الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(21) بَابٌ في الرُّؤيَةِ
===
(21)
(بَابٌ في الرُّؤيَةِ)
أي رؤية الله تعالى سبحانه في القيامة (1)، فيثبتها أهلُ السنَّة والجماعة، لما ورد فيها من الأخبار الصحاح (2)، وأما المعتزلة والجهمية فيُنكرونها (3)
(1) وأما رؤيته تعالى في الدنيا ورؤيته صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء فخِلافية، ذكرها صاحب "الجمل"(4/ 225، 226) مختصرًا، وكذا في "الخازن"، حاصله: أنه أنكرته عائشة وابن مسعود، وأثبته أنس والحسن وعكرمة بالبصَر، وابن عباس وغيره بالقلْب، ورجح هو هذا الثالث، وقال "شارح العقائد" (ص 75): الصحيح أنه عليه السلام رآه بقلْبه، والبسط في "الشفاء"(1/ 257 - 269) وشروحه، ورجح القاري "في شرح الشفاء": أن الرؤية للصفات لا للذات، وقال في "شرح الفقه الأكبر"، (ص 184): الصحيح ما في "شرح العقائد": أنه رآه بقلبه، وهكذا في "التفسير الأحمدي"، واختار مولانا التهانوي في "بيان القرآن" التوقف، وفي "نشر الطيب": رؤية البصر، وبسط الحافظ (8/ 607 - 609) في تفسير سورة "النجم"، واختار في "فتح الملهم" (1/ 336): أنه رآه مرةً بقلْبه ومَرَّةً ببصَره، وبسط الاختلافَ في "المرقاة"(9/ 619 - 621)، و"الفتاوى الحديثية"(ص 199 - 201) لابن حجر، وذكر (ص 286، 287): هل يراه المؤمنات أيضًا أم لا؟ والملائكةُ والأُمَمُ السالفة أيضًا أم لا؟ .
ثم اختلفوا في أفضلية السمْع والبصَر، وبسط الرازي (6/ 257، 258) في دلائلهما، منها: أن رؤيته تعالى لا يمكن في الدنيا، والسمع منه يمكن، كذا فضل السمع ابن حجر في "الفتاوى الحديثية"(ص 110، 111). (ش).
(2)
بسط الرازي (5/ 99 - 104، 10/ 730 - 733) في دلائل أهل السنَّة إبطال دلائل المعتزلة أشد البسط تحت قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: 103]، وتحت قوله تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22، 23]، وراجع:"تأويل مختلف الحديث"(ص 240 - 244). (ش).
(3)
ومبنى إنكارهم الاختلافُ في معنى الرؤية وحقيقتها، كما بسط في "الإكمال"(1/ 526، 542 - 544)، كذا في "الأوجز"(17/ 115)، فلما كان الرؤية عندهم انبعاث المقابل، وعلى هذا يلزم الجهة لله تعالى أنكروا الرؤية، وعندنا لا يحتاج إلى المقابل فلا إحالة، وبسط الكلام على ذلك العيني والرازي (4/ 61، 10/ 589، 13/ 350، 351) في "تفسيره" أشد البسط، وصاحب "الجمل"(2/ 72) مختصرًا، وكذا أجمل صاحب "الخازن"، وذكر الروايات في ذلك السيوطي في "الدر المنثور"(3/ 335، 336). (ش).
4729 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أبي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ وَوَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أبي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أبي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جُلُوسًا فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَقَالَ:«إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا لَا تُضَامُّونَ في رُؤْيَتِهِ. فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا» . ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} . [خ 554، م 633، ت 2551، جه 177، حم 4/ 360]
===
4729 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا جرير ووكيع وأبو أسامة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوسًا) أي جالسين (فنظر إلى القَمَر لَيْلَةَ البَدْر)، والبَدْر: القمر الممتلئ بسكون الدال (ليلةَ أربعَ عَشرة، فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنكم سترَوْن ربَّكم) في القيامة (كما تَرَون هذا) أي البَدْر (لا تُضامُّون) أي لا تُزاحمون (في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تُغلبوا) في الدنيا ببناء المجهول (على صلاة قبل طلوع الشمس) أي صلاة الفجر (وقبل غروبها) أي صلاة العصر، لأن الوقتين تَتَعاقبُ فيهما الملائكَةُ، أو لأن وقتَ صلاة الصبح وقتُ لذيذ النوم، وصلاةَ العصر وقتُ الاشتغال في التجارة، ولا يَغلبنَّكم الشيطانُ حتى تَتْركوها أو تُؤخِّروها. (فافْعلوا، ثم قرأ هذه الآية: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا})(1).
