المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(9) باب في الخلفاء - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ١٣

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(34) أَوَّلُ كتَابِ السُّنَّةِ

- ‌(1) بَابُ شَرْحِ السُّنَّةِ

- ‌(3) بَابُ مُجَانبُةِ أَهْلِ الأَهْوَاءِ وَبُغْضِهِمْ

- ‌(4) بَابُ تَرْكِ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الأَهْوَاءِ

- ‌(5) بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْجِدَالِ في الْقُرْآنِ

- ‌(6) بَابٌ في لُزُومِ السُّنَّةِ

- ‌(7) بَابُ مَنْ دَعَا إلَى السُّنَّةِ

- ‌(8) بابٌ في التَّفْضيل

- ‌(9) بَابٌ في الْخُلَفَاءِ

- ‌(10) بَابٌ في الْخُلَفَاءِ

- ‌(11) بَابٌ في فَضْلِ أَصْحَابِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) بَابٌ في النَّهْيِ عن سَبِّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(13) بَابٌ في اسْتخِلَافِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه

- ‌(14) بَابُ مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ في الْفِتْنَةِ

- ‌(15) بَابٌ في التَّخْيِيرِ بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ عليهم السلام

- ‌(16) بَابٌ في رَدِّ الأرْجَاءِ

- ‌(17) بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ

- ‌(18) بابٌ في القدرِ

- ‌(19) بابٌ فِي ذَرَارِيِّ الْمُشْرِكِينَ

- ‌(20) بابٌ في الْجَهْمِيَّةِ

- ‌(21) بَابٌ في الرُّؤيَةِ

- ‌(22) بابٌ في القُرآنِ

- ‌(23) بابٌ في ذِكْرِ الْبَعْثِ وَالصُّورِ

- ‌(24) بَابٌ في الشَّفَاعَةِ

- ‌(25) بابٌ في خَلْقِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ

- ‌(26) بابٌ: في الْحَوْضِ

- ‌(27) بابٌ في الْمَسْأَلَةِ في الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ

- ‌(28) بابٌ فِى ذِكْرِ الْمِيزَانِ

- ‌(29) بابٌ فِى الدَّجَّالِ

- ‌(30) بابٌ في قتل الخوارج

- ‌(31) بابٌ في قِتَالِ اللُّصُوصِ

- ‌(35) أَوَّلُ كِتَابِ الأدَبِ

- ‌(1) بابٌ في الْحِلْمِ وَأَخْلَاقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(2) بابٌ في الوقار

- ‌(3) (بَابُ مَنْ كَظَمَ غَيْظًا)

- ‌(4) (بابٌ في التجاوز)

- ‌(5) بابٌ في حُسْنِ الْعِشْرَةِ

- ‌(6) بابٌ فِى الْحَيَاءِ

- ‌(7) بابٌ في حسن الخُلُق

- ‌(8) بابٌ فِى كَرَاهِيَّةِ الرِّفْعَةِ فِى الأُمُورِ

- ‌(9) بابٌ فِى كَرَاهِيَّةِ التَّمَادُحِ

- ‌(10) بابٌ فِي الرِّفْقِ

- ‌(11) بابٌ فِى شُكْرِ الْمَعْرُوفِ

- ‌(12) بابٌ في الْجُلُوسِ فِى الطُّرُقَاتِ

- ‌(13) بابٌ في الْجُلُوسِ بَيْنَ الشَّمْس والظِّلِّ

- ‌(14) بابٌ في التَّحَلُّقِ

- ‌(15) (بَابٌ في الرُّجُلِ يَقُومُ لِلرَّجُلِ مِنْ مَجْلِسِهِ)

- ‌(16) بابُ مَنْ يُؤْمَرُ أَنْ يُجَالَسَ

- ‌(17) بابٌ في كَرَاهِيَةِ الْمِرَاءِ

- ‌(18) بابُ الْهَدْىِ في الْكَلَامِ

- ‌(19) بابٌ في الْخُطْبَةِ

- ‌(20) بَابٌ في تَنْزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُمْ

- ‌(21) بابٌ في الرَّجُلِ يَجْلِسُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ بِغَيْرِ إِذْنِهِمَا

- ‌(22) بَابٌ في جُلُوسِ الرَّجُلِ

- ‌(23) بابٌ في السَّمَرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ

- ‌(24) بابٌ في الرَّجُلِ يَجْلِسُ مُتَرَبِّعًا

- ‌(25) بابٌ في التَّنَاجِي

- ‌(26) (بَابُ إذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثمَّ رَجَعَ)

- ‌(27) بابٌ في كَفَّارَةِ الْمَجْلِسِ

- ‌(28) بابٌ في رَفْعِ الْحَدِيثِ مِنَ الْمَجْلِسِ

- ‌(29) بابٌ في الْحَذَرِ مِنَ النَّاسِ

- ‌(30) بابٌ في هَدْىِ الرَّجْلِ

- ‌(31) بابٌ في الرَّجُلِ يَضَعُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى

- ‌(32) بابٌ في نَقْلِ الْحَدِيثِ

- ‌(33) بابٌ في الْقَتَّاتِ

- ‌(34) بَابٌ في ذِي الْوَجْهَيْنِ

- ‌(35) بابٌ في الْغِيبَةِ

- ‌(36) بَابُ الرَّجُل يَذُبُّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ

- ‌(37) (بَابٌ في التَّجَسُّس)

- ‌(38) بابٌ في السَّتْرِ عَنِ الْمُسْلِمِ

- ‌(39) بَابُ الْمُؤَاخَاة

- ‌(40) باب الْمُسْتَبَّانِ

- ‌(41) باب في التَّوَاضُعِ

- ‌(42) بابٌ في الاِنْتِصَارِ

- ‌(43) بابٌ في النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الْمَوْتَى

- ‌(44) بَابٌ فِي النَّهْي عَنِ الْبَغْيِ

- ‌(45) بَابٌ فِي الْحَسَدِ

- ‌(46) (بَابٌ فِي اللَّعْنِ)

- ‌(47) بابٌ فِيمَنْ دَعَا عَلَى ظالمه

- ‌(48) بَابٌ في هِجْرَةِ الرَّجُلِ أَخَاهُ

- ‌(49) بابٌ في الظنِّ

- ‌(50) بابٌ في النَّصِيحَةِ

- ‌(51) بابٌ في إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ

- ‌(52) بابٌ في الْغِنَاءِ

- ‌(53) باب كَرَاهِيَةِ الْغِنَاءِ وَالزَّمْرِ

- ‌(54) بابٌ في الْحُكْمِ في الْمُخَنَّثِينَ

- ‌(55) بابٌ في اللَّعِبِ بِالْبَنَاتِ

- ‌(56) بابٌ في الأُرْجُوحَةِ

- ‌(57) بابٌ في النَّهْيِ عَنِ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ

