكر وصفه، وتعطرت من طيب عرفه، سحاب علم أخصب الهند بدوام ديمه، وبحره الموَّاج لا يؤتى إلَّا ليقتبس من علمه وكرمه، مشهور صيته بين الأكابر والأعيان، معمور حلقة درسه من الشيب والشبان- علا قدره- واشتهر بالحسن الجميل ذكره.
أكرم به عالمًا عاملًا، وإمامًا لم يزل يلحم فضلًا، ويسدي نائلًا، كم له من آثار مشهورة، ومناقب مأثورة، وحجَّات مبرورة، ومواطن بذكر الله تعالى معمورة، فعلق عليه تعليقًا جليل القدر عظيم النفع كثير الفائدة كبير العائدة، لم ينسج على منواله في عالم الحديث.
ولا ندخل في شعاب الغلو إذا قلنا: إنه أنفس تعليق لـ"سنن أبي داود"، فهو تعليق يمتِّع الأسماع، ويُشَنِّف الآذان، اتفقت الألسن على حسنه فهو ممدوح بكل شأن، وأجمعت القلوب فكان له في سويدات القلوب مكانة ومكان، يشهد لمؤلفه بالفطنةِ والذكاءِ وطولِ الباع في هذا الفن الجليل، وقوةِ التمكن في البحث من الصحاح والحسان والضعاف والموضوعات.
فيه من أصول الحديث ما يغني قارئيه عن تصفُّح كثير من المطوَّلات الحديثية، وما غادر صغيرة ولا كبيرة إلَّا أحصاها من أصول الفن وفروعه ما غشاها، فكان هذا التعليق خزينة فيها تاريخ وسير، والمسائل الفقهية، وتفسير للآيات القرآنية على ما فسره أصحاب التفسير، فجاء ينادي له بلسان
الحال: هذا هو الذي كانت تنتظر الآمال، فيا له عقد أغلت جواهر عقوده، وأنارت في آفاق التحديث أنجم سعوده، وهبت قبول الإقبال عليه، وأسرعت مسرات الأذكياء من العلماء إليه.
ولما كان حسن النية والإخلاص في العمل من مطامح أنظار العلماء الاعتماد على فضل الله تعالى في إيصال النفع من شعار الأتقياء، تمسك به المولى الهُمام السيد المقدام كدأبه في جميع أعماله، فانتشرت رائحته قبل تمامه في الأكناف، وانطبع حب الانتفاع به قبل طبعه، وتوالى الطلب من الطلاب، وتواتر طلبات أولي العلم من أقطار الأرض وآفاقها، اللهم فاجعله خالصًا لذاتك العلية السنية، واجعل سعي مؤلفه مشكورًا، وجزاءَه جزاءً موفورًا.
وأنا عبده المدعو بمحمد إعزاز علي غفر له ولوالديه.
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
قصيدة مدحية تاريخية تتضمن تاريخ طبع الجزء الأول من التعليق المسمى بالاسم التاريخي "بذل المجهود في مآرب سنن أبى داود"(سنة 1342 هـ) من العلامة الفهَّامة الأديب الأريب، ذي القلب المنيب، الناثر للدرر المنضودة، والناظم للجواهر المنثورة المشرودة، الفاضل الأوحد مولانا الشيخ الحاج المولوي ظفر أحمد التهانوي (1) حفظه الله عن شر الغي والغوى:
يَا قَلْبُ مَا لَكَ طَائِرًا بِسُرورِ
…
مَا لِي أَرَاكَ كَمَيِّتٍ مَنْشُورِ
مَا بَالُ وَجْهِكَ مُشْرِقًا مُتَهَلِّلًا
…
أَرَأَيْتَ وجهَ سُعَادَ بَعْدَ دُهُورِ
حُورِيَّةٌ رَمَتِ الرِّقَابَ بِلَحْظِهَا
…
سَبَتِ الْقُلُوبَ بِشَعْرِهَا الْمَضْفُورِ
أَمْ هَلْ مَرَرْتَ عَلَى مَنَازِلِهَا الَّتي
…
شَاقَتْكَ مِنْ بَيْنِ الذُّرَى وَالدُّورِ
أَمْ هَلْ وَصَلْتَ إلَى سرَادِقِ عِزِّهَا
…
أَوْ شِمْتَ بَرْقَ جَمَالِهَا الْمَسْتُورِ
أَوْ مَرَّ طَيْفُ خَيَالِهَا بِكَ مَوْهنًا
…
أَمْ أَرْسَلَتْ مِنْ عِنْدِهَا بِبَشِيرِ
* * *
مَا لَلظَّلَامِ تَبَدَّلَتْ بِالنُّورِ
…
مَا لِلزَّمَانِ أَتَى بِكُلِّ حُبورِ
(1) العلامة المحقق البحاثة المحدث الفقيه ظفر أحمد بن لطيف أحمد العثماني التهانوي، وُلد في سنة 1310 هـ في ديوبند، الهند، وتخرَّج من جامعة مظاهر علوم سهارنفور، وعين مدرسًا فيها، وأخيرًا انتقل إلى باكستان واستقر فيها، ألَّف مؤلفات عديدة، من أهمها:"إعلاء السنن" في عشرين مجلدًا، توفي- رحمه الله سنة 1394 هـ.
