الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مكملا من غير ما تكلف
…
باللطف في النطق بلا تعسف
فالقراءة بالألحان مع مخالفة هذه الشروط هو الذي كرهه العلماء ومنعوه، وهو الذي قالوا فيه «ما أحدثه المتكلفون بمعرفة الأوزان والموسيقى فيأخذون في كلام الله مأخذهم في التشبيب والعزل فإنه من أسوأ البدع فيجب على السامع النكير وعلى التالي التعزير» «1» ، وجاء زياد النميري مع القراء إلى أنس بن مالك رضي الله عنه فقيل له:
اقرأ فرفع صوته وطرّب، وكان رفيع الصوت فكشف أنس عن وجهه، وكان على وجهه خرقة سوداء فقال: يا هذا ما هكذا كانوا يفعلون وكان إذا رأى شيئا ينكره كشف الخرقة عن وجهه، وفي ترجمة الحافظ السلفي: أزال من جواره منكرات كثيرة رأيته منع القراء بالألحان وقال: هذه القراءة بدعة اقرؤا ترتيلا «2» .
الاستعانة على تحسين الصوت بالوسائل المشروعة كالمحاكاة:
ويستفاد من النصوص السابقة، ومنها قول ابن أبي مليكة راوي حديث (التغني) حينما قيل له: أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت ماذا يصنع؟ قال: يحسنه ما استطاع.
«أنه لقارئ القران أن يستعين بما تيسر له من الوسائل لتحسين صوته، ومنها أن يتعلم من قانون النغم وما يختاره أو يختار له من الألحان المناسبة لقراءة القران، وذلك بقدر ما يحتاج إليه للتغني بالقران، يتلقى ذلك عن شيخه الذي يقرئه إن كان ممن يتقن ذلك.
ومنها: التقليد والمحاكاة، بأن يحاكي شيخه، وهذا لا بد منه عند التعلم، أو يحاكي أحد المتقنين من القراء أصحاب الأصوات الحسنة، والأنغام المؤثرة،
(1) فيض القدير (4/ 68) ، مرجع سابق.
(2)
تذكرة الحفاظ (4/ 1302) ، مرجع سابق.
كالمنشاوي، أو عبد الباسط عبد الصمد، أو أصحاب الترتيل المتقن حدرا وتحزينا من أئمة التراويح الذين يصدحون في المحاريب بأجمل الأصوات وأحسن الأداء» «1» ففي حديث الترجيع «قلد الصحابي- وهو عبد الله بن مغافل- النبي صلى الله عليه وسلم في ترجيعه بذلك اللحن، والتابعي- وهو معاوية بن قرة- كاد أن يفعل.
أفلا يشرع لكل قارئ أن يحاكي النبي صلى الله عليه وسلم في هذا اللحن؟
وهل يلزم أن ينقل إلينا نص بأن الصحابة كانوا يحاكونه صلى الله عليه وسلم في لحنه؟
ألا يكفي ما نعلمه من شدة حرصهم على متابعته والاقتداء به.
إذا كان لكل تلميذ أن يحاكي شيخه في أدائه، وصوته، ولحنه، أفلا نحاكي معلمنا الأول وإمامنا ونبينا وسيدنا صلى الله عليه وسلم في ذلك كله؟!» «2» .
(1) انظر: سنن القراء ص 107، مرجع سابق.
(2)
انظر: سنن القراء ص 108، مرجع سابق.