الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7- فرضية أداء المستطاع في تلاوة القران الكريم من الترتيل:
كما دل عليه الحديث السابق.
8- وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل ميادين تجويد القران مختلفة ليرسخ بأكثر من أسلوب:
وذلك كالصلاة الجهرية الجماعة، وحلقة التعليم، والتعليم الفردي، والصلاة الفردية، والقراءة الفردية فكان يرفع الصوت بالقراءة، ولا شك أن من المقاصد الشرعية لذلك سماع القران لفظا وكيفية (أداء) فعن أم هانئ قالت: كنت أسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وأنا على عريشي «1» .
وتسلسلت هذه المنهجية فقد علم الصحابة رضي الله عنهم تلاميذهم ذلك كما تعلموه من النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروهم أن من أعظم واجبات حامل القران تلاوته بالحق أي بأحكامه ليس التلاوة المجردة فعن شقيق قال: أتى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بمصحف قد زين فقال: إن أحسن ما زين به المصحف تلاوته بالحق «2» .
وقد نبه الصحابة رضي الله عنهم تلاميذهم إلى ضرورة التزام التجويد:
وذموا تاركه فعن حذيفة رضي الله عنه: «إنّ من أقرأ الناس للقران منافقا لا يدع منه واوا ولا ألفا، يلفته بلسانه كما تلفت البقرة الخلى بلسانها» «3» ، فقد وسم من لا يعطي الحروف حقها بالنفاق وذلك أن اللفت هنا من قولهم: الرّاعي يلفت الماشية بالعصا، أي يضربها بها، لا يبالي أيها أصاب، والمعنى: «يقرؤه من غير رويّة ولا
(1) ابن ماجة (1/ 429) ، وقال في مصباح الزجاجة (1/ 159)، مرجع سابق:«هذا إسناد صحيح رجاله ثقات» .
(2)
سعيد بن منصور في سننه (2/ 485) ، مرجع سابق، وقال المحقق:«سنده صحيح» .
(3)
ابن أبي شيبة (6/ 127) ، مرجع سابق، صفة المنافق ص 59 للفريابي.
تبصّر بمخارج الحروف، وتعمّد للمأمور به من الترتيل والترسّل في التلاوة، غير مبال بمتلوّه كيف جاء؛ كما تفعل البقرة بالحشيش إذا أكلته، وأصل اللّفت ليّ الشيء عن الطريق المستقيمة» «1» ، وقد يحتمل عند الباحث أن يكون المعنى:
اهتمام المنافق بالقراءة حتى لا يترك منه ألفا ولا واوا إلا أتقنه ليفتن الناس بذلك.
ومن ذلك ما جاء عن أبي جمرة قال قلت لابن عباس: إني (رجل) سريع القراءة، إني أهذ القران «وربما قرأت القران في ليلة مرة أو مرتين» . فقال ابن عباس: لأن أقرأ سورة البقرة فأرتلها أحب إلي من أن أقرأ القران كله «فإني كنت فاعلا لابد فاقرأه قراة تسمع أذنيك ويعيه قلبك» «2»
…
وهذا الأخير هو حدّ الحدر الاصطلاحي
…
وصيغة التفضيل (أحب) في قول ابن عباس لا تدل على جواز قراءة القران بغير ترتيل بل تدل على الاستبداد، وتشبه في ذلك قوله سبحانه وتعالى: ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (الصف: 11) ، أو يكون من باب الترتيل الذي بمعنى التأني والتؤدة (يطابق التحقيق الاصطلاحي) ، والمفاضلة بينه وبين الهذ وهو الإسراع (يطابق الحدر الاصطلاحي) مع بقاء الأحكام الواجبة في كل منهما، كما سيأتي في مراتب الترتيل- إن شاء الله عز وجل في المبحث القادم.
ومن أهم معالم تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لهم أهمية التجويد: تعليمه اجتناب اللحن، وهو ما يأتي في الفصل التالي.
(1) انظر: الفائق في غريب الحديث (3/ 224) .
(2)
البيهقي في الكبرى (3/ 13) ، مرجع سابق.