انظر ترجمته في: "العناقيد الغالية"(ص 250)، و"مقدمة قواعد في علوم الحديث" للشيخ عبد الفتاح أبو غدة.
دَعْ عَنْكَ ذِكْرَى سُعَادَ وَالزَّمَنِ الَّذِي
…
مِنِّي مَضى في حُبِّ ذَاتِ خُدُورِ
إنِّي اطَّلَعْتُ عَلَى مَعَالِم طَيْبَةَ
…
وَشَمَمْتُ رِيحَ جَنَابِها الْمِعْطِيرِ
لَمَّا (1) رَأَيْتُ مِنَ الْحَدِيثِ مُؤَلَّفًا
…
كَالْبَدْرِ يَطْلُعُ مِنْ سَهَارَنْبُورِ
خَيْرُ الْكَلَامِ كَلَامُ أَحْمَدَ بَعْدَمَا
…
أَوْحَى الإلَهُ بنَظْمِهِ في السُّورِ
طُوبَى لِحُفَّاظِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِهِ
…
وَالنَّاظِمِينَ لِدُرِّهِ الْمَنْثُورِ
وَالنَّاقِدِينَ سَلِيمَهُ وَسَقِيمَهُ
…
وَالنَّابِذِينَ لِمُفْتَرى بِالزّورِ
وَالنَّاقِلِينَ صِحَاحَهُ وَحِسَانَهُ
…
وَلِمَا تَوَاتَرَ مِنْهُ وَالْمَشْهورِ
وَالْعَامِلِينَ بِهِ لِفِقْهٍ صائِبٍ
…
تَبْعًا لِمُجْتَهِدٍ بِذَاكَ خَبِيرِ
طُوبَى فَقَدْ جَاءَ الْبَشِيرُ لِوَجْهِكُم
…
بِقَمِيصِ يُوسُفَ فَائِحًا بِعَبِيرِ
مَوْلَايَ (2) سَيِّدُنا الْخَلِيلُ الْمُقْتَدَى
…
غَوْثُ الزَّمَانِ بِكُلِّ يَوْمِ ثُبُورِ
زَاكِي النِّجَارِ سُلالَةُ الأَنْصَارِ حُلْو
…
الشَّمَائِلِ جَابِرُ الْمَكْسُورِ
بَحْرُ النَّدَى عَلَمُ الْهُدَى بَطَلُ الْوَغَى
…
يَمْحُو الضَّلَالَ بصَارِمٍ مَشْهُورِ
كَشَّافُ مُعْضَلَةِ الْعُلُومِ بِأَسْرِهَا
…
شَيْخُ الْوَرَى حَلَّالُ كُلِّ عَسِيرِ
مَبْعُوثُ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِدَايَةً
…
لأُولي الضَّلَالِ بسَعْيِهِ الْمَشْكُورِ
وَبِمَا حَبَاهُ كَرَامَةً مِنْ عِنْدِهِ
…
تَاجَ الْولَايَةِ وَالتُّقَى وَالنُّورِ
وَبِآيَةٍ لَاحَتْ لأَرْبَابِ الْحِجَى
…
في ذَاتِهِ وَالنُّطْقِ وَالتَّحْرِيرِ
قَدْ أَسْمَعَتْ كَلِمَاتُه صُمَّ الهَوَى
…
وَبِوَجْهِهِ انْفَتَحَتْ عُيُونُ الْعُوْرِ
رَوِيَ الأَنَام بِفيْضِهِ مُتَوَاتِرًا
…
بَلَغَ الْعُلَى بِجِهَادِهِ الْمَبْرُورِ
أَمْلَى لَنَا شَرْحًا عَلَى سُنَنِ أَبِي
…
دَاوُد مثلَ قِلادَةٍ لِلْحُورِ
فَتَلأْلأَتْ أَنْوَارُ سُنَّةِ أَحْمَد
…
منْهَا نعَمْ وَأَشِعَّةُ التَّفْسِيرِ
أَبْدَتْ شرَائرَ كَانَ أَخْفاهَا الأوَا
…
ئِلُ في الشُّرُوحِ بِأحْسَنِ التَّصْوِيرِ
شَرَحَتْ أَحَادِيثَ الرَّسُولِ بِنُصْرةٍ
…
لأَبِي حَنِيفَة ذِي العُلَى وَالْخِيْرِ
(1) متعلق بـ "اطلعت" في الشعر السابق.