- ‌(58) بابٌ في اللَّعِبِ بِالْحَمَامِ

- ‌(59) بابٌ في الرَّحْمَةِ

- ‌(60) بابٌ في النَّصِيحَةِ

- ‌(61) بابٌ في الْمَعُونَةِ لِلْمُسْلِمِ

- ‌(62) بابٌ في تَغْيِيرِ الأَسْمَاءِ

- ‌(63) بابٌ في تَغْيِيرِ الاِسْمِ الْقَبِيحِ

- ‌(64) بابٌ في الأَلْقَابِ

- ‌(65) (بَابٌ فِيمَنْ يَتَكَنَّى بِـ"أَبِي عِيسْى

- ‌(66) بابٌ في الرَّجُلِ يَقُولُ لاِبْنِ غَيْرِهِ: "يَا بُنَيَّ

- ‌(67) بابٌ في الرَّجُلِ يَتَكَنَّى بِـ "أَبِي الْقَاسِمِ

- ‌(68) بابٌ فيمنْ رَأَى أَنْ لَا يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا

- ‌(69) بابٌ في الرُّخْصَةِ في الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا

- ‌(70) بابٌ في الرَّجُلِ يَتَكَنَّى وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ

- ‌(71) بابٌ في الْمَرْأَةِ تُكَنَّى

- ‌(72) بابٌ في الْمَعَارِيضِ

- ‌(73) (بابٌ في "زَعموا

- ‌(74) بابٌ في الرَّجَلِ يَقُولُ في خُطْبَتِهِ: أَمَّا بَعْدُ

- ‌(75) بابٌ في الْكَرْمِ، وَحِفْظِ الْمَنْطِقِ

- ‌(76) بَابُ لَا يَقُولُ الْمَمْلُوكُ: ربِّي، وَرَبَّتي

- ‌(78) بابٌ في صلَاةِ الْعَتَمَةِ

- ‌(79) (بَابٌ في مَا روِيَ مِنَ الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ)

- ‌(80) بَابُ التَّشْدِيدِ في الْكَذِبِ

- ‌(81) بَابٌ في حُسْنِ الظَّنِّ

- ‌(82) بَابٌ في الْعِدَةِ

- ‌(83) (بابٌ فِيمَنْ يَتَشَبَّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ)

- ‌(84) بَابُ مَا جَاءَ في الْمُزَاحِ

- ‌(85) بَابُ مَنْ يأْخُذ الشَّيءَ مِنْ مُزَاحٍ

- ‌(86) بَابُ مَا جَاءَ في التَّشَدُّقِ في الْكَلَامِ

- ‌(87) بَابُ مَا جَاء فِي الشِّعْرِ

- ‌(88) بَابُ مَا جَاءَ في الرُّؤْيَا

- ‌(89) بَابٌ في التَّثاؤُبِ

- ‌(90) بابٌ في الْعُطَاسِ

- ‌(91) (بابٌ: كيْفَ تَشْمِيت الْعَاطِس)

- ‌(92) بَابٌ كمْ يُشَمِّتُ الْعَاطِسُ

- ‌(93) بَابٌ كَيْفَ يُشَمَّتُ الذِّمِّيُّ

- ‌(94) بَابٌ فِيمَنْ يَعْطِسُ وَلَا يَحْمَدُ اللَّه

- ‌(95) بَابٌ في الرَّجُلِ يَنبطِحُ عَلَى بَطْنِهِ

- ‌(96) (بَابٌ في النَّوْمِ عَلَى سَطْحٍ لَيْسَ عَلَيْهِ حِجَار)

- ‌(97) بَابٌ في النَّوْمِ عَلَى طَهَارةٍ

- ‌(99) (بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ النَّوْمِ)

- ‌(100) بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إذَا تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌(101) بابٌ في التَّسْبِيحِ عِنْدَ النَّوْمِ

- ‌(102) بَابُ مَا يَقُولُ إذَا أَصْبَحَ

- ‌(103) بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إذَا رَأَى الْهِلَالَ

- ‌(104) بَابُ مَا جَاء فِيمَنْ دَخَلَ بَيْتَهُ مَا يَقُولُ

- ‌(105) (بابُ مَا يَقُولُ إذَا هَاجَت الرِّيحُ)

- ‌(107) بابٌ في الدِّيكِ وَالْبَهَائِمِ

- ‌(106) (بَابٌ في الْمَطَرِ)

- ‌(108) (بابٌ في الْمَوْلُودِ يُوَذَّنُ في أُذُنِهِ)

- ‌(109) بابٌ في الرَّجُلِ يَسْتَعِيذُ مِنَ الرَّجُلِ

- ‌(110) بابٌ في رَدِّ الْوَسْوَسَةِ

- ‌(111) بابٌ في الرَّجُلِ يَنْتَمِي إلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ

- ‌(112) بَابٌ في التَّفَاخُرِ بِالأَحْسَابِ

- ‌(113) بَابٌ في الْعَصَبِيَّةِ

- ‌(114) (بَابُ الرَّجُلِ يُحِبُّ الرَّجُلَ عَلَى خيرٍ يَرَاهُ)

- ‌(115) بابٌ في الْمَشُورَةِ

- ‌(116) بَابٌ في الدَّالِّ عَلَى الْخَيْرِ

- ‌(117) بَابٌ في الْهَوَى

- ‌(118) بَابٌ في الشَّفَاعَةِ

- ‌(119) (بابٌ في الرَّجُلِ يَبْدَأُ بِنَفْسِهِ في الْكِتَابِ)

- ‌(120) بابٌ كيْفَ يَكْتُبُ إلَى الذِّمِّيِّ

- ‌(121) بَابٌ في بِرِّ الْوَالِدَيْنِ

- ‌(122) بابٌ في فَضْلِ مَنْ عَالَ يَتَامَى

- ‌(123) (بابٌ في مَنْ ضَمَّ يتَيمًا)

- ‌(124) بابٌ في حَقِّ الْجِوَارِ

- ‌(125) بَابٌ في حَقِّ الْمَمْلُوكِ

- ‌(126) بابٌ في الْمَمْلُوكِ إذَا نَصَحَ

- ‌(127) بَابٌ فِيمَنْ خَبَّبَ مَمْلُوكًا عَلَى مَوْلَاهُ

- ‌(128) بابٌ في الاسْتِئْذَانِ

- ‌(129) بَابٌ كَمْ مَرَّةً يُسَلِّمُ الرَّجُلُ في الاسْتِئْذَانِ

- ‌(130) بَابٌ في الرَّجُلِ يدْعَى أَيَكُونُ ذَلِكَ إذُنهُ

- ‌(131) بَابٌ في الاسْتِئْذَانِ في الْعَوْرَاتِ الثَّلاثِ

- ‌(132) بَابُ إفْشَاءِ السَّلَامِ

- ‌(133) بَابٌ: كَيْفَ السَّلَامُ

- ‌(134) بابٌ في فَضْلِ مَنْ بَدَأَ بِالسَّلَامِ

- ‌(135) بَابُ مَنْ أَوْلَى بِالسَّلَامِ

- ‌(136) بَابٌ في الرَّجُلِ يُفَارِقُ الرَّجُلَ ثُمَّ يَلْقَاهُ، أَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ

