الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما ما جاء عن أبي يوسف قال: قال أبو حنيفة: لما أردت طلب العلم جعلت أتخير العلوم، وأسأل عن عواقبها، فقيل: تعلم القران. فقلت: إذا حفظته فما يكون اخره؟ قالوا: تجلس في المسجد فيقرأ عليك الأحداث، ثم لا يلبث أن يخرج فيهم من هو أحفظ منك أو مساويك فتذهب رئاستك
…
فحكاية هشة لا يستسيغها اللسان لمكان أبي حنيفة، وقد قال الذهبي تعليقا عليها:«قلت: من طلب العلم للرئاسة قد يفكر في هذا وإلا فقد ثبت قول المصطفى صلوات الله عليه «أفضلكم من تعلم القران وعلمه» ، يا سبحان الله! وهل محل أفضل من المسجد؟
وهل نشر لعلم يقارب تعليم القران؟ كلا والله وهل طلبة خير من الصبيان الذين لم يعملوا الذنوب؟» «1» .
وعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك تطبيقيا:
فجعل الحافظ (حامل القران) هو المقدم على أمور الناس الدينية والدنيوية ما دامت العوامل المساعدة الاخرى قد وجدت فيه، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن أبي العاص أمير الطائف «2» لما كان أكثرهم قرانا على الرغم من أنه أصغرهم سنا فعنه رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أمّ قومك» . «3» .، وبيان قصة تأميره رضي الله عنه عليهم فيما جاء عنه قال: قدمت في وفد ثقيف حين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبسنا حللنا بباب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: من يمسك لنا رواحلنا؟ فكل القوم أحب الدخول على النبي صلى الله عليه وسلم وكره التخلف عنه، قال عثمان- وكنت أصغرهم- فقلت: إن شئتم أمسكت لكم على أن عليكم عهد الله لتمسكن لي إذا خرجتم.
(1) سير أعلام النبلاء (6/ 396) ، مرجع سابق.
(2)
انظر: فتح الباري (13/ 241) ، مرجع سابق.
(3)
أبو عوانة في مسنده (1/ 420) ، مرجع سابق.
قالوا: فذلك لك فدخلوا عليه، ثم خرجوا، فقالوا: انطلق بنا! قلت: أين؟
قالوا: إلى أهلك. فقلت: خرجت من أهلي حتى إذا حللت بباب النبي صلى الله عليه وسلم أرجع، ولا أدخل عليه، وقد أعطيتموني ما قد علمتم. قالوا: فاعجل فإنا قد كفيناك المسألة فلم ندع شيئا إلا سألناه. فدخلت: فقلت: يا رسول الله! ادع الله أن يفقهني في الدين ويعلمني. قال: «ماذا قلت» ، فأعدت عليه القول فقال:«لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أصحابك اذهب فأنت أمير عليهم وعلى من يقدم عليك من قومك» فذكر الحديث «1» ، وفي رواية أخرى مختصرة قال: فيها فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته مصحفا كان عنده فأعطانيه «2» ، وما سأل مصحفا إلا لأنه كان أحفظهم.
فصارت الإمامة الدنيوية استحقاقا واجبا من استحقاقات الحافظ (حامل القران)، بل يقدم الصغير على الكبار إذا كان قارئا كما ثبت في صحيح البخاري عن عمرو بن سلمة قال: كنا بماء ممر الناس، وكان يمر بنا الركبان، فنسألهم: ما للناس ما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعم أن الله أرسله أوحى إليه كذا أوحى إليه، كذا فكنت أحفظ ذلك الكلام فكأنما يقر في صدري، وكانت العرب تلوم بإسلامها، فيقولون: أتركوه وقومه فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قدم قال: جئتكم والله من عند نبي الله حقا. قال: «صلوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرانا» فنظروا فلم يكن أحد أكثر مني قرانا لما كنت أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو
(1) الطبراني في الكبير (9/ 50) .
(2)
الاحاد والمثاني (3/ 191) .