(2)
بدل من "البشير" في الشعر السابق.
جَعَلَتْ وُجُوهَ مُقَلِّدِيه مُنِيرَةً
…
وَطَلَتْ وُجُوهَ أُولِي الْهَوَى بِالقِيرِ
وَاهَا لَهُ مِنْ بَذْل مَجْهُودٍ أَتَى
…
بَيْنَ الشُّرُوحِ كَنَسْمَةٍ في الصُّورِ
مِنْهَا الْحَيَاةُ لِكُلِّ حَقِّ مَيِّتٍ
…
مِنْهَا الْمَمَاتُ لِكُلِّ قَوْل الزُّورِ
فِيهَا الْبَيَاضُ لِكُلِّ قَلْبٍ أَسْوَدٍ
…
فِيهَا السَّوَادُ لِكُلِّ عَيْنٍ ضَرِيرِ
قَالَ الظَّرِيفُ لِعَامِ أَوَّل طَبْعِهِ:
…
"هُوَ خَيْرُ تَأْلِيفِ" مِنَ الْمَنْصُورِ
1342 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صورة ما قرَّظه على هذا الكتاب الإِمام العلَّام، ملاذ العلوم والمعارف، جسر الإِمام والعوارف، مولانا المفضال الأجل القاري الشيخ محمَّد بن أحمد الجمدي المالكي المهاجر في المدينة المنورة - أدامه الله تعالى بمنِّه وأفضاله-.
سيدنا إمام الأئمة، وهادي هداة الأمة، كشاف الحقائق، وكنز الدقائق، شيخ الإِسلام، ومفتي الأنام والمشرف بجوار النبي عليه الصلاة والسلام، ذو النور السرمد والمقام الأوحد والشرق الأصعد، مولانا وأستاذنا الشيخ خليل أحمد- أمد الله في عمره في عافية ونعمة وافية كافية-، آمين. مولاي.
قد طالعتُ شرحكم العظيم وكتابكم الكريم الذي وسمتموه بـ "بذل المجهود في حل أبي داود"، فألفيته يتيمة الدهر، وباكورة العصر، وقرة عين المحدثين، وقرارة صفوة المدرسين، ولقد حققتم ما جاء في الحديث الصحيح:"يحمل هذا العلم من كل خَلَف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين".