قال البيهقي: قال الشيخ الإِمام أبو الطيب الصعلوكي: معنى قوله: "لا تُضامُّون" لا تَجْتمِعون لرؤيته في جهة، ولا يَضُمُّ بعضُكم إلى بعضٍ، ومعناه بفتح التاء كذلك، والأصل لا تتضامون في رؤيته باجتماع في
(1) سورة طه: الآية 130.
4730 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أبي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ، عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ نَاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَرَى رَبَّنَا عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ:«هَلْ تُضَارُّونَ في رُؤْيَةِ الشَّمْسِ في الظَّهِيرَةِ لَيْسَتْ (1) في سَحَابَةٍ؟ » ، قَالُوا: لَا، قَالَ:«هَلْ تُضَارُّونَ في رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ في سَحَابَةٍ؟ » ، قَالُوا: لَا، قَالَ:«وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَا تُضَارُّونَ في رُؤْيَتِهِ إلَّا كَمَا تُضَارُّونَ في رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا» . [م 2968،
ت 2554، جه 178، حم 2/ 389، 492]
===
جهه، وبالتخفيف من الضَّيم، ومعناه لا تظلمون فيه برؤية بعضكم دون بعض، فإنكم تَرَونه في جهاتكم (2)، وهو متعالٍ عن الجهة، والتشبيه برؤية القَمَر للرؤية، دون تشبيه المرئي تعالى الله عن ذلك، قاله الحافظ في"الفتح"(3).
4730 -
(حدثنا إسحاق بن إسماعيل، نا سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه) أبي صالح (أنه) أي سهيلًا (سمعه) أي أباه (يحدث، عن أبي هريرة قال: قال نَاسٌ: يارسول الله، أنرَى ربَّنا عز وجل يوم القيامة؟ قال) رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (هل تُضارُّوْن) أصله: تُضارِرُون، أي تُصابون بالضَّرر (في رؤية الشمس في الظهيرة ليست) أي الشمس (في سحابة؟ قالوا: لا، قال) رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:(هل تُضارُّون في رؤية القمر ليلَة البَدْر ليس في سحابة؟ قالوا: لا، قال) صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده، لا تُضارُّون في رؤيته) سبحانه وتعالى (إلَّا كما تُضارُّون في رؤية أحدهما) أي من الشمس والقمر، فإنهما لا تضارُّون في رؤيتهما مطلقًا، فكذلك لا تُضارُّون في رؤية الله سبحانه وتعالى.
(1) في نسخة: "وليست".
(2)
في الأصل: "في حياتكم"، وهو تحريف.
(3)
"فتح الباري"(13/ 427) رقم الحديث (7434).
