الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين «1» ، وفي لفظ: أن حفصة أمرت مولى لها أن يكتب لها مصحفا فقالت: إذا بلغت هذه الاية حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى فلا تكتبها حتى أمليها عليك كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها فلما بلغتها أمرته فكتبها حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين «2»
…
واختلاف ألفاظ الروايات وعدم استقرارها يوضح تمام التوضيح أنها قراات تفسير، ويشبه ذلك قوله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب:
«شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا» «3» .
فبالتأمل يظهر للباحث المتجرد على أن كلام أمهات المؤمنين يراد به التفسير اختلاف ألفاظ الروايات في إثبات تفسير الصلاة الوسطى فيكون معنى قولهن سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم أي التفسير عند قراءة الاية، وليس الترتيل بقراءتها ضمن الاية، وحكمها في الأخير حكم المرفوع أو الموقوف من الأحاديث بحسب كل، ويدل على ذلك دلالة لا شبهة فيها رواية: صلاة الوسطى صلاة العصر «4» ، وهذا لفظ التفسير كما هو ظاهر، ويؤيده ما رواه أبو عبيد بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرؤها حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر بغير واو «5» .
ويوضح هذه المسألة أكثر:
أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتجوزون في ذكر أن كذا من القران مع بقاء حدوده اللفظية واضحة كما في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لعن الله الواشمات
(1) ابن حبان (14/ 228) ، مرجع سابق.
(2)
الطبري (2/ 562) ، مرجع سابق.
(3)
مسلم (1/ 436) ، مرجع سابق.
(4)
سعيد بن منصور في سننه (3/ 913) ، مرجع سابق.
(5)
أبو عبيد في الفضائل ص 293، مرجع سابق.
والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله قال فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب وكانت تقرأ القران فأتته فقالت ما حديث بلغني عنك أنك لعنت الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله فقال عبد الله وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله
…
الحديث «1» .
ولأن القراءة الشاذة- في الغالب- تكون تفسيرا للقراءة المشهورة
…
سميت قراءة هنا مجازا: كما قال أبو عبيد في الفضائل: «القصد من الشاذة تفسير المشهورة وتبيين معانيها كقراءة عائشة وحفصة: والصلاة الوسطى صلاة العصر» «2» .
ومثل ذلك ما قرره الغزالي- رحمه الله تعالى- في المنسوب إلى ابن مسعود من قراءة فصيام ثلاثة أيام متتابعات حيث قال: «تحمل على أنه ذكرها في معرض البيان لما اعتقده مذهبا فلعله اعتقد التتابع حملا لهذا المطلق على المقيد بالتتابع في الظهار» «3» ، وحملوا جميع ما جاء من الروايات مخالفا لخط المصحف إذا تيقنت صحنه على وجه التفسير، لا أنه من التلاوة «4» .
وجعل السيوطي هذا النوع شبيها بالحديث المدرج فقال:
(1) مسلم (3/ 1678) ، مرجع سابق.
(2)
فضائل القران لأبي عبيد ص 289، مرجع سابق.
(3)
المستصفى ص 81، مرجع سابق.
(4)
شرح الهداية ص 8، مرجع سابق.
(5)
الإتقان (1/ 207) ، مرجع سابق.
وأبرز مثال يمكن اصطحابه هنا لتقريب هذا الموضوع:
ما جاء في حديث أبي سفيان عن ما حدث بينه وبين هرقل؛ إذ فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهرقل: «فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) (ال عمران: 64) «1» ، فالواو هنا حكم عليها بأنها زيادة على الاية سابقا خضوعا لمنهج التواتر القراني؛ إذ وقعت (ويا أهل الكتاب الخ) هكذا بإثبات الواو في أوله، كأنها داخلة على مقدر معطوف على قوله أدعوك فالتقدير أدعوك بدعاية الإسلام وأقول لك ولاتباعك امتثالا لقول الله تعالى يا أهل الكتاب.. «2» ..
ولذا قال مجاهد- رحمه الله تعالى-:
«لو كنت قرأت قراءة ابن مسعود لم أحتج أن أسأل ابن عباس عن كثير من القران مما سألت» «3» ، وكلام مجاهد هنا يدل دلالة واضحة على أن «القراات الشاذة» التي تنسب إلى مصحف ابن مسعود تفسير من ابن مسعود وليست بقراءة قرانية.
ومثال ذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: «ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج مع نظائر لهذه الحروف كثيرة» «4» ، وقرر ابن حزم
(1) البخاري (1/ 9) ، مرجع سابق.
(2)
فتح الباري (1/ 39) ، مرجع سابق.
(3)
الترمذي (6/ 411) ، مرجع سابق.
(4)
انظر: القرطبي (1/ 84) ، مرجع سابق.