فأصبح كتاب أبي داود رحمه الله بشرحكم هذا واضح المسالك، قريب المدارك، سهل المآخذ بين المقاصد إلى ما أودعتموه من حقائق الرواية ودقائق نفائس علم الدراية، حتى غدا كل صاحب مذهب محتاجًا إليه، ومعولًا في الاستدلال عليه، وإن شرحًا هذه صفته يقال فيه: إنه أنجد وأغار وطوى الفيافي والبحار، وبلغ ما بلغه الليل والنهار، ولا شك أنه من فتح الباري، وهداية القاري، وسر الشريعة الساري، ونهر العلوم الجاري، فجزاك الله عن الإِسلام والمسلمين خيرًا، آمين. آمين، والحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وله أخلصه الله لمرضاته في القصيد:
شَرْحُ الإمُامِ خَلِيل أَحْمَد أَشْرَقَتْ
…
قَبْلَ السَّمَاءِ عَلَى الدُّنَا أَنْوَارُهُ
فِيهِ أَبُو دَاوُدَ رَاقَ زُلالُهُ
…
وَتَفَتَّحَتْ لِذَوِي النُّهَى أَزْهَارُهُ
فَعَلَى أُولي الْعِلْمِ الَّذِينَ يَهُمُّهُم
…
عِلْمُ الْحَدِيثِ سَمَاعُه وَمَزَارُه
الْفَتْحُ وَالإرْشَادُ فِيهِ مُحَقَّقٌ
…
وَالنَّيِّرَانِ مَقَرُّهُ وَمَثَارُه
فَاعْكُفْ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَاحْرِصْ عَلى
…
تَأْصِيلِه حَتَّى يَقَرَّ قَرَارُه
سَارَتْ فَوَائِدُهُ مَسِيرَ الشَّمْسِ في
…
كَبِدِ السَّمَاءِ وَصُحِّحَتْ أَخْبَارُه
وَتَكَشَّفتْ أسْتَارُه وَتَوَضَّحَتْ
…
أَسْرَارُه وَتَقَرَّرَتْ آثارُه
نِعْمَ الْمُعِين عَلَى حَديثِ الْمُصْطَفَى
…
يَعْنِي عَلَى أَسْفَارِهِ أَسْفَارُه
وَمَدَارِكُ التَّنْزِيلِ مِنْ إمْدَادِهِ
…
وَجَوَامِعُ الْكُتْبِ الصِّحَاحِ مَدَارُه
وَادْعُ السَّمِيعَ لِمَنْ تَوَلَّى جمْعَهُ
…
بِبَقَائِهِ مَا اسْتُنْزِلَتْ أَسْرَارُهُ
وله أيضًا معلّلًا مما قد سقاه، علَّله الله بكاسات الطهور إذا حباه: الحمد لله الذي شرح صدور خواص العلماء لحفظ شريعته، ووفقهم لبذل مجهودهم في هداية من استهداهم من بريته، والصلاة والسلام على الصفوة من خلقه المبعوث بتيسيره ورفقه صاحب المقام المحمود واللواء المعقود والحوض المورود والجاه الممدود، سيدنا وسيد ولد آدم محمد صلَّى الله عليه وعلى آله، وكل ناسج على منواله، من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فقد مَنَّ عليَّ الكريم الوهَّاب البر التوَّاب بصحبة الإِمام الهمام شيخ مشايخ الإِسلام، العَلَم المفرد، والسند الأوحد، مولانا وأستاذنا الشيخ المحدث الحاج خليل أحمد متَّع الله الوجود بوجوده، وأمد في عمره بمحض كرمه وجوده، فاقتطفت من ثمار مجالسته وفوائد عوائد مؤانسته اطلاعي على شرحه العظيم المسمى بـ "بذل المجهود في حل أبي داود"، فرأيت ما لم أرَ،
وسمعت ما لم أسمع من تحقيق بَهَر العقول، وتدقيق تقف دون مَرامه الفحول، جمع فيه بين وظائف الرواية ومسالك الدراية، وأعطى كلًّا حقه، وألَّف ما تفرَّق في شروح الصحاح، وكتب الرجال، ودواوين فقه أهل المذاهب المعتبرة، ورد شبه أهل الإلحاد، وإقامة الحجج الواضحة على أهل العناد مع اختصار غير مخل، وإيجاز غير ممل.
فالعلامة إذا رآه لا يضعه من يده، والمتعلم لا يمشي إلَّا وهو متأبط به في يقظته ومرقده. فسبحان من وهب لهذا الأستاذ في هذا العصر رقبة الحفاظ المهرة، وسيرة المتقين البررة، نفعنا الله به، وتقبَّل منه، وأثابه أجزل الثواب وأتمه، وأفاد علينا أشمل "الإحسان" وأعمه بمنه وكرمه.
