الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول: تعليمه صلى الله عليه وسلم كيفية تعلمه لكلام الله القراني:
وفيه ثلاثة مطالب:
يبين هذا المبحث دقة ضبط النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لما يتعلق بألفاظ القران الكريم كما يبين تعلم الصحابة رضي الله عنهم ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه علمهم كيف تلقى القران الكريم عن جبريل عليه السلام عن الله عز وجل، ليقتدوا به في حدود قدرتهم البشرية، ولذا انقسم المبحث إلى ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: تعليمه صلى الله عليه وسلم كيفية نزول ألفاظ القران وتلقيها
.
المطلب الثاني: تعليمه صلى الله عليه وسلم أماكن القراءة.
المطلب الثالث: مقتضيات ذلك: إلزامهم الاقتداء به في هيئة تلاوته لألفاظ القران الكريم.
المطلب الأول: تعليمه صلى الله عليه وسلم كيفية نزول ألفاظ القران وتلقيها:
علّم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم التفاصيل الدقيقة التي أحاطت بالنزول القراني من السماء إلى الأرض حيث بين لهم زمن النزول، ومدته، وسببه: فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: «أنزل الله القران إلى السماء الدنيا (في رمضان) في ليلة القدر، فكان الله إذا أراد أن يوحي منه شيئا أوحاه، أو أن يحدث منه في الأرض شيئا أحدثه» «1» ، ومثل هذا لا يقال بمحض الرأي فله حكم الرفع، فهو تعليم منه صلى الله عليه وسلم لأنه أضافه إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم كما هو مقرر في مواضعه «2» .
(1) الحاكم (2/ 240) ، مرجع سابق، وقال:«هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» .
(2)
انظر في هذه المسألة في كتب أصول الحديث: مثل تدريب الراوي في تقريب النواوي (1/ 185) .
وعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم اليوم والشهر الذي نزل فيه القران، فالشهر كما في قوله عز وجل شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ (البقرة: 185) واليوم وصفا كما في قوله: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ (الدخان: 3) وقول الله عز وجل: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (القدر: 1) واليوم تاريخا كما في قول الله سبحانه وتعالى: وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ (الأنفال: 41)، واليوم تحديدا كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال له: يا رسول الله صوم يوم الاثنين؟ قال: «فيه ولدت، وفيه أنزل علي القران» «1» .
وعلمهم صلى الله عليه وسلم متى يكثر النزول: فقد تتابع الوحي قبل وفاته مثلا، فعن أنس ابن مالك رضي الله عنه:«أن الله عز وجل تابع الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته حتى توفي أكثر ما كان الوحي يوم توفي رسول الله» «2» ، والمراد بالنسبة لما كان ينزل سابقا، فالأمر نسبي على ما هو معلوم.
كما علمهم صلى الله عليه وسلم متى يقل كما في حديث عائشة: «ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي فترة حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم» «3» ، وعائشة رضي الله عنها لم تشهد ذلك، فيكون علمها بذلك عن تعليم تلقيني.
وتعلموا أماكن النزول، وهو ما يسمى بعلم المكي والمدني، وهو علم مستقل، فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنزل القران في ثلاثة أمكنة مكة والمدينة والشام» «4» ، ولعله يعني بالشام- إن صح الحديث- أطراف الجزيرة حيث تبوك
…
كما ضبطوا الليلي والنهاري، والصيفي والشتائي «5» .
(1) مسلم (2/ 820) ، مرجع سابق.
(2)
مسلم (4/ 2312) ، مرجع سابق.
(3)
البخاري (4/ 1894) ، مرجع سابق.
(4)
مجمع الزوائد (7/ 157) ، مرجع سابق، وقال الهيثمي:«رواه الطبراني وفيه عفير بن معدان وهو ضعيف» .
(5)
انظر تفاصيل ذلك في: الإتقان (1/ 65) ، مرجع سابق.