4731 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، (ح): وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، الْمَعْنَى، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعٍ - قَالَ مُوسَى: ابْنُ حُدُسٍ - عَنْ أبي رَزِينٍ - قَالَ مُوسَى: الْعُقَيْلِيُّ - قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكُلُّنَا يَرَى رَبَّهُ؟ قَالَ ابْنُ مُعَاذٍ: مُخْلِيًّا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَا آيَةُ ذَلِكَ في خَلْقِهِ؟ قَالَ:«يَا أَبَا رَزِينٍ، أَلَيْسَ كُلُّكُمْ يَرَى الْقَمَرَ» ؟ - قَالَ ابْنُ مُعَاذٍ: «لَيْلَةَ الْبَدْرِ مُخْلِيًّا بِهِ» ، ثُمَّ اتَّفَقَا قُلْتُ بَلَى. قَالَ:«فَاللَّهُ أَعْظَمُ» . قَالَ ابْنُ مُعَاذٍ: قَالَ: «فَإِنَّمَا هُوَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، فَاللَّهُ أَجَلُّ وَأَعْظَمُ» . [جه 180، حم 4/ 11]
===
4731 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل، نا حماد، ح: ونا عبيد الله بن معاذ، نا أبي، نا شعبة، المعنى) أي معنى حديد حماد وشعبة واحد، (عن يعلي بن عطاء، عن وكيع، وقال موسى) شيخ المصنف في صفة وكيع: (ابنِ حُدُسٍ)(1) ولم يَزِدْ حماد (2): لفظ "ابن حُدُس" بعد وكيع، (عن أبي رزين، قال موسى) شيخ المصنف: (العُقيلي) ولم يزد هذا اللفظ ابن معاذ.
(قال: قلتُ: يا رسول الله، أكلُّنا يَرى ربَّه؟ قال ابن معاذ) أي عبيد الله شيخ المصنف: (مَخْلِيًّا به يوم القيامة) أي منفردًا به لا يزاحمه أحدٌ، ولم يزد هذا اللفظ أي دم "مَخْليًّا به" موسى بن إسماعيل شيخ المصنف، (وما آيةُ) أي علامة (ذلك في خلقه؟ قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(يا أبا رَزين، أليس كلُّكم يرَى القمر؟ قال ابن معاذ) أي عبيد الله: (ليلة البدر مَخْلِيًّا به) أي متفردًا برؤيته (ثم اتفقا) أي موسى وابن معاذ شيخا المصنف (قلت: بلى، قال: فالله أعظم، قال ابن معاذ: قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإنما هو) أي القمر (خَلْق من خَلْق الله، فالله أجلُّ وأعظمُ).
(1) قلت: هو وكيع بن حُدُس أو عُدُس، لم يسبق له حديث في "السنن" ولا ترجمة له في، "لبذل"، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن قتيية في "اختلاف الحديث": غير معروف، وقال ابن القطان: مجهوله الحاله. "تهذيب التهذيب"(11/ 131).
(2)
قلت: الظاهر بدله: ولم يزد ابن معاذ.
(1)
4732 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أبي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ (2) ، أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ أَخْبَرَهُمْ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ قَالَ: قَالَ سَالِمٌ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَطْوِى اللَّهُ تعالى السَّمَوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ ثُمَّ يَطْوِى (3) الأَرَضِينَ ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ» . قَالَ ابْنُ الْعَلَاءِ: «بِيَدِهِ الأُخْرَى ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ » . [م 2788، جه 198]
4733 -
حَدَّثَنَا (4) الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أبي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَنْ أبي عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ، عَنْ أبي هُرَيْرَةَ
===
4732 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء، أن أبا أسامة أخبرهم، عن عمر بن حمزة قال: قال سالم: أخبرني عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَطوي الله تعالى السمواتِ يومَ القيامة، ثم يأخذهن بيده اليُمنى) وكلتا يديه يمين، (ثم يقول: أنا الملِكُ، أين الجَبَّارُون؟ أين المتكبِّرون؟ ) الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق، (ثم يَطوي الأرضين، ثم يأخذهن).
(قال ابن العلاء) شيخ المصنف: (بيده الأخرى، ثم يقول: أنا الملِكُ، أين الجبَّارُون؟ أين المتكبِّرون؟ ).
4733 -
(حدثنا القَعْنبيُّ، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وَعن أبي عبد الله الأغرَّ) عطفت على "عن أبي سلمة"، فابنُ شهاب يروي عنهما، يغني أباسلمة وأبا عبد الله الأغرّ، وهما يرويان (عن أبي هريرة،
(1) زاد في نسخة: "باب في الرد على الجهمية".
(2)
زاد في نسخة: "قالا".
(3)
زاد في. نسخة: "الله".
(4)
زاد في نسخة: "عبد الله بن مسلمة".