الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(110) بابٌ في رَدِّ الْوَسْوَسَةِ
5110 -
حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، نَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نَا عِكْرِمَةُ- يَعْنِي ابْنَ عَمَّارٍ - قَالَ: وَنَا أَبُو زُمَيلٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ: مَا شيءٌ أَجِدُهُ في صَدْرِي؟ قَالَ: مَا هُوَ؟ قُلْتُ: وَاللهِ مَا (1) أَتكلَّمُ بِهِ، قَالَ: فَقَالَ لِي: أَشَيْءٌ مِنْ شَكٍّ؟ قَالَ: وَضَحِكَ، قَالَ: مَا نَجَا أحدٌ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ ..... } (2) الآيةَ
===
(110)
(بابٌ في رَدِّ الْوَسْوَسَةِ)
5110 -
(حدثنا عباس بن عبد العظيم، نا النضر بن محمد، نا عكرمة -يعني ابن عمار- قال: ونا أبو زميل) مصغرًا (قال: سألت ابن عباس فقلت: ما شيء أجده في صدري؟ قال) ابن عباس (ما هو؟ ) أي: أيّ شيء (قلت: والله ما أتكلم به) ما نافية، (قال: فقال لي: أشيء من شك؟ ) أي بطريق الوسوسة (قال: وضحك، قال: ما نجا أحد من ذلك حتى أنزل الله تعالى) في نبيه: ({فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ} الآية)(3).
كتب مولانا محمد يحيى المرحوم في "تقريره": قوله: حتى أنزل الله تعالى: يعني بذلك - والله أعلم - أنه لم ينج من الوسوسة (4) أحد من الناس حتى النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه تعالى أنزل فيه هذه الآية، وفيها دلالة على وسوسته صلى الله عليه وسلم،
(1) في نسخة: "لا".
(2)
زاد في نسخة: "من قبلك".
(3)
سورة يونس: الآية 94.
(4)
وفي تفسير "روح البيان": اعترض اليهودي على النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم لا يوسوسون في العبادة، والمسلمون يوسوسون، فقال عليه السلام للصديق رضي الله عنه: أجب، فقال رجل: أرأيت بيتًا مملوءًا من الذهب والفضة واللؤلؤ وغيرها، وآخر خالٍ خرابٌ في أيهما يدخل اللص؟ فقال اليهودي: في المعمور، قال: فكذلك العدو الشيطان أيش يأخذ من بيتكم الخراب؟ إلخ. (ش).
قَالَ: فَقَالَ لي: إذَا وَجَدْتَ في نَفْسِكَ شَيْئًا فَقُلْ: {هُوَ الأوَلُ والأَخِرُ وَاَلظاهِرُ وَالباطنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيم} .
5111 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، نَا زُهَيْرٌ، نَا سُهَيْلٌ، عن أَبيهِ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابهِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله، نَجِدُ في أَنْفُسِنَا الشَّيْءَ، نُعْظِمُ أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهِ أو الْكَلَامَ بِهِ، مَا نُحِبُّ أَنَّ لَنَا وَأَنَّا تَكَلَّمْنَا بِهِ
===
ولا ضير فيه، فإن الوسوسة من لوازم البشرية فليس فيها كثير ضرر للنبي ولا لغيره، وأما الشك فلا يكون لمؤمن، وهذا التوجيه مبني على أن يكون الخطاب في الآية له صلى الله عليه وسلم لا لغيره، وقد قيل في الآية غير هذا من التوجيهات التي لا تكون الآية على هذه التوجيهات مما نحن فيه، ولم يدر ما كان الشك، ولعله فهم منه ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم:"أن الناس يتساءلون فيقولون: خلق الله الخلق، من خلق الله؟ " وهو الظاهر من ذكره الآية في العلاج، فإنه تعالى لما كان هو الظاهر، والباطن، والأول، والآخر لم يكن قبله شيء، ولا بعده شيء، فلا يكون له خالق، انتهى.
(قال) أبو زميل: (فقال لي) ابن عباس: (إذا وجدت في نفسك شيئًا فقل: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ})(1).
5111 -
حدثنا أحمد بن يونس، نا زهير) بن معاوية، (نا سهيل، عن أبيه) أبي صالح، (عن أبو هريرة قال: جاءه أناس من أصحابه) فيه ذكر الضمير قبل المرجع، ولفظ مسلم (2) أوضح وأصح: عن أبي هريرة قال: "جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم"(فقالوا: يا رسول الله! نجد في أنفسنا الشيء) أي بعض الوسوسة، (نُعظِم أن نتكلم به، أو) للشك من الراوي قال: (الكلام به، ما نحب أنّ لنا وأَنّا تكلمنا به) أي وأن لنا الدنيا وأنا تكلمنا به، ولفظ مسلم:"فسألوه، أنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: أَوَقَد" الحديث.
(1) سورة الحديد: الآية 3.
(2)
"صحيح مسلم"(132).
قَالَ: "أَوَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ "، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: ذَاكَ (1) صَرِيحُ الإيمَانِ. [م 132]
5112 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ قُدَامَةَ بْنِ أَعْيَنَ قَالَا: ثَنَا جَرِيرٌ، عن مَنْصُورٍ، عن زِرٍّ (2)، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أَحَدَنَا يَجِدُ في نَفْسِهِ - يُعَرَّضُ بِالشَّيءِ- لأَنْ يَكُونَ
===
(قال) صلى الله عليه وسلم: (أو قد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان).
قال الخطابي (3): معناه أن صريح الإيمان هو الذي يمنعكم من قبول ما يلقيه الشيطان في أنفسكم، والتصديق به، حتي يصير ذلك وسوسة لا يتمكن من قلوبكم، ولا تطمئن إليه أنفسكم، وليس معناه أن الوسوسة نفسها صريح الإيمان، وذلك لأنها إنما تتولد من فعل الشيطان وتسويله، وكيف يكون إيمانًا صريحًا، وقد روي في حديث آخر أنهم لما شكوا إليه ذلك قال:"الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة".
وقال النووي (4): معناه استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه، ومن النطق به فضلًا عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالًا محققًا، وانتفت عنه الريبة والشكوك.
5112 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة وابن قدامة بن أعين قالا: ثنا جرير، عن منصور، عن زر، عن عبد الله بن شداد، عن ابن عباس قال: جاء رجل) لم أقف على تسميته (إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن أحدنا يجد في نفسه، يُعَرَّضُ) بصيغة المبني للمفعول أي من الوسوسة الشيطانية (بالشيء، لأن يكون)
(1) في نسخة: "ذلك".
(2)
في نسخة: "ذر".
(3)
معالم السنن (4/ 147).
(4)
"شرح صحيح مسلم" للنووي (1/ 433).