- ‌(137) بَابٌ في السَّلَامِ عَلَى الصِّبيان

- ‌(138) بابٌ في السَّلامِ عَلَى النِّسَاءِ

- ‌(139) بابٌ في السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ

- ‌(140) بابٌ في السَّلَامِ إذَا قَامَ مِنَ الْمَجْلِسِ

- ‌(141) بابٌ في كَرَاهِيَّةِ أَنْ يَقُولَ: "عَلَيْكَ السَّلَامُ

- ‌(142) (بَابُ مَا جَاءَ في رَدٍّ واحدٍ عَنِ الْجَمَاعَةِ)

- ‌(143) بَابٌ في الْمُصَافَحَة

- ‌(144) بَابٌ في الْمُعَانَقَةِ

- ‌(145) (بابٌ في الْقِيَامِ)

- ‌(146) بَابٌ فَي قُبْلَةِ الرَّجُلِ وَلَدَه

- ‌(147) بَابٌ في قُبْلَةِ مَا بَيْنَ الْعَيْنينِ

- ‌(148) بابٌ في قُبْلَةِ الْخَدِّ

- ‌(149) بابٌ في قُبْلَةِ الْيَدِ

- ‌(150) بَابٌ في قُبْلَةِ الْجَسَدِ

- ‌(151) بَابُ قُبْلَةِ الرِّجْل

- ‌(152) بابٌ في الرَّجُلِ يَقُولُ: "جَعَلني اللَّه فِدَاكَ

- ‌(153) بابٌ في الرَّجُلِ يَقُولُ: "أَنْعَمَ الله بِكَ عَيْنًا

- ‌(154) بَابٌ في الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: "حَفِظَكَ الله

- ‌(156) بابٌ في الرَّجُلِ يَقولُ: "فُلَانٌ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ

- ‌(158) بَابٌ في الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: "أَضْحَكَ الله سِنَّكَ

- ‌(159) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبِنَاءِ

- ‌(160) بابٌ في اتِّخَاذِ الْغُرَفِ

- ‌(161) بَابٌ في قَطْعِ السِّدْرِ

- ‌(162) بابٌ في إمَاطَةِ الأَذَى

- ‌(163) بَابٌ في إطْفَاءِ النَّارِ بِاللَّيلِ

- ‌(164) بابٌ في قَتْلِ الْحَيَّاتِ

- ‌(165) بَابٌ في قَتْلِ الأَوْزَاغِ

- ‌(166) بَابٌ في قَتْلِ الذَّرِّ

- ‌(167) بابٌ في قَتْلِ الضِّفْدَع

- ‌(168) بَابٌ في الْخَذْفِ

- ‌(169) بابٌ في الْخِتَان

- ‌(170) (بابُ ما جاء في مَشْيِ النِّسَاء في الطَّرِيقِ)

- ‌(171) بابٌ في الرَّجُلِ يَسُبُّ الدَّهْرَ

- ‌خاتمة الطبع

- ‌تقاريظ الكتاب

الفصل: ‌(9) باب في الخلفاء

الْخُلَفَاءُ خَمْسَةٌ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رضي الله عنهم.

(9) بَابٌ في الْخُلَفَاءِ

4632 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِس، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ مُحَمَّد: كَتَبْتُهُ مِنْ كِتَابِهِ قَالَ: أَنَا مَعْمَرٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلًا أَتَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ (1) صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إنِّي أَرَى اللَّيْلَةَ ظُلَّةً يَنْطِفُ مِنْهَا السَّمْنُ وَالْعَسَلُ، فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ بِأَيْدِيهِمْ،

===

الخلفاء خمسة) أي على سيرة النبوة والخلافة الراشدة (أبو بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعلي، وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم)، وهذا ليس بطريق الحصر، فإن مفهوم العدد لا يعتبر.

(9)

(بَابٌ في الْخُلَفَاءِ)(2)

4632 -

(حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا عبد الرزاق، قال محمد) بن يحيى بن فارس: (كتبته) أي هذا الحديث (من كتابه) وإنما أطلق عليه "حدثنا" مجازًا، (قال: أنا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: كان أبو هريرة يحدث أن رجلًا (قال الحافظ)(3): لم أقف على تسميته (أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال) أي الرجل: (إني أرَى الليلةَ ظُلَّةً) أي سَحابة (يَنْطِف) أي يقطر (منها السَّمْنُ والعَسَلُ، فَأَرَى الناسَ يتكفَّفون بأيديهم) أي يأخذونه بإكفهم

(1) في نسخه: "النبي".

(2)

يقال: إن الأَنهار الأربعة في قوله تعالى: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} الآية [15] في سورة محمد مفسرة بالخلفاء الأربعة، ولذا رُوي في عمر- رضي الله عنه اللبن في منامه عليه السلام، كذا في "الكوكب الدري"(3/ 202). (ش).

(3)

"فتح الباري"(12/ 433).

ص: 41

فَالْمُسْتَكثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَأَرَى سَبَبًا وَاصِلًا مَن السَّمَاءِ إلَى الأَرْضِ، فَأَرَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ بهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ، ثُمًّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ، ثُمَّ وُصِلَ فَعَلَا بِهِ.

قَالَ (1) أَبُو بَكْرٍ: بِأَبِي وَأُمّي لَتَدَعَنِّي فَلأَعْبُرُنَّهَا (2)، فَقَالَ: اعْبُرْهَا.

فَقَالَ: أَمَّا الظُّلَّةُ: فَظُلَّةُ الإسْلام، وَأَمَّا مَا يَنْطِفُ مِنَ السَّمْنِ وَالْعَسَلِ: فَهُوَ الْقُرْآنُ لِينُهُ وَحَلَاوَتُهُ، وَأَمَّا الْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ: فَهُوَ الْمُسْتَكْثِرُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْمُسْتَقِلُّ مِنْهُ. وَأَمَا السَّبَبُ الْوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إلَى الأَرْضِ: فَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ تَأخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللهُ، ثُمَّ يأخذُ بِهِ

===

(فالمُستكثِرُ والمستقِلُّ) أي بعض منهم الآخذ كثيرًا، ومنهم من يأخذ قليلًا.

(وأرَى سببًا) أي حبلًا (واصلًا من السماء إلى الأرض، فأراك يا رسول الله أخذتَ به فعلوتَ به، ثم أخذ به رجلٌ آخرُ) وهو أبو بكر (فَعَلا به، ثم أخذ به رجلٌ آخر) وهو عمر (فَعَلا به، ثم أخذ به رجلٌ آخرُ) وهو عثمان (فانقطع، ثم وُصِل فَعَلا به).

