الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتعلموا كم بين نزول أول القران وبين اخره:
فقد قال ابن عباس رضي الله عنه: «فكان بين أوله واخره عشرين سنة» ، بل ضبطوا كيفية النزول في السماء، ومقدار النازل منه، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال:«فصل القران من الذكر فوضع في بيت العزة في السماء الدنيا فجعل جبريل عليه السلام ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم [يتلوه] يرتله ترتيلا» قال سفيان: خمس ايات ونحوها «1» ، وتعلموا مدة نزوله في كل مكان نزل فيه: فعن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبث بمكة عشر سنين ينزل عليه القران وبالمدينة عشرا» «2» .
وقد علمهم صلى الله عليه وسلم تفاصيل أدق من ذلك:
بعضها علموها من القران مباشرة، وبعضها منه صلى الله عليه وسلم حتى ضبطوا هيئة النزول: من حيث كمية المنزل الجملي إلى السماء الدنيا، والمنزل التفصيلي إلى الأرض، وعلامات نزوله (سبب النزول)، ومن ذلك- مثلا- ما جاء عن ابن عباس قال:«أنزل القران جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة» وقرأ: وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ (الإسراء: 106) الاية وفي رواية (فرّق في السنين)، وفي أخرى:«وضع في بيت العزة في السماء الدنيا فجعل جبريل ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم» «3» ، وعنه في الله عز وجل: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (القدر: 1) قال: «أنزل القران جملة واحدة حتى وضع في بيت العزة في السماء الدنيا، ونزله جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم بجواب كلام
(1) الحاكم (2/ 667) ، وصححه، ووافقه الذهبي، وكذلك رواه الضياء في المختارة (10/ 154) ، مرجع سابق.
(2)
مسند الإمام الربيع بن حبيب (ص 284) .
(3)
فتح الباري شرح صحيح البخاري (9/ 4) ، مرجع سابق.
العباد وأعمالهم» «1» ، وعنه قال: نزل القران جملة واحدة في ليلة القدر إلى السماء الدنيا، وكان بموقع النجوم، وكان الله عز وجل ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضه في أثر بعض فقالوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً (الفرقان: 32) «2» .
وعلمهم صلى الله عليه وسلم كيف علمه الله سبحانه وتعالى قراءة القران وإقرائه كما في قول الله جل جلاله:
وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (المزمل: 4)، وقوله لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ (الإسراء: 106) «3» .
وكان فقهاء الصحابة رضي الله عنهم يجمعون بين الأدلة وفق هذه القاعدة: فقد قال ابن عباس رضي الله عنه وسئل عن قوله إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (القدر: 1) وقوله شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ (البقرة: 185) وهو ينزل في غيره- فقال:
«نزل به جبريل عليه السلام جملة واحدة ثم كان ينزل منه في الشهور» «4» .
وذكر الله عز وجل ذلك التنجيم في كتابه تعليما للصحابة رضي الله عنهم ثم لمن بعدهم في الإسراء والفرقان والواقعة، وقد صرح بذلك في الواقعة عدد من المفسرين «5» ، ويرجحه ذكر القران بعده وحفظه جملة في السماء «6» ، فقد جاء «عن عكرمة في قول الله عز وجل فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (الواقعة: 75) قال: القران نزل جملة واحدة فوضع في مواقع النجوم فجعل جبريل عليه السلام ينزل بالاية والايتين وقال غيره: بمواقع النجوم بمساقط نجوم القران كلها أوله واخره» ، ومن الحجة لهذا
(1) الطبراني في الكبير (12/ 32) ، مرجع سابق.
(2)
النسائي في الكبرى (6/ 519) ، مرجع سابق.
(3)
وانظر تفصيل ذلك في كتاب التلقي كاملا، مرجع سابق.
(4)
التمهيد (17/ 50) ، مرجع سابق.
(5)
أكد على ذكرها للخلاف الوارد في تفسير معنى المواقع، والظاهر ألا مانع من إرادة المعنيين.
(6)
ولا ينفي هذا المعنى الثاني.