الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وثم مقتضى يوجبه التدبر هو الخشوع اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ (الزمر: 23) .
وثم طريقة لقراءة هذا الكلام هي التلاوة بالترتيل وتحسين التصويت به، فليست قراءة القران كمعتاد الكلام، أو إلقاء الشعر.
فتحصل بمجموع ذلك كله: وجوب ترتيل (تجويد) القران كما تلقي وسمع مع المنع من غثاثة الإفراط في التغني للتوقيفية التعبدية المحضة.
فالواجب الشرعي في التجويد:
وهو ما أجمع عليه القراء كالإخفاء والإدغام والإظهار والقلب وترك المد فيما أجمع على قصره وترك القصر فيما أجمع على مده وغيره ذلك مع أن الواجب من المد هو القدر المجمع عليه مما ليس فيه خلاف، وتزيين القراءة بحيث تختلف عن سجية معتاد الكلام حال التلاوة، فهذا هو الواجب الشرعي؛ إذ يمثل الترتيل المأور به، ويبقى العذر بالجهل مانعا من وقوع العامي في الإثم، ولكن أي عذر لمتعلم جامعي في أرقى التخصصات الفنية ألا يعرف كيفية قراءة كتاب الله الكريم أكثر من العامي أو الأمي؟.
وحقيقة الوجوب هنا قائمة على ركائز:
توفر الحد الأدنى من أحكام التجويد مما هو مجمع عليه بين القراء، فليس من الواجب تحقيق المد تماما وإنما المجيء بأصله الذي يسمى به مدا، وكذلك الغن، ولا يكون ذلك إلا بتحقيق مخرج الحرف وصفته
…
ولذا ذكر قالون عن نافع أنه كان يمد ويحقق القراءة، ولا يشدد، ويقرب بين المدود وغير المدود، قال ابن
مجاهد: وكذلك مذهب ابن كثير وأبي عمرو «1» ، وقال حمزة: ترك الهمز في المحاريب من الأستاذية «2» ، والمراد ترك الكمال في ذلك كله.
تحسين الصوت تغنيا وتزيينا بالمستطاع: والمراد تغيير نغمة الصوت عند التلاوة على هيئة مميزة للقران الكريم.
أن الأركان الثلاثة تتفاوت في وجوبها، فالأول لا تسمى القراءة قراءة إلا به، والثاني يخل بعرف القراءة وقد يخل بالمعنى، ووجوبه في درجة أدنى، والثالث يخل بعرف تلاوة القران ووجوبه أقل مما سبقه، والتساهل فيه كائن، والله أعلم.
(1)(الداني) أبو عمرو عثمان بن سعيد الأندلسي ت 444 هـ: التحديد في الإتقان والتجويد ص 87، مرجع سابق.
(2)
(السخاوي) علم الدين علي بن محمد ت 643 هـ: جمال القراء وكمال الإقراء (2/ 471) ، مرجع سابق، ويراجع كلام السخاوي القيم في الدفاع عن ابن عامر وحمزة.