(قال أبو بكر: بأبي وأمي) أي أنت مفديٌّ بأبي وأمي (لتَدَعَنِّي) أي لتأذنني (فلأعْبُرُنها، فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اُعبرْها).

(فقال: أما الظُّلَّة: فظُلَّة الإِسلام، وأما ما ينطف من السمن والعسل: فهو القرآن لِينه وحلاوتُه، وأما المُسْتَكْثِرُ والمستقِلُّ: فهو المستَكْثِر من القرآن والمستقِلُّ منه).

(وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض: فهو الحق الذي أنت عليه، تأخذ به) أي تمسكه (فيُعْليك الله، ثم يأخذُ به) أي بالحق

(1) في نسخة: "فقال".

(2)

في نسخة: "فَلَأَعْبُرُهَا".

ص: 42

بَعْدَكَ رَجُل فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْفو بِهِ، ثُمِّ يَأخُذُ بِهِ رَجلٌ (1) فينقطعُ، ثمَّ يُوصَل لَهُ فيَعْلُو بهِ، أَيْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لتحَدِّثَنِّي أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأتُ؟ فَقَالَ (2):"أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأتَ بَعْضًا".

فَقَالَ: أَقْسَمْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَتُحَدِّثَثّي مَا الَّذِي أَخْطَأتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَا تُقْسِمْ". [خ 7046، م 2269، ت 2293، جه 3918]

===

(بعدك رجل) آخر (فيعلو به، ثم يأخذ به رجل) آخر (فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر فينقطع) ذلك الحبل، (ثم يُوصَل له فيعلو به، أَيْ) حرف نداءٍ (رسولَ الله) صلى الله عليه وسلم (لتحدثَنّي) أي أخبرني (أصبتُ أم أخطاتُ) في تعبير الرؤيا؟ (فقال) رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (أصبتَ بعضًا وأخطأت بعضًا).

(فقال) أبو بكر: (أقسمتُ يا رسول الله! لتحدثَنّي) أي لتخبرني (ما الذي أخطأتُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تُقسم)(3). قال المنذري (4): أخرجه مسلم والترمذي وابن ماجه.

قوله: "ثم يأخذُ به بعدك" هو أبو بكر، "ثم يأخذُ به رجلٌ آخرُ" هو عمر، "ثم يأخذُ به رجلٌ آخر فينقطع" هو عثمان. فإن قيل: لو كان معنى "ينقطع" قُتِل لكان سبب عمر مقطوعًا أيضًا. قيل: لم ينقطع سبب عمر لأجل العلو، إنما هو قطع لعَدَاوة مخصوصةٍ، وأما قتل عثمان فهو من الجهة التي علا بها، وهي الولاية، فجعل قتله قطعًا. وقوله:"ثم وصل" يعني بولاية علي.

وقيل: إن معنى كتمان النبي- صلى الله عليه وسلم موضع الخطأ، لئلا يحزن الناسُ

(1) زاد في نسخة: "آخر".

(2)

زاد في نسخة: "النبي صلى الله عليه وسلم".

(3)

لعله صلى الله عليه وسلم لم يُعبِّر لئلا يحزن عثمان، أو لما وَرَد أن التعبير للمُعَبِّر الأول، خلافًا للبخاري، إذ قيده في "صحيحه" بالتبويب "إذا أصاب في التعبير"، وبسطه الحافظ في "الفتح"(12/ 435 - 438)، وصاحب "المجمع"(2/ 265). (ش).

(4)

"مختصر سنن أبي داود"(7/ 22).

ص: 43

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ما يُعارض لعثمان. وفيه: جواز سكوت العابر وكتمه عبارة الرؤيا إذا كان فيها ما يكره، وفي السكوت عنها مصلحة، انتهى (1).

قال الخطابي (2): وقد اختلف الناس في معنى قوله: "أصبتَ بعضًا وأَخْطأتَ بعضًا" فقال بعضهم: أراد به الإصابة في عبارة بعض الرؤيا، والخطأ في بعضها.

وقال آخرون: بل أراد بالخطأ ها هنا تقديمه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسألته الإذن في تعبير الرؤيا، ولم يترك النبي صلى الله عليه وسلم ليكون هو الذي يعبرها، فهذا موضع (3) الخطأ.

وأما الإصابةُ فهو ما تأوله في عبارة الرؤيا وخروج الأمر في ذلك على ما قاله، وبلغني عن أبي جعفر رواية عن بعض السلف أنه قال: موضع الخطأ في عبارة أبي بكر أنه مخطئ أحد المذكورين من السَّمْن والعَسَل، فقال: وأما ما يَنْطفُ من السمن والعسل فهو القرآن لِينُه وحلاوتُه، وإنما أحدهما القرآن والآخرُ السنَّةُ، انتهى.

قلت: ويمكن أن يقال: إن المراد من الانقطاع: هو ترك الطريقة التي كان عليها رسول لله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر- رضي الله عنهما بأنهم لم يؤثروا في إعطاء الولايات أقاربهم، وعثمان مشى خِلافَ تلك الطريقة، فآثرهم حتى نشأت الشكاية في ذلك بين الصحابة، وصار ذلك سببًا للخروج عليه وقتله، والمراد بالوصل: أن عثمان- رضي الله عنه قُتِل، فصار قتلُه ظلمًا سببًا للوصل برفع الدرجات.

(1) أي كلام المنذري، كما في "عون المعبود"(12/ 252)، ولم أجد كلام المنذري بهذا التفصيل في "مختصره".

(2)

"معالم السنن"(4/ 304، 305).

(3)

ذكر الشاه ولي الله في "إزالة الخفاء"(1/ 57): أن الخطأ في ترك تسميتهم عندي، وبه جزم في موضع آخر، وقال: كان أبو بكر رضي الله عنه يعرف أسماءهم، واستدل عليه بشواهد. (ش).

ص: 44

4633 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِس، ثنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثيرٍ، ثَنَا سُلَيْمَان بْنُ كَثِيرٍ، عن الزُهْرِيِّ، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذ الْقِصَّةِ، قَالَ: فَأَبَى أَنْ يُخْبِرَهُ. [انظر مَا قبله]

4634 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، ثَنَا الأَشْعَثُ، عَنِ الْحَسَنِ، عن أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَاتَ يَوْم:"مَنْ رَأَى مِنْكُمْ رُؤْيَا؟ "، فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، رَأَيْتُ كَأَنَّ مِيزَانَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ فَوُزِنْتَ أَنْتَ وَأَبُو بَكْرٍ، فَرُجِحْتَ (1) أَنْتَ بِأَبِي بَكْرٍ، وَوُزِنَ (2) أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَرُجِحَ (3) أَبُو بَكْرٍ،

===

4633 -

(حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا محمد بن كثير، ثنا سليمان بن كثير، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذه القصة، قال: فأبى أن يخبره).

