الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يغضب الله لكتابه فيسري عليه ليلا فلا يترك في ورقة ولا في قلب منه حرفا إلا ذهب به» فقال بعض من حضر المجلس: فكيف يا رسول الله بالمؤمنين والمؤمنات؟
قال: «من أراد الله به خيرا أبقى في قلبه لا إله إلا الله» «1» ، وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن بني إسرائيل كتبوا كتابا واتبعوه وتركوا التوراة» «2» ، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا قعودا نكتب ما نسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فخرج علينا فقال: «ما هذا تكتبون» فقلنا: ما نسمع منك. فقال:
«أكتاب مع كتاب الله امحضوا كتاب الله وأخلصوه» قال: فجمعنا ما كتبناه في صعيد واحد ثم أحرقناه بالنار.. «3» ..
جمع القران في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:
وهذه الأدلة المتعاضدة بصحيحها وسقيمها تدل على أن تأليف القران من الرقاع أي جمعه كان أمرا معتادا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كما تدل عليه لفظة (كنا) ، وهو ما يعني أن القران قد ألف في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أي جمع.
الإذن لهم بكتابة غير القران:
1-
ثم أذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة غير القران من بعد فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ما كان أحد أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب بيده ويعيه بقلبه وكنت أعيه بقلبي ولا أكتب بيدي وأستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتابة عنه فأذن له «4» ، وعن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: خرج
(1) الطبراني في الأوسط (7/ 288) ، مرجع سابق، وانظر: مجمع الزوائد (1/ 151) ، مرجع سابق.
(2)
الدارمي (1/ 135) ، الطبراني في الأوسط (5/ 359) .
(3)
أحمد (3/ 12) ، مرجع سابق.
(4)
أحمد (2/ 403)، وانظر: مجمع الزوائد (1/ 151) ، مرجع سابق.
علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: «تحدثوا وليتبوأ من كذب علي مقعده من جهنم» قلت: يا رسول الله! إنا نسمع منك أشياء فنكتبها. قال: «اكتبوا ولا حرج» «1» .
2-
وبعد أن أذن لهم بكتابة غير القران معه ربما ترخصوا فكتبوا التفسير الذي سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم أو استنبطوه بما دل على الجزم به عندهم، فيعدها من لا يعلم قراءة وهما فعن أبي يونس مولى عائشة أنه قال ثم أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا وقالت إذا بلغت هذه الاية فاذني حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى فلما بلغتها اذنتها فأملت علي حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين قالت عائشة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم «2» فما الذي سمعته؟ أيقرأ تلاوة أم يقرأ قراءة تفسير؟
…
وتفصيل ذلك في الفصل الخامس عند الكلام على القراءة التفسيرية- إن شاء الله تعالى-.
3-
وكانوا يعرضون ما يملي عليهم من كتاب بعد إملائه فعن زيد ابن ثابت رضي الله عنه قال: كنت أكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان إذا نزل عليه الوحي أخذته برحاء شديدة وعرق عرقا شديدا مثل الجمان، ثم سرى عنه فكنت أدخل عليه بقطعة الكتف أو كسرة فأكتب وهو يملي علي فما أفرغ حتى تكاد رجلي تنكسر من ثقل القران حتى أقول لا أمشي على رجلي أبدا فإذا فرغت قال اقرأ فأقرأه فإن كان فيه سقط أقامه ثم أخرج به إلى الناس «3» .
4-
وكان الصحابة رضي الله عنهم يجتهدون في كتابة القران عنه صلى الله عليه وسلم كما قال علي رضي الله عنه قال: ما كتبنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا القران وما في هذه الصحيفة.. «4» ..
(1) وقال الطبراني في الكبير (4/ 276) .
(2)
مسلم (1/ 437) ، مرجع سابق.
(3)
الطبراني في الأوسط (2/ 257) ، والكبير (5/ 142) .
(4)
البخاري (3/ 1160) ، ابن حبان (1/ 551) ، مرجعان سابقان.
ومما يدل على انتشار الكتابة: ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كانت المصاحف لا تباع كان الرجل يأتي بورقة عند النبي صلى الله عليه وسلم فيقوم الرجل فيحتسب فيكتب ثم يقوم اخر فيكتب حتى يفرغ من المصحف «1» .
5-
وقد اتخذ لكتابة الوحي عددا كبيرا من صحابته واشتهر أمرهم، وممن ذكرهم عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم استكتب عبد الله بن الأرقم فكان يكتب إلى الملوك، فبلغ من أمانته عنده أنه كان يكتب إلى بعض الملوك فيكتب ثم يأمر به أن يطينه ثم يختم لا يقرأ لأمانته عنده واستكتب أيضا زيد بن ثابت فكان يكتب ويكتب إلى الملوك أيضا فكان إذا غاب عبد الله بن الأرقم وزيد بن ثابت واحتاج أن يكتب لإنسان كتابا يقطعه أمر من حضر أن يكتب وقد كتب له عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وزيد بن ثابت والمغيرة بن شعبة ومعاوية بن أبي سفيان وخالد بن سعيد بن العاص وغيرهم ممن قد سمي من العرب «2» ، وقد أفردت بأخبارهم المصنفات في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن أكبرها:«المصباح المضيء لابن حديدة، وقد أوصلهم العراقي في ألفيته إلى (42) كاتبا» «3» .
ولكن المكتوب المجموع (المؤلف) في عهد النبي صلى الله عليه وسلم هل بقي مع زيد وأمثاله من الكتبة أو كان رسميا مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ النصوص تدل على الأول، ولذا احتيج إلى جمع مصحف رسمي في عهد أبي بكر رضي الله عنه.
وما سبق يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم علمهم كتابة القران:
(1) البيهقي في الكبرى (6/ 16) ، مرجع سابق.
(2)
الطبراني في الكبير (5/ 108) ، مرجع سابق.
(3)
فقه النوازل قضايا فقهية معاصرة (2/ 104) .