وكتبه الفقير العاجز
محمد بن أحمد العمري المالكي
المهاجر في المدينة المنورة
مهر محمد العمري 1340 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صورة ما نمقه الإِمام العلام الفاضل الأجل، الشيخ محمود الفلاتي أعطاه الله محبته ورضاه:
حَمْدًا لِمَنْ أَسْدَى لَنَا الْمَحْمُودَا
…
بِجِوَارِ مَنْ أَبْدَى لَنَا الْمَسْدُودَا
فِيمَا رَوَاهُ أولئكَ السَّادَاتُ عَن
…
خَيْرِ الْهُدَاةِ النَّافِعِ الْمَوْدُودَا
مِنْ قَوْلِهِ في أُمَّةٍ مِثْلَ الْمَطَرِ
…
نَفْعًا لِيُظْهِرَ سِرَّهَا الْمَعْقُودَا
ذَاكَ الْهُمَامُ خَلِيل أَحْمَدَ مَنْ أَتَى
…
حَرَمَ الرَّسُولِ مُعَلِّمًا مَسْعُودَا
شَهِدَ الْمُعَاصِرُ أَنَّهُ في وَقْتِهِ
…
عَلَمٌ يُقَوِّي دينَنا الْمَمْدودا
وَاللهَ نَسْأَلَ أَنْ يُثَبِّتَ كُلَّنَا
…
بِطَرِيقِ حَقٍّ يُوصِلُ الْمَعْبُودَا
وَالسال جَمْعًا مَا حَكَى ذَا الْقَائِلِ
…
حَمْدًا لِمَنْ أَسْدَى لَنَا الْمَحْمُودَا
مِنْ فَضْلِهِ نَدْعُوهُ أَنْ يَرْضَى عَن الْـ
…
حِبْرِ الْفَرِيدِ بِبَذْلِهِ الْمَجْهُودَا
لَا غِرْوَ في هَذَا الزَّمَانِ بِأَنْ أَتَت
…
فِيهَا شَوَاهِدُ مَنْ يَرَى الْمَفْقُودَا
وَالْفَضْلُ أَوْسَعُ حَيْثُ مَنْ يَأْتِي بِهِ
…
عَدْلٌ يُخَصِّصُ أَهْلَه الْمَشْهُودَا
قَدْ قَامَ يَخْدِمُ لِلْعُلُومِ بِبَاعِهِ
…
وَيَرَاعِهِ كَيْ يُوضِحَ الْمَقْصُودَا
فَالدَّهْرُ صَارَ يُبَاهِي مُذْ بَدَا
…
بَدْرًا يَلُوحُ وَسَيِّدًا مَرْفُودَا
ثُمَّ الصَّلاة مَعَ السَّلامِ عَلَى الَّذِي
…
نَرْجُو بِهِ التَّوْفِيقَ وَالْمَوْعُودَا
مَحْسُوبُكُمْ مَحْمُودُ بنُ أَبِي بَكْرِ الفَلَاتِي
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة عن الكتاب
بقلم محدث الديار المصرية
العلامة المحقق والعارف بالله والمصلح الكبير
فضيلة الشيخ محمد الحافظ التيجاني (1)
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (2)
وطاعة الله عز وجل، العمل بما في كتابه.
وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، امتثال ما أمر به، وحيث إنه صلى الله عليه وسلم هو الذي عهد إليه ربه تبارك وتعالى بأن يبين الكتاب، فقال عز شأنه:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (3).
والبيان يشمل إبلاغه لمن أنزل إليهم من الإنس والجن، وشرحه وإيضاحه.
وقد قال عز شأنه: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ
(1) هو الشيخ العالم محمد الحافظ بن عبد اللطيف بن سالم الحسيني التجاني المصري، وُلد في سنة 1315 هـ، واشتغل بالعلم في الأزهر، وتخرج بمدرسة السيد محمد رشيد رضا، وصحب جملة من العلماء، أخذ عنهم العلوم الإِسلامية، واعتنى بخدمة كتب السنة بالطبع أو التحقيق أو الترتيب، وله في هذا الباع الكبير، توفي في سنة 1398 هـ. انظر ترجمته في:"تشنيف الأسماع"(ص 150 - 154)، و"بلوغ الأماني"(1/ 148).
(2)
سورة النساء: الآية 59.
(3)
سورة النحل: الآية 44.
ثُمَّ لَا يَجِدُوا في أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (1)، وقال عز شأنه:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (2).