فإن قلت: قد أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بإبرار القسم. قال النووي (4): إنما لم يبر النبي صلى الله عليه وسلم قسم أبي بكر؛ لأن إبرار القسم مخصوص بما إذا لم يكن فيه مَفسَدة ولا مَشَقة ظاهرة، فإن وجد فلا إبرار، انتهى.

4634 -

(حدثنا محمد بن المثنى، ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، ثنا الأشعث، عن الحسن، عن أبي بكرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال) للناس الحاضرين (ذات يوم: مَنْ رَأَى منكم رُؤيا؟ فقال رجل) لمِ أقف على تسميته: (أنا، رأيت) ثم قَصَّ رؤياه: (كأن ميزانًا نزل من السماء فَوُزِنتَ أنت وأبو بكر، فرُجحتَ أنت بأبي بكر) أنت غلبت وزِدتَ نسبة أبي بكر، (وَوُزِنَ أبو بكر وعمر، فرُجحَ أبو بكر،

(1) في نسخة: "فرَجَحت".

(2)

في نسخة بدله: "ثم وُزِنَ".

(3)

في نسخة بدله: "فرَجح".

(4)

انظر: "فتح البارى"(12/ 436).

ص: 45

وَوُزِنَ (1) عُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَرُجِحَ عُمَرُ، ثُمَّ رُفِعَ الْمِيزَانُ، فَرَأَيْنَا الْكَرَاهِيَةَ في وَجْهِ رَسُولِ اللَهِ صلى الله عليه وسلم. [ت 2287، حم 5/ 44]

4635 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ، ثَنَا حَمَّادٌ، عن عَلِيٍّ بْنِ زيدٍ، عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِيِ بَكْرَةَ، عن أَيلىِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم -قالَ ذاتَ يَوْمٍ:"أَيُّكُمْ رَأَى رُؤْيَا؟ "، فَذكَرَ مَعْنَاهُ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْكَرَاهِيَةَ. قَالَ: فَاسْتَاءَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَعْنِي فَسَاءه ذَلِكَ، فَقَالَ:"خِلَافَةُ نُبُوَّةٍ، ثُمَّ يُؤْتي اللَّه الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ". [حم 5/ 44]

===

وَوُزِنَ عمر وعثمان، فَرجحَ عمر، ثم رفع الميزان، فرأينا الكراهيةَ (2) في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم).

4635 -

(حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، عن علي بن زيد (3)، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه) أبي بكرة، (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: أَيُّكم رأَى رُؤيا؟ فذكر معناه، ولم يذكر الكراهية، قال: فَاسْتَاءَ لها) افتعال من السوء، أي اغْتَم لها (رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني فَساءَه ذلك، فقال: خِلافةُ نبوَّةٍ) يعني الذي رأيت، (ثم يؤتي اللهُ المُلْكَ من يَشَاء) كأنه إشارة إلى انقطاع ما كان متصلًا من أمر الخلافة باتفاق بين المسلمين.

فإن قلتَ: هذا يدل على أن بعد زمان عثمان يكون المُلْكُ وَتَتِمُّ الخلافةُ على نَهْج النبوة، وهذا مخالف لأهل السنَّة.

(1) في نسخة: "ثم وُزِنَ".

(2)

وأجاد الشيخ في "الكوكب"(3/ 204، 205) في وجه الكراهية، فقال: لا أدري ماذا قالوا، فإن قولهم لم يكن بينهما معادَلة نقض ظاهر، وعدول عن الحق، فإن ما بين عثمان وعلي كما بين أبي بكر وعمر، وهكذا، بل الحق عندي أنه عليه السلام تذكر بذكره منامه ما يرد على أمته

إلخ. (ش).

(3)

قال المنذري (7/ 23): في إسناده علي بن زيد، وهو ابن جُدعان القرشي التيْمي، ولا يحتج به.

ص: 46

4636 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عن عَمْرِو بْنِ أَبَانَ بْن عُثْمَانَ، عن جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أرِيَ اللَّيْلَةَ رَجُل صَالِحٌ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ نيطَ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَنيطَ عُمَرُ بِأَبِي بَكْرٍ، وَنيطَ عُثْمَانُ بِعُمَرَ".

قَالَ جَابِرٌ: فَلَمَّا قُمْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قُلْنَا: أَمَّا الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَّا تَنَوُّطُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضِ فَهُمْ وُلَاةُ هَذَا الأَمْرِ الَّذِي بَعَثَ اللَّه بِهِ نِبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم. [حم 3/ 355، ك 3/ 71]

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ يُونُسُ وَشُعَيْبٌ، لَمْ يَذْكُرَا عَمْرًا.

===

قلتُ: أجاب عنه مولانا محمد يحيى المرحوم في "التقرير": بأن لفظة "ثم" للتراخي، فلا يلزم أن يكون المُلكُ بعد المذكور من غير مُهْلَة، حتى يلزمَ أن لا يكون بعد عثمان خلافة، بل عليٌّ والحسن خلفاء، وبعدهما مُلكٌ وإمارةٌ.

4636 -

(حدثنا عمرو بن عثمان، ثنا محمد بن حرب، عن الزُّبيدي، عن ابن شهاب، عن عمرو بن أبان بن عثمان، عن جابر بن عبد الله، أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أُرِيَ) بصيغة الماضي المجهول (الليلةَ رجلٌ صالحٌ) يريد به نفسه صلى الله عليه وسلم (أن أبا بكر نِيطَ) أي عُلِّق (برسول الله صلى الله عليه وسلم، ونيطَ عمرُ بأبي بكر، ونيطَ عثمانُ بعمر) رضي الله عنهم.

(قال جابر: فلما قُمْنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: أَمَّا الرجلُ الصالحُ: فرسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وأَمَّا تَنَوُّطُ) أي تعلُّقُ (بعضِهم ببعضٍ فهم وُلاة هذا الأمر الذي بَعث اللهُ به نبيه صلى الله عليه وسلم).

(قال أبو داود: رواه يونس وشعيب (1)، لم يذكرا عمرًا) أي عمرو بن أبان بن عثمان، فعلى هذا يكون السند منقطعًا؛ لأن ابن شهاب لم يسمع من جابر بن عبد الله، قاله المنذري (2).

(1) رواية يونس أخرجها البيهقي في "دلائل النبوة"(6/ 348)، وأما رواية شعيب فلم أقف عليها.

(2)

"مختصر سنن أبي داود"(7/ 23، 24).

