الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شيوع تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لذلك بين الصحابة:
وقد انتشر ذلك بينهم واشتهر حتى لم يحص من سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم فعن أبي المنهال سيار بن سلامة قال: بلغنا أن عثمان رضي الله عنه قال يوما- وهو على المنبر-: أذكر الله رجلا سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنزل القران على سبعة أحرف كلها شاف كاف» لما قام فقاموا حتى لم يحصوا فشهدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أنزل القران على سبعة أحرف كلها شاف كاف» فقال عثمان رضي الله عنه:
وأنا أشهد معهم «1» .
وهذا يدل على شدة احتفاء النبي صلى الله عليه وسلم، وحرصه على تعميم إخبارهم بهذا، ومن أبرز حكم ذلك: ألا يظنوا بالقران الاختلاف في ألفاظه، أو يكفر بعضهم بعضا إذا اختلف التصويت بألفاظه بينهم، وهو ما وقع من بعض رعية عثمان حيث انتشر الإسلام دون تعليم مكافئ مقابل هذا التوسع الأفقي، فلجأ عثمان لإشاعة شرعية القراات المختلفة بتعميم المصاحف، وكان ذلك من أعظم مناقبه رضي الله عنه.
ثم ذاعت هذه الجزئية من التعليم القراني حتى صارت من العلم العام بينهم.
ولذا ذكر عدد من أهل العلم أن حديث الأحرف السبعة يعد من المتواتر الحديثي «2» ، فقد بلغ «مبلغا عظيما من التواتر لم يتيسر وجودة الكثير من الأحاديث المتواترة. ألا ترى إلى قولة (قاموا حتى لم يحصوا) » «3» .
(1) مسند الحارث (2/ 734) ، مرجع سابق، وهو في مجمع الزوائد (7/ 152) ، مرجع سابق.
(2)
النشر (1/ 15)، وانظر: يوسف إبراهيم النور: مع المصاحف ص 25، مرجعان سابقان.
(3)
النشر (1/ 15)، وانظر: يوسف إبراهيم النور: مع المصاحف ص 25، مرجعان سابقان.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد علمهم ابتداء أن القران نزل على ثلاثة أحرف:
فعن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أنزل القران على سبعة أحرف وفي رواية ثلاثة أحرف» «1» ، وعنه رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يأمرنا أن نقرأ القران كما أقرئناه، وقال:«إنه أنزل على ثلاثة أحرف فلا تختلفوا فيه فإنه مبارك كله فاقرؤوه كالذي أقرئتموه» «2» .
وعلمهم صلى الله عليه وسلم أن المراد من إنزال القران على سبعة أحرف:
التخفيف والتيسير على الأمة فعن حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
وهل علمهم صلى الله عليه وسلم جمع القراات؟.
جمع القراات معناه أن تقرأ الاية وتعيد موضع الاختلاف فتقرأ جميع ما فيه من أوجه منزلة، إما بأن تعيد من أول الاية في كل وجه أو تعيد موضع الاختلاف فقط «4» .
ويمكن استنباط أصل الجمع من حديث المدارسة فإن قوله في الحديث:
(يعرض القران على جبريل مرة..) «معناه يختمه ختمة واحدة، ويلزم منه أنه يقرأ في هذه الختمة سائر ما أنزل عليه قبلها، ويدخل فيه أحرف القران المختلفة، لأنه
(1) الحاكم (2/ 243) ، الطبراني في الكبير (7/ 206) ، مرجعان سابقان.
(2)
الطبراني في الكبير (7/ 152) ، مرجع سابق.
(3)
المختارة (3/ 373) ، الترمذي (5/ 194) ، أحمد (5/ 400) ، مراجع سابقة.
(4)
انظر: النشر (2/ 100) ، الطيبة ص 61، مرجعان سابقان.
قران، فلا وجه لإخراجها من العرض» ، كيف والمقصود هو استذكار النبي صلى الله عليه وسلم لما أنزل عليه، ومنه الأحرف المختلفة المنزلة.
والسؤال: كيف كان صلى الله عليه وسلم يعرض الأوجه المختلفة في الموضع الواحد من مواضع الاختلاف عندما يمر به؟ وهو يختم ختمة واحدة فقط؟
بالجمع أي أنه يكرر ذلك الموضع بسائر ما فيه من أحرف، سواء كرر نفس الموضع واكتفى بذلك، أو أعاد من أول الاية، كل ذلك محتمل وكله سائغ، وليس في الخبر الثابت ما يبين لنا تفصيل ذلك، لكن يكفينا هذا القدر، فإنه دل على أن أصل (جمع القراات) ثابت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم «1» .
ومثل ذلك عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرئهم هذه الأحرف المختلفة كيف كان يصنع؟ هل كان يجمع ما في الاية من قراات في وقت واحد، أم كان يلتزم بالإفراد كما يقول بعض أهل العلم «2» ، وقد قيل في سبب تخصيص أنس المذكورين في حديث الحفظ بالذكر أنهم جمعوا القران بأوجه القراات.
ومن ثم فلا يوجد مانع شرعي من الأخذ به عند قراءة القران مطلقا، في الصلاة وخارج الصلاة، للقارئ أن يفعل ذلك شرط صحة النية، وسلامة القصد، وأمن المفسدة لأنه داخل في الرخصة الثابتة في عموم قوله صلى الله عليه وسلم:«فاقرأوا منها ما تيسر» أي اقرأوا من هذه الحروف المنزلة ما تيسر لكم، فهذا مما تيسر، بل هو اليوم أيسر من الإفراد «3» .
(1) انظر: سنن القراء ص 36، مرجع سابق.
(2)
سنن القراء ص 36، مرجع سابق.
(3)
سنن القراء ص 40، مرجع سابق.