وروى الحاكم في "المستدرك"(3) عن الحسن قال: بينما عمران بن حصين يحدث عن سنَّة نبينا صلى الله عليه وسلم، إذ قال له رجل: يا أبا نحيد، حدثنا بالقرآن، فقال له عمران: أنت وأصحابك تقرؤون القرآن، أكنت محدثي عن الصلاة وما فيها، وحدودها؟ أكنت محدثي عن الزكاة في الذهب والإبل والبقر وأصناف المال؟ ولكن قد شهدت وغبت أنت. ثم قال: فرض علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الزكاة كذا وكذا، فقال الرجل: أحييتني أحياك الله.
قال الحسن: فما مات ذلك الرجل حتى صار من فقهاء المسلمين. وقد صححه الحاكم وأقره الذهبي.
وقد ذكر الحافظ ابن القيم في كتاب "إعلام الموقعين"(4) في "باب الاجتهاد فيما لم يوجد فيه نص": قال شعبة بسنده عن معاذ: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن، قال:"كيف تصنع إن عرض لك قضاء؟ " قال: أقضي بما في كتاب الله، قال:"فإن لم يكن في كتاب الله؟ "، قال: فبسنَّهّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"فإن لم يكن في سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ "، قال: أجتهد رأيى ولا آلو، قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدري، ثم قال:"الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم".
قد صحح ابن القيم هذه الرواية، وهذا الحديث في المسند وفي السنن بإسناد جيد. وقد صححه الحافظ ابن كثير في "تفسيره" كذلك.
وأفقه الناس في كتاب الله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين تلقوا عنه التنزيل مباشرة، وبينه لهم صلى الله عليه وسلم، وفقههم فيه.
(1) سورة النساء: الآية 65.
(2)
سورة الأحزاب: الآية 36.
(3)
"المسندرك"(1/ 109) كتاب العلم.
(4)
"إعلام الموقعين"(1/ 220).
روى البخاري (1) عن أبي جحيفة فقال: قلت لعلي: هل عندكم كتاب؟ قال: لا، إلَّا كتاب الله، أو فَهْمٌ أعطيه رجل مسلم، أو ما في هذه الصحيفة. قال: قلت: فما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر.
وروى ابن جرير عن مسروق (2) قال: قال عبد الله -يعني ابن مسعود: والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله، إلَّا وأنا أعلم فيمن نزلت، وأين نزلت، ولو أعلم أحدًا أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته.
وقوله تعالى: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (3)، هم أهل الفقه في الدين، الذين عرفوا استنباط الأحكام من الكتاب والسنَّة، واستجلاء الغوامض منها، وحل مشكلاتها، مع ثبوت القدم في لغة التنزيل لغة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أولي الأمر منكم، يعني أهل الفقه والدين (4). ومن أولي الأمر: الأمراء الذين يحكمون بما أنزل الله، لقوله تعالى:{لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} ، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (5)، وما أنزل الله شامل لما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقضى به الفقهاء على قدر اجتهادهم.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر". رواه الشيخان وأبو داود عن عمرو بن العاص رضي الله عنه (6) -.
(1) انظر: "صحيح البخاري"(111).
(2)
انظر: "تفسير ابن كثير"(1/ 8).
(3)
سورة النساء: الآية 59.
(4)
انظر: "تفسير ابن كثير"(1/ 326).
(5)
سورة المائدة: الآيات 44، 45، 47.
(6)
انظر: "صحيح البخاري"(7352)، و"صحيح مسلم"(1716)، و"سنن أبي داود"(3574)، و"سنن ابن ماجه"(2314).
وقد درج السلف على أن يجتهد كل في العمل بالكتاب والسنَّة بقدر ما أراه الله، وما منحه من فهم في الكتاب والسنَّة. وكانوا يختلفون وهم أحباب. لا يفرض أحد رأيه على الآخرين. ولكن يتفاهمون فيما بينهم، ويرجع بعضهم إلى بعض، ويتراجعون فيما بينهم. ذلك لأن الله نزههم عن العصبية للنفس، والإعجاب بالرأي.
وقد قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (1).
