الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من قبل أن يجتمع أبواك ولقد علمني منه علي بن أبي طالب سورتين علمهما إياه رسول الله ما علمتهما أنت ولا أبوك اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق «1» .
والجواب عن ادعاء أن هاتين سورتين:
1-
تأويل هذه الأخبار الصحيح- إن صحت وصحتها بعيدة- أن ذلك دعاء وهم الراوي فبات يسميه سورة، ويحسبه قرانا، وابن سيرين لم يدرك أبيا ليأخذ منه، وكيف انتقل مصحف أبي إلى ابن سيرين، وقد خرقت المصاحف وحرقت؟
إلا ما قامت الدولة بنشره بين المسلمين، وهو ما اجتمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدل على أن ذلك دعاء ما أخرجه البيهقي أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع فقال: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك- إلى قوله: ملحق «2» ، ومثله ما جاء عن عبد الرحمن بن سويد الكاهلي قال: كأني أسمع عليا رضي الله عنه في الفجر حين قنت وهو يقول اللهم إنا نستعينك ونستغفرك «3» .
2-
والبسملة لا تدل على أنهما سورتان، فالبسملة تدخل في أكثر الأمور العملية على ما هو معلوم بالاضطرار في حياة المسلمين، فحالها كدخول جملة الله أكبر في الدعاء وهي تكبيرة في الصلاة.
3-
وأما ما أخرجه محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة عن أبي بن كعب أنه كان يقنت بالسورتين فذكرهما وأنه كان يكتبهما في مصحفه
…
فكلمة (قنوت)
(1) لم أجده مسندا في كتب الحديث المشهورة بعد لأي.
(2)
وراجع جلاء الأفهام ص 362 ففيه بيان أن هذا كان من دعاء عمر وأبي في قنوت رمضان بعد الركوع.
(3)
البيهقي في الكبرى (2/ 204) .
تصريح بأنهما دعاء، وأما الكتابة فتؤكد ما قرر عن أبي سابقا من تجوزه في كتابة تفسير أو حديث أو قراءته ضمن قراءة القران، وإلا فأين معارضته التي سيكفّر بها الناس لو لم يجعلوا هاتين السورتين ضمن ما يقرؤون؟.
4-
ولذا ورد عن ابن مسعود أنه كان يأمر بهذا الدعاء في قنوت الوتر «1» .
5-
ومثل ذلك تماما تلك الرواية المذكورة عن عبد الله بن زرير الغافقي، فإن قوله: ما علمتهما أنت ولا أبوك وقوله أن النبي صلى الله عليه وسلم علمهما علي بن أبي طالب ربما «أرشدك إلى أنهما من العلوم الخاصة التي لا يعرفها كل الناس فيكونان ليسا من القران لأن القران لا يخص به واحد دون اخر» «2»
…
فتتم محاكمتهما في ضوء التواتر القراني.
6-
وهذا ما فعله القاضي ابن الباقلاني حيث حاكم هذه الروايات في كتاب الانتصار إلى منهج نقل القران الكريم، فقال:«أن كلام القنوت المروي أن أبي بن كعب أثبته في مصحفه لم تقم الحجة بأنه قران منزل بل هو ضرب من الدعاء وأنه لو كان قرانا لنقل نقل القران، وحصل العلم بصحته» .
7-
ومثل ذلك في انهما دعاء ما أخرجه الطبراني بسند صحيح- كما يقول السيوطي- عن أبي إسحاق قال أمنا أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بخراسان فقرأ بهاتين السورتين إنا نستعينك ونستغفرك، ويؤكد هذه الوجهة ما أخرجه البيهقي وأبو داود في المراسيل عن خالد بن أبي عمران أن جبريل نزل بذلك على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة مع قوله ليس لك من الأمر شيء الاية لما قنت يدعو على مضر «3»
…
(1) ابن أبي شيبة (2/ 95) ، مرجع سابق.
(2)
كتاب الجواب المنيف (في الرد على مدعي التحريف في الكتاب الشريف) ص 151، مرجع سابق.
(3)
الإتقان (1/ 179) ، مرجع سابق.