الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ايات الواقعة وعبس، ولكن بطريق اخر «لأن الملائكة يعظمون المصاحف المشتملة على القران في الملأ الأعلى فأهل الأرض بذلك أولى وأحرى لأنه نزل عليهم وخطابه متوجه إليهم فهم أحق أن يقابلوه بالإكرام والتعظيم والانقياد له بالقبول والتسليم» «1» ، وقد علم الصحابة أصحابهم ذلك.
وذكر ابن عبد البر رواية تؤكد إرادة معنى الوضوء هي (ألايمس القران إلا على طهور) ، ولذا لم يختلف فقهاء الأمصار بالمدينة والعراق والشام أن المصحف لا يمسه إلا الطاهر على وضوء، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهواه وأبي ثور وأبي عبيد وهؤلاء أئمة الفقه والحديث في أعصارهم «2» .
تسلسل المنهجية:
وحرص الصحابة على ذلك فعن مصعب بن سعد أنه قال: كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص فاحتككت فقال سعد:
لعلك مسست ذكرك فقلت: نعم فقال قم فتوضأ فقمت فتوضأت ثم رجعت «3» ، وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: كنا مع سلمان فخرج فقضى حاجته، ثم جاء فقلت: يا أبا عبد الله لو توضأت لعلنا أن نسألك عن ايات قال: إني لست أمسه إنما لا يمسه إلا المطهرون فقرأ علينا ما شئنا «4» .
ثانيا: علمهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه يجوز القراءة على كل حال ما لم يكن جنبا:
فعدم المس لا يعني اطّراح القراءة، بل القراءة مطلوبة على كل حال ما لم يكن المرء جنبا، وذلك ما علمه الصحابة رضي الله عنهم لمن بعدهم كما تعلموه من النبي صلى الله عليه وسلم
(1) ابن كثير (4/ 123) ، مرجع سابق.
(2)
انظر: التمهيد (17/ 397) ، مرجع سابق.
(3)
البيهقي في الكبرى (1/ 88) ، مرجع سابق.
(4)
البيهقي في الكبرى (1/ 88) ، مرجع سابق.
فعن عبد الله بن سلمة قال: دخلت على علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنا ورجلان رجل من قومي ورجل أحسبه من بني أسد فبعثهما وجها وقال إنكما علجان فعالجا عن دينكما ثم دخل المخرج فقضى حاجته ثم خرج فأخذ حفنة من ماء فمسح بها ثم جعل يقرأ القران قال فكأنه رأى أنا أنكرنا ذلك فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته فيقرأ القران ويأكل معنا اللحم ولم يكن يحجبه وربما قال يحجزه عن القران شيء ليس الجنابة «1» ، وبات ذلك قولا لعلي رضي الله عنه، إذ ورد عنه أنه قال: لا بأس أن تقرأ القران وأنت على غير وضوء فأما وأنت جنب فلا ولا حرفا «2» .
وإنما أخذ الصحابة ذلك تعليما من النبي صلى الله عليه وسلم في عدة وقائع، منها ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أخبره أنه بات ليلة عند ميمونة أم المؤمنين وهي خالته، قال فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا نتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده ثم قرأ العشر الايات الخواتم من سورة ال عمران ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه ثم قام فصلّى وذكر باقي الحديث «3» .
وأخذ ذلك ابن عباس رضي الله عنه وأفتى به فعن سعيد بن جبير قال: كان ابن عمر وابن عباس يقولان: إنا لنقرأ الجزء من القران بعد الحدث «4» .
(1) المنتقى (1/ 34) ، ابن خزيمة (1/ 104) ، الحاكم (1/ 253) ، المختارة (2/ 215) ، أبو داود (1/ 59) ، البيهقي في سننه الكبرى (1/ 38) .
(2)
مصنف عبد الرزاق (1/ 336) ، البيهقي في الكبرى (1/ 90) ، مرجع سابق.
(3)
البخاري (1/ 78) ، مسلم (1/ 526) ، ابن حبان (6/ 317) ، مرجع سابق.
(4)
البيهقي في الكبرى (1/ 38) ، مرجع سابق.