وحفظ كتاب الله تعالى، تكفل الله به عز شأنه. تكفل بحفظه كما أنزل لم يتغير منه حرف، ولم يتطرق إليه زيادة أو نقص.
وحفظه بحفظ مقاصده والمعاني المرادة منه، وذلك بسنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم المبينة له. فإنه لو ترك بلا بيان منه صلى الله عليه وسلم لقال فيه أهل الدعاوي الكاذبة كل ما شاء بما شاء. والكتاب حمَّال ذو وجوه. وإنما تحدد السنَّة المراد منه.
فحفظ الله عز وجل الكتاب بلفظه ومعناه المراد منه ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما استنبطه أهل الحق الأئمة المجتهدون راجع إلى القواعد والأصول التي أصَّلها الله عز وجل في كتابه، وأصَّلها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد انتدب الله عز وجل السَّبَّاقين من حملة العلم- حملة الكتاب والسنَّة- فحرَّروا أقواله صلى الله عليه وسلم، وأفعاله وأحواله، وتقريراته. فجمعوا المسانيد والسنن، وأبعدوا عن السنن الصحيحة ما دَسَّه المزيِّفون، الذين افتروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يعلمون أو يجهلون. ولكل كتاب من كتب السنة مزية خاصة. فـ "الموطأ" مزية، ولـ"مسند الإِمام أحمد" مزية، ولـ "الصحيحين" مزية، ولكل من السنن مزية.
قال الخطابي (2): لم يصنف في علم الدين مثل كتاب السنن لأبي داود. وقد رُزِق القبول من كافة الناس على اختلاف مذاهبهم.
وقال ابن الأعرابي: لو أن رجلًا لم يكن عنده من العلم إلَّا المصحف
(1) سورة الحجر: الآية 9.
(2)
"معالم السنن"(1/ 3).
وهذا الكتاب - يعني "سنن أبي داود" لم يحتج معهما إلى شيء من العلم، أي يكفيه في السنة.
وقد صنَّف علماء الحديث قبله الجوامع والمسانيد ونحوها. فتجمع تلك الكتب إلى ما فيها من السنن والأحكام أخبارًا وقصصًا ومواعظ وآدابًا، فأما السنن المحضة فلم يقصد أحد منهم إفرادها واستخلاصها، ولا اتفق له ما اتفق لأبي داود.
وقد وفق الله عز وجل العالم الرباني، خِرِّيت طرق السنَّة، الجامع للأصول والفروع، الذي نوَّر الله قلبه وباطنه وظاهره، ومولانا الإمام أبا إبراهيم خليل أحمد الأيوبي الأنصاري نسبًا ومحتدًا، والحنفي الرشيدي مشربًا ومذهبًا، والجشتي القادري النقشبندي السهروردي طريقة ومسلكًا، المولود بنانوته في كورة من نواحي سهارنفور بالهند في أواخر صفر سنة تسع وستين ومائتين وألف، والمتوفى سنة ست وأربعين وثلاثمائة وألف من الهجرة بالمدينة المنورة حيث دفن بالبقيع بجوار أهل البيت مجاورًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وفقه لشرحه "سنن أبي داود".
وإذا كان الخط الجميل يدل بوضعه دلالة واقعية بَيِّنة على مهارة كاتبه وإتقانه لفنه، دلالة هي أقوى من الشهادات القولية، فالغوص في بحار معاني السنن، وإخراج مكنوناتها، وبسط مقاصدها، وتوضيح دقائقها، وتقريب فهمها، وجمع المتفرق منها، يدل هذا كله دلالة عملية على نبوغ وثبوت في ميدان المعرفة لمن وفقه الله لذلك.
وأولئك الذين بَيَّنوا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المبينة للقرآن، هم في حقيقة الأمر رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين دعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنضارة، لا نضارة الظاهر فحسب، بل نضارة الظاهر والباطن، نوَّرهم الله. فجعل لهم نورًا في باطنهم يكشفون به حقائق التنزيل، وحقائق البيان والتأويل.
