الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعارض ذلك مع أصلين كبيرين:
وعند الباحث أن بعض هذه الروايات صريحة في النفي عن ابن مسعود رضي الله عنه على أنها تحتاج زيادة سبر في أسانيدها، ثم في شذوذ المتن أو كونه محفوظا
…
على الرغم من ذلك فإنها تعارض صراحة أصلين كبيرين:
أحدهما: حفظ ابن مسعود رضي الله عنه وتقدمه على جميع المسلمين في ذلك بما فيهم أبي عند بعض أهل العلم كما تقدم شرحه في الكلام عن العرضة الأخيرة من الفصل الثاني، وإكماله لحفظ القران الكريم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف يفهم قبول ظاهر هذه الروايات الغريبة، مع كثرة ما وضعه الزنادقة وأدخلوه في علوم الإسلام من إرجاف وتشكيك، وتلويث
…
هذا خلف من القول، وأي شيء يكون لو ردّ متن هذه الروايات عند رؤيته لا يستقيم على حال مع حال ابن مسعود وحال الصحابة حوله، أو كان يغيب ذلك عن عمر حين بعثه مقرئا لأهل الكوفة؟ بل أكان ذلك يغيب عن النبي صلى الله عليه وسلم حين أمر بالأخذ عنه؟.
وثانيهما: أن إنكار ابن مسعود رضي الله عنه لهما لم يكن زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ومن أبي بكر ولا عمر فما الذي استجد؟
…
وما لابن مسعود لا ينكر على عمر؟ وقد كان عمر يقرأ بالمعوذتين في الوتر «1» ، ولو مثل ذا حدث لأشعل الدنيا لهيبا إنكارا أو إثباتا
…
فأين ذاك؟
…
ثم تلاميذه الذين تتلمذ عليهم أهل الكوفة
…
مالهم يقرؤون بهما
…
أتشهيا؟.
ولذا أنكر أهل العلم صحة ما ورد عن ابن مسعود، ومن ذلك قول النووي: «وفيه- أي حديث عقبة- دليل واضح على كونهما من القران ورد
(1) ابن أبي شيبة (2/ 94) ، مرجع سابق.
على من نسب إلى ابن مسعود خلاف هذا» «1» ، وقال في المجموع شرح المهذب:
«أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القران، وأن من جحد منهما شيئا كفر، وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح» «2» ، وقال ابن حزم:
ثم رجع ابن حجر إلى منهج الإقراء يعتمده للجواب عن الموضوع برمته فقال: «إلا أن في الإجماع على كونهما من القران غنية عن تكلف الأسانيد بأخبار الاحاد» «4» وليته فعل ذلك ابتداء.
وأما ما ذكر عن عبد الله رضي الله عنه أنه كان ينكر أن تكون فاتحة الكتاب من الكتاب فهو الذي يدفعنا إلى التأكيد على الحقيقة السابقة، على أن الباحث لم يجد نصا يمكن أن يناقش فيه إنكار ابن أم عبد للفاتحة، ونكتفي بما قاله ابن قتيبة في كتابه تأويل مشكل القران، فقال: «وأما فاتحة الكتاب فإني أشك فيما روى عن عبد الله من تركه إثباتها في مصحفه، فإن كان هذا محفوظا فليس يجوز لمسلم أن يظن به الجهل بأنها من القران، وكيف يظن به ذلك وهو من أشد الصحابة عناية بالقران، وأحد الستة الذين انتهى إليهم العلم
…
وهو مع هذا متقدم في الإسلام بدري لم يزل يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم بها
…
وهي السبع المثاني، وأم الكتاب
…
ولكنه ذهب فيما يظن أهل النظر إلى أن القران إنما كتب وجمع بين
(1) شرح النووي (6/ 96) ، مرجع سابق.
(2)
المجموع شرح المهذب (3/ 350) .
(3)
المحلى (1/ 13) ، مرجع سابق.
(4)
فتح الباري (8/ 743) ، مرجع سابق.