الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خمس ايات من كتاب الله فلهن خير له من خمس قلائص وخمس قلائص» «1» ، وفي رواية تصف كيفية إقراء ابن مسعود، وتنشيطه لتلاميذه رضي الله عنه: كان إذا أصبح أتاه الناس في داره فيقول: على مكانكم، ثم يمر بالذين يقرئهم القران، فيقول: أيا فلان بأي سورة أتيت فيخبره في أي اية فيفتح عليه الاية التي تليها، ثم يقول: تعلمها فإنها خير لك مما بين السماء والأرض، قال: فنظر الرجل اية ليس في القران خير منها، ثم يمر بالاخرى فيقول اية مثل ذلك حتى يقول ذلك لكلهم «2» ، وعن أبي إسحاق قال: قال عبد الله بن مسعود: لو قيل لأحدكم لو غدوت إلى القرية كان لك أربع قلائص كان يقول لك قد أبى الله لي أن أغدو، وإن أحدكم غدا فتعلم اية من كتاب الله كانت خيرا له من أربع وأربع وأربع حتى عد شيئا كثيرا «3» .
خامسا: تكريم حفظة القران وإلزامهم بتعليمه في مقابل تيسير الأمور الدنيوية الهامة لهم، وتعميم التعليم على الرجال والنساء:
ففي قصة الواهبة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم طلبها بعض أصحابه، فلم يجد مهرا فقال له صلى الله عليه وسلم:«ماذا معك من القران» قال: معي سورة كذا وسورة كذا عددها، فقال:«تقرؤهن عن ظهر قلبك؟» قال: نعم! قال: «اذهب فقد ملكتها بما معك من القران» «4» ، والسور المذكورة «سماها في فوائد تمام أنها سبع من المفصل، وفي رواية: سورة البقرة أو التي تليها بأو، وفي رواية البقرة وسورة من المفصل، وفي رواية قال: «قم فعلمها عشرين اية وهي امرأتك» وجمع بينها بأن كلا من الرواة
(1) ابن أبي شيبة (6/ 132) ، مراجع سابق.
(2)
مجمع الزوائد (7/ 167) ، مرجع سابق، وقال:«رواه كله الطبراني» .
(3)
مصنف عبد الرزاق (3/ 366) ، والطبراني في المعجم الكبير (9/ 135) .
(4)
البخاري (4/ 1919) ، مسلم (2/ 1040) واللفظ له، مرجعان سابقان.
حفظ ما لم يحفظ الاخر «1» ، وفي رواية لمسلم:«اذهب فعلمها من القران» «2» ، وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه:«وقد أنكحتكها على أن تقريها وتعلمها وإذا رزقك الله عوضتها» فتزوجها الرجل على ذلك «3» وسواء كان المهر هذا هو المهر أو لا- على الخلاف- فالمراد اشتراط ذلك دلالة على منزلة القارئ، ونشرا للقران.
وتنبني على هذا مسألة عقد المسابقات القرانية، ورصد الجوائز عليها:
فتشجيع الحفظ ونشر القران الكريم بالمسابقات القرانية ونحوه لا بأس به، ومن النصوص السابقة يظهر نوع إشارة من النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وقد حث بعض أهل العلم على أن يعمل على وضع المحفزات لحفظ القران، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال:«وأما هذه الأوقاف على الترب ففيها من المصلحة بقاء حفظ القران وتلاوته هذه الأموال معونة على ذلك وحاضة عليه إذ قد يدرس حفظ القران بسبب عدم الأسباب الحاملة عليه، وفيها مفاسد أخر من حصول القراءة لغير الله، والتأكل بالقران، وقراءته على غير الوجه المشروع، واشتغال النفوس بذلك عن القراءة المشروعة، فمتى أمكن تحصيل هذه المصلحة بدون ذلك الفساد جاز والوجه النهي عن ذلك المنع، وإبطاله إن كان حصول مفسدة أكثر من ذلك» «4» ، وقال في موضع اخر:«والوقوف التي وقفها الناس على القراءة عند قبورهم فيها من الفائدة أنها تعين على حفظ القران، وأنها رزق لحافظ القران، وباعثة لهم على حفظه ودرسه وملازمته» «5» .
(1) انظر: شرح الزرقاني (3/ 168) ، مرجع سابق.
(2)
مسلم (2/ 1041) ، مرجع سابق.
(3)
شرح الزرقاني (3/ 168) ، مرجع سابق.
(4)
الفتاوى الكبرى (4/ 447) ، مرجع سابق.
(5)
اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ص 380.
…
وهذا الحفاوة النبوية بحملة القران الكريم تقتضي- واقعا- أن تعقد لهم الاحتفالات في عصرنا، وتشهر أسماؤهم في وسائل الإعلام، ويعطون أعلى الأوسمة حال المسابقات، واللافت للنظر أن ما يحفل به الناس هذه الأيام من الفن والرياضة، لم يكن له هذا الرصيد من الحفاوة في العهد النبوي- وإن كان هذان الأمران قد يحترمان في بعض الجوانب الإيجابية، أو غير السيئة، وقد تعقد له دعاية معينة بحدودها في أوساط الأمة كما في سباق النبي صلى الله عليه وسلم للخيل المضمرة إلا أن الفرق شاسع بين الدعاية الحقة التي بثها النبي صلى الله عليه وسلم لحملة القران وبين هذين الصنفين.
ولكن يجب دراسة الأساليب التي تضبط نفوس المشاركين- قدر الإمكان- نحو الإخلاص، وطلب الدار الاخرة.
(1) شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي ت 751 هـ: الفروسية، تحقيق: مشهور بن حسن بن محمود بن سلمان، دار الأندلس، السعودية- حائل، ط 1، 1414 هـ- 1993 م.