ص: 47

4637 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثنَى، نَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، نَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عن أَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، عن أَبيهِ، عن سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُب، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ (1)! رَأَيْتُ كَأَنَّ دَلْوًا دُلِّيَ (2) مِنَ السَّمَاءِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِعَرَاقِيهَا فَشَرِبَ شُرْبًا ضَعِيفًا، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِعَرَاقِيهَا فَشَرِبَ حَتَّى تَضَلَّعَ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَأَخَذَ بِعَرَاقِيهَا فَشَرِبَ حَتَّى تَضَلَّعَ، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَخَذ بِعَرَاقِيهَا فَانْتَشَطَتْ، وَانْتَضَحَ عَلَيْهِ مِنْهَا (3) شَيءٌ. [حم 5/ 21]

===

4637 -

(حدثنا محمد بن المثنى، نا عفان بن مسلم، نا حماد بن سلمة، عن أشعث بن عبد الرحمن، عن أبيه) عبد الرحمن، (عن سَمُرة بن جندُب، أن رجلًا قال: يا رسول الله! رأيت) في الرؤيا (كأن دَلْوًا دُلِّيَ) أي أُرْسِلَ (من السماء) أي إلى الأرض، (فجاء أبو بكر فأخذ بِعَراقِيها)(4) أي بأعوادها التي يُربَط بها الحبلُ (فشرب شُربًا ضعيفًا، ثم جاء عمرُ فأخذ بِعَراقِيها فشرب حتى تضلَّع (5)) أي حتى تمدَّد ضلوعُه، (ثم جاء عثمان) رضي الله عنه (فأخذ بِعَراقِيها فشرب حتى تضلَّع) أي حتى تمدد ضلوعُه.

(ثم جاء علي فأخذ بعراقيها فانْتَشَطَتْ) أي اضْطَرَبَت، (وانْتَضَح) أي رَشَّ (عليه) أي على علي (منها) أي من الدلوِ (شيء) وفي هذا إشارة إلى أنه لم يجتمع عليه أمر الخلافة، واضطرب الأمرُ، وثَارَ هيجانُ الفتن عليه في زمانه، وبقي مشغولًا في دفع البغي والفساد مما وقع بين المسلمين، ولم يفتح أرضًا من الكفار.

(1) زاد في نسخة: "إني".

(2)

في نسخة: "أُدليَ".

(3)

في نسخة بدله: "منه".

(4)

"بعراقِيها"، العَراقيُّ: جمع عَرقُوة الدَّلْو، وهو: الخشبة المَعرُوضة على فم الدَّلو، وهما عَرقُوتان كالصَليب، وقد عَرْقَيْتُ الدلوَ-إذا ركَبتَ العرقوة فيها. "النهاية"(3/ 221).

(5)

تضَلَّع، أي أكثر من الشرب حتى تمدَّد جَنبه وأضلاعه. "النهاية"(3/ 97).

ص: 48

4638 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، نَا الْوَلِيدُ، نَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عن مَكْحُولٍ قَالَ:"لَتَمْخُرَنَّ الرُّومُ الشَّامَ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا (1) لَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا (2) إلَّا دِمَشْقُ وَعَمَّانُ".

===

4638 -

(حدثنا علي بن سهل الرملي، نا الوليد، نا سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول قال) مكحول: (لَتَمْخُرَنَّ)(3) المَخرُ: الشقّ، كما أن السفينة تشق الماء في جريها (الرومُ الشامَ أربعين صباحًا لا يمتنع منها) أي عن الشام (إلَّا دمشقُ وعَمَّان) كشدَّاد بالفتح، ثم التشديد، وآخره نون، بَلَدٌ في طرف الشام، وهو المراد في حديث الترمذي:"من عدن إلى عَمَّان البلقاء".

وأما عُمَان بضم أوله، وتخفيف ثانيه: اسم كورة عربية على ساحل بحر اليمن والهند، في شرقي هجَر، أكثر أهلها في أيامنا خوارج إباضية، ليس فيها من غير هذا المذهب إلا طارئٌ غريب، وأهل البحرين بالقرب منهم بضدِّهم، كلهم روافضٌ سبَائيون لا يَكتُمون ولا يتحاشُّون، وليس عندهم من يخالف هذا المذهب، إلا أن يكون غريبًا، كذا في في "المعجم"(4) ، والمراد في هذا الحديث الأول لا الثاني. وهذا الحديث موقوف على مكحول.

كتب مولانا محمد يحيى المرحوم في "تقريره": ولا يدرى متى يكون ذلك، وكذلك قوله فيما يأتي من بعد:"سيأتي ملك من ملوك العجم". انتهى.

(1) زاد في نسخة: "حتى".

(2)

زاد: في نسخة: "شيء".

(3)

"لتمخرن الروم الشام"، قال ابن الأثير: أراد أنها تَدخل الشام وتَخوضُه، وتَجُوس خِلالَه، وتتمكَّن منه، فشبه بمَخْر السفينة البحر. "النهاية"(4/ 305).

(4)

"معجم البلدان"(4/ 150).

ص: 49

4639 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَامِرٍ المُرِّيُّ، نَا الْوَليدُ، نَا عَبْدُ الْعَزِيز بْنُ الْعَلَاءِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الأَعْيَسِ عَبْدَ الرَّحْمنِ بْنَ سَلْمَانَ يَقُولُ:"سَيَأتِي مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ الْعَجَمِ يَظْهَرُ عَلَى الْمَدَائِنِ كُلِّهَا إلَّا دِمَشْقَ".

4640 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ، نَا حَمَّادٌ، أَنَا بُرْدٌ أَبُو الْعَلَاءِ، عن مَكْحُولٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"مَوْضِعُ فُسْطَاطِ الْمُسْلِمِينَ في الْمَلَاحِمِ أَرْضٌ يقالُ لَهَا: الْغُوطَةُ".

===

4639 -

(حدثنا موسى بن عامر المُرِّي، نا الوليد، نا عبد العزيز (1) بن العلاء، أنه سمع أبا الأعْيَس) بفتح التحتانية قبلها مهملة ساكنة (عبد الرحمن بن سلمان) الخولاني الشامي، يقال له: عبيد، ذكره ابن حبان في "الثقات" (يقول: سيأتي ملك من ملوك العجم يظهر على المدائن كلها إلَّا دِمشق) وهذا أيضًا موقوف على أبي الأَعْيَس، ولعله سمعه من بعض الصحابة، ولعله إشارة إلى ما وقع من تَيْمُور على بلاد الإِسلام (2).

