الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13-
التفضيل لبعض السور من باب التحضيض التنويعي على قراءتهن: مما يجعل النفس تتشوف إلى حفظها أو تلاوتها
…
ولنأخذ سورة البقرة نموذجا لأنها أطول السبع الطول: فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر فإن الشيطان ينفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة» «1» .
14-
الترهيب من عدم القراءة: وفيه تعميم للقراءة فهي قراءة عامة تتوجه لكل الأمة: كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه الذي تقدم قبل قليل في رقم (5) من هذه الفقرة.
ثانيا: وسائل إغرائية دعائية ولكن بالحق، والصدق، وليس بمجرد الإغراء والدعاية الباطلة:
فتلحظ من طريقة القران وأسلوب النبي صلى الله عليه وسلم في نشر القران وتعميم تعليمه منهجا تشويقيا إغرائيا يؤدي إلى تعظيم القران وتبجيله، وتعلمه- من بعد- ليصبغ جو المسلمين بالثقافة القرانية، وتمثل ذلك في عدة مظاهر:
كثرة الأسماء المعنوية، والصفات المختلفة للقران: فإن ذلك يجذب المرء إليه، ويجعله شديد التعظيم له، على أن مقاصد القران الكريم مختصرة في أسمائه، وهو إعجاز من نوع اخر
…
فمن أسمائه المذكورة في ثناياه: التنزيل، والذكر، والزبور، والسبع المثاني، والصحف، والفرقان، والكتاب، والنور، والبشرى، والبصيرة، والبلاغ، والحق، والحكيم، والذكرى، والرحمة، والشفاء، والعربي، والعزيز، والعظيم، والعلي، والكريم، والمبارك، والمبين، والمجيد
…
(1) مسلم (1/ 539) ، وانظر ما جمعه الغافقي في لمحات الأنوار ابتداء من الحديث رقم 726 حول فضلها، وكيف تنوع أسلوب بيان الفضل عند النبي صلى الله عليه وسلم.
نسبة التعليم فيه إلى الله سبحانه وتعالى في قوله: الرَّحْمنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2)(الرحمن: 1- 2) ، وهذا شبيه بنسبة فضل الصوم إليه في قوله جل جلاله «الصوم لي وأنا أجزي به» ، ولكن هذا ورد في الحديث والأول في القران، وفي ذلك إغراء شديد بتعلم ألفاظ القران الكريم.
الأمر بتلاوته وتفصيل ادابها في القران الكريم ذاته، وهو أمر لافت
…
أن يختزل ذكر بعض الأحكام الفقهية اليومية كالوضوء والصلاة، فتذكر إجمالا في القران الكريم، ويذكر الأمر بالتلاوة وتفصل ادابها وفضائلها.
إخبار الله ونبيه صلى الله عليه وسلم عن الأجور العظيمة التي يهبها الله لمن يتقن القران أو بعضا منه مما يجعل المرء يقدس القران أعظم التقديس فمن ذلك فعن بريدة رضي الله عنه قال: كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: «تعلموا البقرة فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة، قال: ثم سكت ساعة ثم قال: تعلموا البقرة وال عمران فإنهما الزهراوان يظلان صاحبهما يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيابتان أو فرقان من طير صواف وإن القران يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب فيقول هل تعرفني فيقول ما أعرفك فيقول أنا صاحبك القران الذي أظمأتك في الهواجر وأسهرت ليلك وإن كل تاجر من وراء تجارته وإنك اليوم من وراء كل تجارة فيعطى الملك بيمينه والخلد بشماله ويوضع على رأسه تاج الوقار ويكسى والداه حلتين لا تقوم لهما الدنيا فيقولان عم كسينا هذا فيقال بأخذ ولد كما القران ثم يقال اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها فهو في صعود ما دام يقرأ حدرا كان أو ترتيلا» «1» ، وكان التابعون من تلاميذ الصحابة رضي الله عنهم يذكرون هذا الحديث بأسلوبهم، فعن وهب الذّماريّ قال:
(1) الدارمي (2/ 543) ، أحمد (5/ 348) ، مرجعان سابقان.
من اتاه الله القران فقام به اناء اللّيل واناء النّهار وعمل بما فيه ومات على الطّاعة بعثه الله يوم القيامة مع السّفرة والأحكام- قال سعيد السّفرة الملائكة والأحكام الأنبياء- قال: ومن كان حريصا وهو يتفلّت منه وهو لا يدعه أوتي أجره مرّتين، ومن كان عليه حريصا وهو يتفلّت منه ومات على الطّاعة فهو من أشرافهم، وفضّلوا على النّاس كما فضّلت النّسور على سائر الطّير، وكما فضّلت مرجة خضراء على ما حولها من البقاع فإذا كان يوم القيامة قيل: أين الّذين كانوا يتلون كتابي لم يلههم اتّباع الأنعام فيعطى الخلد والنّعيم فإن كان أبواه ماتا على الطّاعة جعل على رؤسهما تاج الملك فيقولان: ربّنا ما بلغت هذا أعمالنا؟ فيقول بلى إنّ ابنكما كان يتلو كتابي، ومن ذلك ما جاء عن كعب قال: عليكم بالقران فإنّه فهم العقل ونور الحكمة وينابيع العلم وأحدث الكتب بالرّحمن عهدا وقال في التّوراة: يا محمّد إنّي منزّل عليك توراة حديثة تفتح فيها أعينا عميا واذانا صمّا وقلوبا غلفا «1» .
التشويق بالتشبيه بالمحسوسات: فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل الذي يقرأ القران ولا يعمل به كمثل ريحانة ريحها طيب ولا طعم لها، ومثل الذي يعمل بالقران كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الذي يعمل بالقران ويقرؤه كمثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب ومثل الذي لا يقرأ القران ولا يعمل كمثل الحنظلة طعمها خبيث وريحها خبيث» «2» .
(1) الدارمي (2/ 525) ، مرجع سابق.
(2)
مجمع الزوائد (7/ 159) ، مرجع سابق، وقال:«روى ابن ماجه منه طرفا رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح» .