الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إثبات حفظ ابن مسعود للقران الكريم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم:
فثبت- بما سبق- إكمال ابن مسعود رضي الله عنه القران على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والقائل بأن ابن مسعود لم يكمل القران أراد تبرير تقديم أبي بكر وعمر وعثمان لزيد، ولكن لا ينبغي أن يؤتى بمبرر خاطئ ينفي حقيقة حفظ ابن مسعود رضي الله عنه وجلالته في علم القران وعلم القراءة:
فأما ملازمة زيد للنبي ف فهي للكتابة أما الملازمة بغير ذلك فما أكثر ما لازمه ابن مسعود رضي الله عنه حتى كان يلقب ب «صاحب النعلين والطهور والوساد، والسواد وهو السرار» «1» ، وحتى كان أشبه الناس هديا برسول الله صلى الله عليه وسلم فعن عبد الرحمن بن يزيد قال: سألنا حذيفة عن رجل قريب السمت والهدي من النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
ما أعرف أحدا أقرب سمتا وهديا ودلا بالنبي صلى الله عليه وسلم من ابن أم عبد «2» ، ومن شدة ملازمته رضي الله عنه ظنّ الناس أنه من ال رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قدمت أنا وأخي من اليمن فمكثنا حينا ما نرى إلا أن عبد الله بن مسعود رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لما نرى من دخوله ودخول أمه على النبي صلى الله عليه وسلم «3» ، بل روى علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كنت مستخلفا أحدا عن غير مشورة لاستخلفت ابن أم عبد» «4» .
ومن الثناء البديع على ابن مسعود رضي الله عنه مما يمثل مؤهلا كبيرا له لنسخ المصاحف: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد، وكرهت
(1) البخاري (1/ 69) ، و (3/ 1368) ، مرجعان سابقان.
(2)
البخاري (3/ 1383) ، مرجع سابق.
(3)
البخاري (3/ 1383) ، مرجع سابق.
(4)
ابن أبي شيبة (6/ 384) ، الطبراني في الأوسط (6/ 272) ، مرجعان سابقان.
لأمتي ما كره لها ابن أم عبد» «1» فقد رضي لها النبي صلى الله عليه وسلم ما يرضاه ابن أم عبد في عامة أمورها، وأما في خصوص الإقراء فتقدم حديث: «خذوا القران من أربعة من بن أم عبد فبدأ به
…
» .
ومضت منزلة ابن مسعود رفعة وقوة في حياة الأمة فروى حذيفة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما واهتدوا بهدي عمار بن ياسر وتمسكوا بعهد ابن أم عبد» «2» ، وشهادة حذيفة كافية في هذا الباب؛ إذ يقول:«لقد علم المحظوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن ابن أم عبد من أقربهم إلى الله وسيلة» «3» .
ومنزلة ابن أم عبد في القراءة هي منزلته حتى فاق في نظر بعض العلماء منزلة أبي كما قال بعض أهل العلم: «فإن قيل فهل لأحد من الصحابة من الرتبة في القران مثل ما لأبي منها؟ قلنا: لعبد الله بن مسعود زيادة على ما وجدناه لأبي
…
» «4» ، وشهد الصحابة له بذلك فقد اجتمع بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار أبي موسى رضي الله عنه وهم ينظرون في مصحف فقام عبد الله، فقال أبو مسعود: ما أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك بعده أحدا أعلم بما أنزل الله عز وجل من هذا القائم، فقال أبو موسى: أما لأن قلت ذاك لقد كان يشهد إذا غبنا ويؤذن له إذا حجبنا «5»
…
فماذا بعد هذه المؤهلات العظيمة من أدلة تدل على تمام حفظ ابن
(1) ابن أبي شيبة (6/ 384) ، والطبراني في الأوسط (7/ 70) ، مرجعان سابقان.
(2)
ابن أبي شيبة (7/ 433) ، الطبراني في الأوسط (6/ 76) ، مرجعان سابقان.
(3)
الطبراني في الأوسط (3/ 20) ، مرجع سابق.
(4)
(أبو المحاسن) يوسف بن موسى الحنفي أبو المحاسن: المعتصر من المختصر من مشكل الاثار (2/ 361) ، عالم الكتب، مكتبة المتنبي، بيروت، القاهرة.
(5)
مسلم (4/ 1912) المعجم الكبير (9/ 90) ، مرجع سابق.
مسعود وقوة أهليته في علم القران؟ ولذا كان يملي المصاحف في عهد عمر من حفظه بإقرار عمر رضي الله عنه ورضاه.
وأما رواية من روى عن ابن مسعود أنه سئل عن طسم فقال: «لا أحفظها سل خبابا عنها» «1» فدليل على ما قرره البحث؛ إذ ليس هكذا لفظها بل لفظها ما جاء عن معديكرب قال أتينا عبد الله فسألناه أن يقرأ علينا طسم المائتين فقال:
ما هي معي ولكن عليكم بمن أخذها من رسول الله صلى الله عليه وسلم خبّاب بن الأرتّ قال:
«فأتينا خبّاب بن الأرتّ فقرأها علينا» «2» ، فترك إقراءها لا لعدم حفظه، بل لعدم تلقيها مباشرة من الرسول صلى الله عليه وسلم، وأشار عليهم بالإسناد العالي.
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم في عبد الله بن مسعود: «من أحب أن يقرأ القران غضا كما أنزل فليقرأه على رواية ابن أم عبد» «3» «فمؤهل ظاهر له في علم القران
…
ولا شك أن التحقيق العلمي يثير علامة استغراب حول ما تأوله بعضهم في معناه، وأن عبد الله بن مسعود كان يرتل القران فحض النبي صلى الله عليه وسلم على ترتيل مثل ترتيله لا غير» «4» ، فهذه المنقبة مالها استحالت مثلبة؟ وفي هذا التأويل نظر أيضا- إن اكتفي به-، بل مراده جودة الأداء، وإتقان الحفظ
…
، وهذا الذي فهمه عمر رضي الله عنه من الحديث أن المراد الحفظ مع إتقان الأداء فعن قيس بن مروان قال: أتى رجل عمر فقال: يا أمير المؤمنين! قد تركت بالعراق رجلا يملي المصاحف عن ظهر قلب.
فغضب عمر رضي الله عنه حتى احمر وجهه فقال له: عمر اعلم ما تقول! مرارا فقال:
(1) انظر: الناسخ والمنسوخ ص 483، مرجع سابق.
(2)
أحمد (1/ 419) ، المعجم الكبير (4/ 55) ، مرجعان سابقان، مجمع الزوائد (7/ 84) ، مرجع سابق، وقال:«رواه أحمد ورجاله ثقات ورواه الطبراني» .
(3)
المختارة (1/ 93) ، مرجع سابق.
(4)
انظر: الناسخ والمنسوخ ص 483، مرجع سابق.