الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس: تعليمه صلى الله عليه وسلم الملحقات بأحكام التجويد:
من الأبواب التي تطرقها كتب التجويد أبواب الاستعاذة والبسملة، وأحكام الختم، وأحكام الوقف، وأحكام الجهر والإسرار، وقد صنفها الباحث اجتهادا فجعلها ملحقات بأحكام التجويد وليست منه لأنها لا تتعلق بحق الحرف أو مستحقه، ويروم هذا المبحث كشف تفاصيل تعليم هذه الأبواب والمسائل من النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، ولذا انقسم هذا المبحث إلى أربعة مطالب:
المطلب الأول: تعليمه صلى الله عليه وسلم أحكام الابتداء
.
المطلب الثاني: تعليمه صلى الله عليه وسلم أحكام الختم.
المطلب الثالث: تعليمه صلى الله عليه وسلم أحكام الوقف.
المطلب الرابع: تعليمه صلى الله عليه وسلم أحكام الجهر والإسرار بقراءة القران.
المطلب الأول: تعليمه صلى الله عليه وسلم أحكام الابتداء:
والمراد بالابتداء هنا ابتداء القراءة لا الابتداء المعروف في أحكام التجويد الذي يقابل الوقف، وتتعلق بالابتداء الأحكام التالية من حيث تعليمه صلى الله عليه وسلم:
أولا: تعليمه صلى الله عليه وسلم الاستعاذة في أول القراءة:
أمر الله جل جلاله نبيه صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة عند أول كل قراءة فقال سبحانه وتعالى: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (النحل: 98) أي إذا أردت أن تقرأ فأوقع الماضي موقع المستقبل كما قال الشاعر:
وإني لاتيكم لذكرى الذي مضى
…
من الود واستئناف ما كان في غد
أراد ما يكون في غد، ومثله: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (القمر: 1) وهو كثير «1» .
وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الاستعاذة بعد القراءة وقال به داود وعقب ابن العربي على ذلك قائلا: «انتهى العيّ بقوم إلى أن قالوا: إذا فرغ القارئ من قراءة القران يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وقد روى أبو سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ في صلاته قبل القراءة وهذا نص» «2» .
والظاهر أنه إن صح عن البعض أن الاستعاذة تكون بعد القراءة: فإنهم لا يعنون بها حال الفراغ وإنما أثناء القراءة زيادة على التعوذ قبل القراءة، وذلك طردا للوسواس الحادث في الأثناء إن قوي شيطانه على الإنسان، كما يحدث في الصلاة فإن التعوذ مجمع على مشروعيته قبل قراءة الفاتحة في الصلاة، وقد يتكرر لعارض اشتداد الوسواس كما جاء ذلك عن عثمان بن أبي العاص أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا» قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني «3» ، فتكون فائدتها امتثال الأمر بالاستعاذة من وسوسة الشيطان عند القراءة كما قال سبحانه وتعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ (الحج: 52) ؛ إذ إن معنى الاستعاذة: الاستجارة والتحيز إلى الشيء على معنى الامتناع به من المكروه، والله عياذي أي ملجئي
…
فالالتجاء
(1) انظر: القرطبي (1/ 86) ، مرجع سابق.
(2)
أحكام القران لابن العربي (1/ 88) ، مرجع سابق.
(3)
مسلم (4/ 1728) ، مرجع سابق.