4640 -

(حدثنا موسى بن إسماعيل، نا حماد، أنا بُرْدُ) بن سنان (أبو العلاء) الدمشقي، (عن مكحول، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "موضع فُسطاط (3) المسلمين في الملاحم) جمع: مَلْحَمَة، وهي محلُّ القتال، والمراد ها هنا: القتالُ، ولعله يكون في زمن المهدي عليه السلام، وأن يكون محلُّ خِيَامِ المسلمين وجنودِهم (أرضٌ يقال لها: الغُوطة) وهي بالضم، ثم السكون وطاء

(1)"عبد العزيز بن العلاء": كذا في الأصل وفي "عون المعبود"(12/ 391) وفي النسخ المطبوعة لـ "سنن أبي داود"، وليس في كتب رجال الستة مترجم بهذا الاسم، وجاء في "تحفة الأشراف" (18962): عبد الله بن العلاء بن زَبْر، وهو مترجم في "تهذيب الكمال" (15/ 405) رقم (3471) وفروعه. وانظر:"التقريب"(3545)، و"تهذيب التهذيب"(5/ 350، 351).

(2)

انظر: "تاريخ الدولة العلية العثمانية"(1/ 146).

(3)

أي: محل اجتماعهم، والفسطاط في اللغة بالضم والكسر: المدينة التي فيها مجتمع الناس، وكل مدينة فسطاط. "النهاية"(3/ 445).

ص: 50

4641 -

حَدَّثَنَا أَبُو ظَفَرٍ عَبْدُ السَّلَامِ، نَا جَعْفَرٌ، عن عوفٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ: إنَّ مَثَلَ عُثْمَانَ عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ يَقْرَؤُهَا وُيفَسِّرُهَا:{إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّى مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} ، يُشِيرُ إلَيْنَا بِيَدِهِ وَإلَى أَهْلِ الشَّامِ.

===

مهملة، هي الكورة التي منها دمشق، استدارتها ثمانية عشر ميلًا، يحيط بها جِبالٌ عاليةٌ من جميع جهاتها، ولا سيما من شماليها، فإن جبالها عالية جدًّا، ومياهها خارجة من تلك الجبال، وهي بالإجماع أنزه بلاد الله، وأحسنها منظرًا، وهي أحدى جنان الأرض الأربع، وهي: الصُّغْد، والأبُلّة، وشِعب بوان، والغُوطة، وهي أجلُّها (1).

4641 -

(حدثنا أبو ظَفَر عبد السلام، نا جعفر، عن عوف قال: سمعت الحجاج يخطب وهو يقول: إن مَثَلَ عثمان عند الله كمثلِ عيسى ابن مريم، ثم قرأ هذه الآية) التي تأتي بعد ذلك (يقرؤها ويفسرها) وهي قوله تعالى: ({إِذ قَالَ اَللهُ) تعالى: ({يَا عِيسَى إِنِّى مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} (2)، يشير) أي الحجاجُ (إلينا بيده و) يشير (إلى أهل الشام).

فالإشارة إلى عوف ومنْ مثله من غير أهل الشامِ في قوله تعالى: {وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} ، وفي قوله تعالى:{وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا} ، فالإشارة إليهم: بأنهم كَفَرُوا بعثمانَ، والإشارةُ إلى أهل الشام بأنهم اتبعوه، وجعلهم اللهُ فوق الكفار بأن أعطى فيهم الخلافةَ، وجَعَلَهم أُمَراء وسلاطِينَ، ونَزَعَ المُلْكَ من أيدي الذين كفروا به، وجعلهم أَذِلَّاء ليس بأيديهم إلَّا الذلَّة والهَوان.

(1) انظر: "معجم البلدان"(4/ 219).

(2)

سورة آل عمران: الآية 55.

ص: 51

4642 -

حَدَّثَنَا إسْحَاقُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الطَّالْقَانِيُّ، نَا جَرِير، (ح): وَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا: نَا جَرِيرٌ، عن الْمُغِيرَةِ، عن الرَبِيع بْنِ خَالِدٍ الضَّبِّي قَالَ: سَمِعتُ الْحَجاجَ يَخْطُبُ، فَقَالَ في خُطْبَتِهِ: رَسولُ أَحَدِكُمِ في حَاجَتِهِ أَكْرَمُ عَلَيْهِ أَمْ خَلِيفَتُهُ في أَهْلِهِ؟ فَقُلْتُ في نَفْسِي: للهِ عَلَيَّ ألاّ أصَلَي خَلْفَكَ صَلَاةً أَبَدًا، وإنْ وَجَدْتُ قَوْمًا يُجَاهِدُونَكَ

===

4642 -

(حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالْقَاني، نا جرير، ح: ونا زُهير بن حرب قَالَا) هكذا في أكثر النُّسَخ المكتوبة، ولو كان بصيغة الإفراد لكان أحسن، (نا جرير، عن المغيرة، عن الربيع بن خالد الضَّبي قال: سمعت الحجاج يخطب، فقال في خطبته: رسولُ أحدِكم في حاجته أكرمُ عليه أم خليفته في أهله؟ فقلتُ في نفسي: لِلَّهِ عليَّ أن لا أُصلِّيَ خلفَك صلاةً أبدًا، وإن وجدت قومًا يجاهدونك).

كتب مولانا محمد يحيى المرحوم في "التقرير": قوله: "رسولُ أحدِكم في حاجته"، حمَلَ الربيعُ على ما حملها المحشي: من أنه قَصَد تفضيلَ نفسه والمَرْوانيِّين على الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس بشيء؛ لأن أحدًا منهم لم يكن له تَعرُض بالرسالة، ولا إنكار على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تَعرُّض بالشَّيخَيْن فيما نعلم، بل الذي ترصدوا له فضل عليّ، وكانوا بصَدَد أن يثبتوا خلافه فىٍ كل أمر، لكونهم من أصحاب عثمان في زعمهم، وكان عليٌّ مخالفه فيما ظنوا.

فالحق أن الحجاجَ إنما قَصد بذلك الإشارة إلى ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم عثمان في المدينة حين مرضتْ زوجتُه، وإلى إرسال عليٍّ على الحج بكلمات ينادي بهن:"أَلَا لَا يَطُوْفَنَّ بالبيت عُريَان"(1)، ولم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل عثمان رسولًا في الحُدَيبيِة، وترك عليًا خليفة في أهله في بعض الغزوات، {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} (2)، انتهى.

(1) في الأصل: "وغيرها"، وهو تحريف.

(2)

سورة النساء: الآية 143.

ص: 52

لأُجَاهِدَنَّكَ مَعَهُمْ. زَادَ إسْحَاقُ في حَدِيثِهِ قَالَ: فَقَاتَلَ في الْجَمَاجِمِ حَتَّى قُتِلَ.

4643 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، نَا أَبُو بَكْرٍ، عن عَاصم قَالَ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ: اتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ لَيْسَ فِيهَا مَثْنَوِيَّةٌ، وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا- لَيْسَ فِيهَا مَثْنَوِيَّةٌ- لأَمِيرِ الْمُؤْمِنينَ عَبْدِ الْمَلِكِ، والله لَوْ أَمَرْتُ النَّاسَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ بَابٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَخَرَجُوا مِنْ بَابٍ آخَرَ، لَحَلَّتْ لِي دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ،

===

(لأجَاهِدَنَّكَ معهم، زاد إسحاقُ في حديثه: قال) المغيرة: (فقاتل) أي الربيع بن خالد (في الجَماجِم) والمراد بالجَماجِم: دَيرُ الجَماجِم بظاهر الكوفة على سبعة فَرَاسِخ منها على طرف البَرِّ للسالك إلى البصرة، وعند هذا الموضع كانت الواقعة (1) بين الحجاج بن يوسف الثقفي وعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، التي كسر فيها ابن الأشعث وقتل من القراء، (حتى قُتِل) الربيع بن خالد في هذه الواقعة.