ولقد بات الشافعي رضي الله عنه ليلة يفكر في حديث: "يا أبا عمير ما فعل النغير؟ "، ففهم من هاتين الجملتين الكثير من الأحكام، منها تكنية الصبي الصغير تيمنًا بأنه سيكبر ويكون له ولد، يلاطفه بخطابه بالتصغير، فهو عمر، ولكنه يناديه بعمير. وأن تمكين الصبي من اللهو البريء الذي لا ضرر
فيه أمر تسوغه الشريعة. وأن الرفق بالحيوان مما يحض عليه الشرع. وأن تمهيد أطفال المسلمين للصيد بالطير وغيره من غير إضرار به مما يحسن شرعًا ليتعودوا على الشجاعة من صغرهم، وغير ذلك مما بينه العلماء.
وقد منَّ الله عز وجل على أولي العلم في عصرنا بهذا الجهبذ الموهوب، فكان شافعي زمانه في استنباط المعاني. فأبدى الله على يديه شتى المعاني الدقيقة في الحلل الأنيقة من ألفاظ لغة الكتاب والسنَّة، ذلك الشرح الدال بوضعه على فيض من شآبيب الفضل الإلهي، خصَّه الله به، فزكَّاه وزكَّى عقله وزكى بيانه، فوفقه سبحانه لإزالة ما يبدو لغير المدققين من تعارض في السنَّة، وإزالة ما يشتبه عليهم من مقاصد النبوة مع قوة الحجة، والإنصاف، وأدب العلماء، بعيدًا عن العصبية التي يجنح إليها بعض من حكمت عليهم البيئة أو قيدهم به التقليد بطريق لا يشعرون بها.
فهو- جزاه الله عن نفسه وعن المسلمين خيرًا - إذا سلك مسلك التوفيق بين المتعارضات كان موفقًا، وإذا سلك مسلك الترجيح كان موفقًا مستمسكًا بالقواعد الأصولية، سَبَّاقًا في التأصيل والتفريع. فشرحه وبيانه مثال لوضوح الحق لمن أراد التحقيق والتحرير والإنصاف.
كما أجرى الله سبحانه على يدي وارثه وخليفته مولانا شيخ الحديث حضرة العلامة محمد زكريا بن يحيى الكاندهلوي العلامة الفاضل المدقق المحقق، جمع هذا الكنز وحمله للمسلمين، غذاء لعقولهم وقلوبهم وأرواحهم جامعًا لنور العقل علمًا ويقينًا، والصراط المسقيم عملًا، وللأرواح حالًا وفرقانًا، {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ في الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} (1).
فهذا الشرح لـ "سنن أبي داود" زينة الشروح، وصاحبه زينة الشرَّاح، وهو آية العلم والإخلاص وثمرة التقوى {وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ الله} (2).
(1) سورة الكهف: الآية 82.
(2)
سورة البقرة: الآية 282.
وفي هذا الشرح ترى مسلك مالك في السنن، وروح أبي حنيفة في الاستنباط، وعلم الشافعي في التأصيل والتفريع، وورع أحمد في الاحتياط.
وقد منَّ الله علينا بوجود هذا الكتاب في مكتبتنا من طبعته الأولى الحجرية نعتز به، ونرجع إليه وإخواننا وأهل العلم من الأزهر الشريف وغيره.
وإن أمثالنا يتشرفون بالاعتراف لذوي الفضل بالفضل، وما كان دليله من نفسه فهو أرفع من أن يحتاج إلى دليل.
وإخواننا الدين قاموا بطبع هذا الكتاب وتقديمه للعالم الإِسلامي، في أبهى الحلل وأبهجها، ثمارًا دانية قطوفها، لهم حق الشكر على كل من انتفع بهذا الشرح الذي هو بيان من البيان، وروض جمع الثمار والأزهار، وحجة واضحة وآية من آيات الله التي يظهرها على يد من اصطفاهم من عباده. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
محمد الحافظ التيجاني
القاهرة
يوم الخميس 9 شعبان سنة 1393 هـ
6 سبتمبر/ أيلول سنة 1973 م
بحمد الله وتوفيقه تمَّ الجزء الثالث عشر من "بذل المجهود في حل سنن أبي داود" وبذلك ينتهي الكتاب
ويتلوه إن شاء الله تعالى الجزء الرابع عشر وهو يحتوي على الفهارس الفنية للكتاب.
والحمد لله أولًا وآخرًا، دائمًا وسرمدًا، وصلى الله تعالى على خير خلقه سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وبارك وسلَّم تسليمًا كثيرًا.