الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والظاهر ألاحرج في استعمال كلمة ألحان دلالة على نمط معين لقراءة القران الكريم، لجريانها في لسان العرب، ولورودها في المصطلح الشرعي كما سيأتي بعض ذلك، ومن ثم فإن استخدام ألفاظ:
الإيقاع والنغم للدلالة على ذلك ليس فيه ما يسوء، وإن كان الاستعمال العرفي العصري يجعل عدم الاستعمال أولى لارتباطه في لسان العصر بالمعازف مباشرة، وتتلخص معالم تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لهذا النوع من التغني بالقراءة في التالي:
أولا: الأصل الشرعي للقراءة بالألحان:
يعود إلى عدة أركان، وقد علمهم النبي صلى الله عليه وسلم كل هذه الأركان، وهي:
1-
الترتيل المقتضي للتأني.
2-
تزيين الأصوات وتحسينها بالقران الكريم- على ما تقدم- فيه إيماء لطلب أجمل أنواع التحسين والتزيين، وقد أمرهم صلى الله عليه وسلم بتحسين أصواتهم عند تلاوة القران الكريم، وتحسين الصوت من حيث هو أمر مختلف عن القراءة بالألحان، ولذا فقد «كان بين السلف اختلاف في جواز القران بالألحان، أما تحسين الصوت وتقديم حسن الصوت على غيره لا نزاع في ذلك» «1» .
والمراد بتحسين الصوت على القواعد المتلقاة ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط فإن خرج حتى زاد حرفا أو أخفاه حرم «2» .
فالتحسين والتزيين أمران عامان والقراءة بالألحان أمر خاص يدخل ضمنهما مادام الالتزام بقواعد التلاوة وأحكام التجويد قائما.
(1) انظر: فتح الباري (9/ 72) ، مرجع سابق.
(2)
انظر: فتح الباري (9/ 72) ، مرجع سابق.
3-
علمهم النبي صلى الله عليه وسلم أجمل أنواع التحسين عمليا بأن قرأ بالترجيع وأقرهم على تحبير الصوت، وكان صوته صلى الله عليه وسلم في قراءة القران غاية في الملاحة وهو المقتدى به، وقد تقدم ذلك كله.
فتحسين الصوت مطلوب من حيث العموم فإن كان التحسين على خصوص قواعد النغم فيظهر ألا مانع بحسب المقدمات السابقة، إلا أن يخاف من المشابهة بين لحن القراءة ولحن الغناء مما يؤدي إلى تهوين شأن القراءة، وترك التعظيم الواجب لها فيمنع
…
وقد تقدم أن من أركان الترتيل السكينة والوقار
…
فيلتزم ذلك كذلك.
والذي يتحصل من الأدلة هو ما قاله ابن حجر: «أن حسن الصوت مطلوب فإن لم يكن حسنا فليحسنه ما استطاع كما قال ابن أبي مليكة أحد رواة الحديث، ومن جملة تحسينه أن يراعى فيه قوانين النغم فإن الحسن الصوت يزداد حسنا بذلك ما لم يخرج عن شرط الأداء المعتبر عند أهل القراات؛ ولعل هذا مستند من كره القراءة بالأنغام لأن الغالب على من راعى الأنغام ألايراعى الأداء فإن وجد من يراعيهما معا فلا شك في أنه أرجح من غيره لأنه يأتي بالمطلوب من تحسين الصوت واجتناب الممنوع من حرمة الأداء» «1» ، حتى تقرر عند المالكية أن «القراءة بالتلحين سنة، وسماعه يزيد إيمانا بالقران وغبطة ويكسب القران خشية» «2» ، وقال القاضي عياض: «من إعجاز القران أن قارئه لا يمله وسامعه لا يمجه، بل الإكباب على تلاوته يزيده حلاوة، وترديده يوجب له محبة
…
وسواء من الكتب لا يوجد ذلك فيها حتى أحدث أصحابها ألحانا وطرقا يستجلبون بتلك
(1) انظر: فتح الباري (9/ 72) ، مرجع سابق.
(2)
(العبدري) محمد بن يوسف بن أبي القاسم العبدري أبو عبد الله ت 897 هـ: التاج والإكليل لمختصر خليل، دار الفكر، بيروت، ط 2، 1398 هـ.