4643 -

(حدثنا محمد بن العلاء، نا أبو بكر، عن عاصم قال: سمعتُ الحجاجَ وهو على المِنْبَر) أي على منبر الكوفة (وهو يقول: اتَّقوا اللهَ ما اسْتَطَعْتُم ليس فيها مَثْنَوِيَّة) أي استثناء (واسْمَعُوا وأَطِيْعُوا ليس فيها مَثْنَوِيَّة) أي استثناء (لأمير المومنين عبد المَلِك) بن مَروان، وكان إذْ ذاك خليفة، وكان الحجاج واليًا من جهته على العراق.

(والله لو أَمرتُ الناس أن يخرجوا من باب من) أبواب (المسجد) فلم يُطيعوني (فخرجوا من باب آخر، لحَلَّتْ لي دماؤهم وأموالهم) وهذ (مثال لقوله: "اِسْمَعُوا وأَطِيْعُوا لَيْسَ فيها مَثْنَوِية" بوجوب الإطاعة في جميع ما يأمرُ هو وأُمراؤه.

(1) كانت الواقعة سنة 83 هـ. (ش).

ص: 53

وَاللَّه لوْ أَخَذْتُ رَبِيعَةَ بِمُضَرَ، لَكَانَ ذَلِكَ لِي مِنَ الله حَلَالٌ (1). وَيَا عَذِيرِي مِنْ عَبْدِ هُذَيْلٍ، يَزْعُمُ أَنَّ قِرَاءَتَهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَاللَّه مَا هِيَ إلَّا رَجَزٌ مِنْ رَجَزِ الأَعْرَابِ، مَا أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى نِبيّهِ عليه السلام، وَعَذِيرِي مِنْ هَذِهِ الْحَمْرَاءِ، يَزْعُمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَرْمِي بِالْحَجَرِ فَيَقُولُ: إلَى أَنْ يَقَعَ الْحَجَرُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ،

===

(والله لو أخذتُ ربيعة) قبيلة من عرب (بمُضَر) أي بجزيرة مضر، وهي قبيلة أخرى (لكان ذلك لي من الله حلال).

غَرَضه: أن الأحكامَ مفوضة إلى رأي الأمَراء والسلاطين، وهذه الأقوال من كُفْرياته؛ لأنه صريح في تحليل الحرام وتحريم الحلال، وإنكار أحكام الشرع، فإن إطاعة الأُمَراء والسلاطين ليس إلا فيما وافق الشرعُ.

(ويا عَذيري) أي من يعذرني لو قتلتُه أو آذيتُه (من عبدِ هُذيل). قيل: أراد به عبدَ الله بن مسعود - رضي الله تعالى عنه -، وإنما أطلق "العبد" عليه تحقيرًا له وخبائة منه، وهذا الذي قاله الحجاج غَلَطٌ وباطلٌ، فإن قراءة عبد الله بن مسعود مَرْوِيةٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنزلها اللهُ تعالى عليه، وقد أمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بأخذ القراءة من عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

(يزعم أن قراءته من عند الله، والله ما هى إلَّا رَجَزٌ من رَجَز الأعراب، ما أنزلها اللهُ على نبيِّه عليه السلام ومراده: تَنْفيرُ الناس عن مُصحَف عبد الله بن مسعود، فإنه لما جَمَع عثمان المصاحفَ لم يعط عبد الله بن مسعود مصحفَه.

(وعَذِيري من هذه الحمراء) أي الموالي (يزعم أحدهم أنه يرمي بالحجر فيقول: إلى أن يقع الحجر قد حدث أمر).

كتب مولانا محمد يحيى المرحوم: قوله: "الحمراء" أراد بهم العجم، وكانوا يقولون فيما بينهم: إن الفتن قد كثرتْ في أيام عبد الملك والحجاج،

(1) في نسخة: "حلالًا".

ص: 54

فَوَاللَّه لأَدَعَنَّهُمْ كَالأَمْسِ الدَّابِرِ. قَالَ: فَذَكَرْتُهُ لِلأَعْمَشِ فَقَالَ: أَنَا وَاللَّهِ سَمِعْتُهُ مِنْهُ.

4644 -

حَدَّثنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شِيْبَةَ، نَا ابْنُ إدرِيسَ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: هَذِهِ الْحَمْرَاءُ هَبْرٌ هَبْرٌ. أَمَا وَاللَّهِ قَدْ قَرَعْتُ عَصًا بِعَصًا لأَذَرَنَّهُمْ كَالأَمْسِ الذَّاهِبِ - يَعْني الْمَوَالِيَ-.

4645 -

حَدَّثَنَا قَطَنُ بْنُ نُسَيْرٍ، نَا جَعْفَرٌ- يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ-، نَا دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عن شَرِيكٍ، عن سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ قَالَ: جَمَّعْتُ

===

بحيث لو رمَى رامٍ بحجر لكان الحَجَر لم يصلْ إلى الأرض إلَّا وقد حدثت فتنة، وهو كناية عن كثرتها وتتابعها في الوجود (فوالله لأدَعنَّهم) أي لأَترُكنَّهم معدومين (كالأمس (1) الدابر) أي اليوم الماضي.

(قال) عاصم: (فذكرتُه للأعمش فقال: أنا والله سمعته) أي هذا الكلام (منه) أي من الحجاج.

4644 -

(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا ابن إدريس، عن الأعمش قال: سمعت الحجاج يقول على المنبر: هذه الحمراء) أي الموالي أهل العجم (هَبْرٌ هَبْرٌ) أي قطْع قطْع، يعني يستحقون القتلَ والقطعَ، (أما والله لو قد قَرَعْت عَصًا بعَصًا لأذَرَنَّهم) أي لأَتْرُكَنَّهم (كالأمس الذاهب، يعني) بالحمراء (الموالي).

4645 -

(حدثنا قَطَن بن نُسير، نا جعفر - يعني ابن سليمان-، نا داود بن سليمان، عن شريك، عن سليمان الأعمش قال) أي الأعمش: (جمَّعت) من

(1)"الأمس الدابر": اليوم الماضي لا يعرف على التعيين، لأن كلمة "أمس" إذا نُكِّرَتْ أريد بها اليوم السابق على التحديد، وإذا عُرِّفت فأدخل عليها أن للتعريف "الأمس" أطلقت على يوم غير معين.

ص: 55