الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولقد أدركنا أقواما ما كان على ظهر الأرض من عمل يقدرون على أن يعملوه في سر فيكون علانية أبدا، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع إن كان إلا همسا بينهم وبين ربهم عز وجل» «1» .
وعلى هذه القاعدة فإن هشام بن حكيم بن حزام يعد ممن كان يحفظ في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أم قوما فيهم عمر بن الخطاب كما في صحيح البخاري «2» .
وقد يعترض على هذه القاعدة بما يلي:
1-
بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول: أيهم أكثر أخذا للقران؟ فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد وقال: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة وأمر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم «3» .
والجواب: أن الحديث يؤيد ما ذكر من القاعدة؛ إذ لم تفترض القاعدة أن الجميع يحفظ القران الكريم كله، بل التنافس بينهم جار على قراءته، فالأصل فيهم حفظه، ولذا ترى النص هنا يدل على أن صيغة التفضيل (أيهم أكثر أخذا للقران) ، كما يدل هذا النص الذهبي على أن أخذ القران مسألة عامة فاشية أكثر من كتابته، وبدهيته وهو الموافق للطبيعة العربية.
2-
وقد يعترض بتسمية السبعين من أصحاب بئر معونة ب (القراء) دلالة على حصر ذلك فيهم ونفيها عن غيرهم
…
(1) الزهد لابن المبارك (1/ 45) ، مرجع سابق.
(2)
البخاري (4/ 1909) ، مسلم (1/ 561) ، المسند المستخرج على صحيح مسلم (2/ 413) ، الترمذي (5/ 193) .
(3)
البخاري (1/ 450) ، مرجع سابق.
والجواب: أين الحصر؟ وقد اشتهر بجمع القران من ليس فيهم كالأنصار الذين سماهم أنس رضي الله عنه، ويرد تفصيل ذلك في المطلب الثاني- إن شاء الله جل جلاله فامتنع الحصر، إنما سموا بذلك دلالة على تفرغهم لها، وعدم امتهانهم شيئا اخر ولزومهم المسجد غالبا.
3-
كما قد يعترض بما روي أن ابن عمر البقرة في ثمان سنين فعن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر مكث على سورة البقرة ثمان سنين يتعلمها وعنه عن نافع عن ابن عمر قال تعلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه البقرة في إثني عشرة سنة فلما أتمها نحر جزورا «1» .
والجواب: أما الأول فبلاغ عن مالك، وهو مع الثاني يحتاجان زيادة نظر في الإسناد، وعلى كل فالتعلم هنا هل المراد به الحفظ أم قراءته بتدبر وتفهم؟ الأمر محتمل على أنه سيأتي في المطلب الثالث أن عمر بن الخطاب كان من حفظة كتاب الله سبحانه وتعالى.
4-
وقد يعترض أيضا: بما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كان الفاضل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر هذه الأمة لا يحفظ من القران إلا السورة أو نحوها ورزقوا العمل بالقران وإن اخر هذه الأمة يقرؤن القران منهم الصبي والأعمى ولا يرزقون العمل به» «2»
…
والجواب: واضح أن ابن عمر- إن صح هذا عنه- يريد أن الفاضل لا يحفظ السورة حتى يعمل لا أنه لا يحفظ غيرها، وأما غيره فيحفظ القران كله وعلى الرغم م ذلك تجد أنه لما يعمل به بعد.
(1) شعب الإيمان (2/ 331) ، مرجع سابق.
(2)
بحثت عنه ولم أجده.