الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: تعليمه صلى الله عليه وسلم أحكام الوقف:
فقد علمهم صلى الله عليه وسلم الوقف والابتداء كما قال ابن عمر رضي الله عنه:
…
وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فنتعلم حلالها وحرامها وامرها وزاجرها وما ينبغي أن يقف عنده منها كما تعلمون أنتم اليوم القران ثم لقد رأيت اليوم رجالا يؤتى أحدهم القران قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدرى ما امره ولا زاجره ولا ما ينبغي أن يقف عنده منه فينثره نثر الدقل «1» ، فقوله:(وما ينبغي أن يقف عنده منها) تحتمل الوقف الاصطلاحي عند أئمة الإقراء وهو الظاهر إذ لو رجح غيره لما كان ثم فائدة لما قبله؛ إذ ما قبله من وصف يدل على الوقف المعنوي
…
وقد علمهم صلى الله عليه وسلم الوقف عند رؤوس الاي فعن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته [اية اية] يقول بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ثم يقف الرحمن الرحيم ثم يقف «2» أي يقف عند كل اية
…
وحاول أهل العلم تبسيط ذلك على الناس، فاصطلحوا على تسمية الأوقاف بتسمية معينة حسب حسن الوقف، لا حسب حسن القران إذ القران كله حسن فقالوا:«الوقف على مراتب: أعلاها التام، ثم الحسن، ثم الكافي، ثم الصالح ثم المفهوم، ثم الجائز، ثم البيان، ثم القبيح،.. «3» . وأكثر ما ذكر الناس في أقسامه غير منضبط ولا منحصر «4» .
(1) البيهقي في الكبرى (3/ 119) ، مرجع سابق.
(2)
أبو داود (4/ 37) ، الترمذي (5/ 185)، وخرجه الدارقطني (1/ 312) وقال:«إسناده صحيح وكلهم ثقات» .
(3)
(الأنصاري) : شيخ الإسلام أبي يحي زكريا الأنصاري: المقصد لتلخيص ما في المرشد في الوقف والابتدا ص 5- بذيل منار الهدى ط 2، 1393 هـ/ 1973 م.
(4)
النشر في القراات العشر (1/ 255) ، مرجع سابق.
ولكن أهناك أوقاف محرمة في القران الكريم، وأوقاف واجبة؟
…
يذهب بعض العلماء كالبقاعي إلى أنه لا وقف تام في كتاب الله، فالاصطلاحات للتقريب والتبسيط، وبيان القبح في السمع أو الحسن، لا أنه يجب شيء من ذلك أو يحرم لعدم النص، فما كان من جهة الوقف فإنه لا يجب على القارئ الوقف على محل معين بحيث لو تركه يأثم، ولا يحرم الوقف على كلمة بعينها إلا إذا كانت موهمة وقصدها
…
فإن اعتقد معناها كفر والعياذ بالله كأن وقف على قوله إن الله لا يستحيى- وما من إله- وإني كفرت وشبه ذلك
…
ومعنى قولهم لا يوقف على كذا معناه أنه لا يحسن الوقف صناعة على كذا، وليس معناه أن الوقف يكون حراما أو مكروها بل خلاف الأولى إلا أن تعمد الوقف على نحو قوله (لقد كفر الذين قالوا) ونحو قوله:(لقد سمع الله قول الذين قالوا) وابتدأ بما بعد ذلك فيحرم عليه فإن اعتقد معناه كفر كما هو ظاهر «1» ، وفي ذلك يقول ابن الجزري:
وليس في القران من وقف وجب
…
ولا حرام غير ماله سبب «2»
ويقول في النشر: «قول الأئمة لا يجوز الوقف على المضاف دون المضاف إليه، ولا على الفعل دون الفاعل، ولا على الفاعل دون المفعول، ولا على المبتدأ دون الخبر
…
إلى اخر ما ذكروه وبسطوه من ذلك إنما يريدون بذلك الجواز الأدائي وهو الذي يحسن في القراءة، ويروق في التلاوة، ولا يريدون بذلك أنه حرام ولا مكروه بل أرادوا بذلك الوقف الاختياري الذي يبتدأ بما بعده، وكذلك لا يريدون بذلك أنه لا يوقف عليه البتة فإنه حيث اضطر القارئ إلى الوقف على
(1) نهاية القول المفيد في علم التجويد ص 25، مرجع سابق.
(2)
طيبة النشر ص 37، مرجع سابق.