الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كثرة القراء:
ومن المؤشرات التي تدل على كثرة هؤلاء القراء كثرة ظاهرة: قصة بئر معونة فعن أنس قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد على سرية ما وجد على السبعين الذين أصيبوا يوم بئر معونة كانوا يدعون القراء.. «1» .، والقراء هنا هم «الذين كانوا يحفظون القران» «2» .
ومما يدل على هذه الكثرة أيضا كثرة من قتل من القراء في وقعة اليمامة كما قال الشاطبي:
إن اليمامة أهواها مسيلمة ال
…
كذاب في زمن الصديق إذ خسرا
وبعد بأس شديد حان مصرعه
…
وكان بأسا على القراء مستعرا
«3» وفي حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: قال أبو بكر رضي الله عنه إن عمر أتاني فقال إن القتل قد أستحر يوم اليمامة بقراء القران، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القران
…
الحديث «4» يدل على انتشار القراء في المواطن والثغور، وأقل ما قيل في عدد من قتل من القراء أنهم سبعون قارئا ولم نعرف أكثرهم باسمه على ما هو معلوم.
وقد بلغت القراء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كثرة غامرة، وتخصصوا في دقائقه النطقية حتى تنازعوا في بعض الأمور التي اختلفوا فيها، وكان منهم الأعرابي والأعجمي فقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه وهم يقرؤون القران- قال جابر بن عبد
(1) مسلم (1/ 467) ، مرجع سابق.
(2)
حاشية البجيرمي على شرح منهج الطلاب (1/ 208) ، مرجع سابق.
(3)
شرح تلخيص الفوائد وتقريب المتباعد على عقيلة أتراب القصائد ص 10.
(4)
البخاري (4/ 1720) ، ابن حبان (10/ 364) ، مرجعان سابقان.
الله: وفينا الأعرابي والأعجمي- فقال: «اقرؤوا فكل كتاب الله من قبل أن يأتي قوم يقومونه كما يقام القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه» «1» .
وقد أخذ هؤلاء دورهم في قراءة القران على المسلمين والكفار كما اتضح من واقعة بئر معونة؛ إذ أرسل النبي صلى الله عليه وسلم القراء إلى القبائل لنشر القران الكريم، وقد كثرت قراءة الأصحاب القران الكريم على المسلمين والكفار حتى أنزل الله في سماع الكفار ايات تدل على ردود الفعل الهائجة أمام تأثير القران الكريم كقول الله عز وجل: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا (الحج: 72)«أي أن أثر الإنكار من الكراهة وتعبيس الوجوه معروف عندهم (يكادون يسطون) أي يبطشون ويوقعون بمن يتلو عليهم القران من شدة الغيظ» «2» .
كما كثر حفظة القران كثرة عظيمة بعد عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكفي مؤشرا على ذلك أن يعلم أن عدد التلاميذ من حفاظ القران الذين كانوا في البصرة واحدها من تلاميذ أبي موسى الأشعري كانوا قد بلغوا قريبا من ثلاثمائة؛ فعن معاوية بن قرة رضي الله عنه أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه جمع الذين قرؤوا القران فإذا هم قريب من ثلاثمائة فعظم القران وقال: «إن هذا القران كائن لكم أجرا، وكائن عليكم وزرا، فاتبعوا القران ولا يتبعنكم القران، فانه من اتبع القران هبط به على رياض الجنة، ومن تبعه القران زخ في قفاه فقذفه في النار» «3» .
(1) سعيد بن منصور في سننه (1/ 150) ، أبو داود (1/ 220) .
(2)
زاد المسير (4/ 451) ، مرجع سابق.
(3)
المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم (3/ 115) ، ابن أبي شيبة (7/ 142) ، حلية الأولياء (1/ 257) ، مراجع سابقة.
وأما تلاميذ أبي الدرداء فبلغوا ألفا وستمائة ونيفا يقرئهم جميعا في يوم واحد بطريقة فذة، كأنه أسس بها جامعة قرانية «1» .
ويدل على كثرتهم ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قدم على عمر رجل فجعل عمر يسأله عن الناس فقال: يا أمير المؤمنين قد قرأ منهم القران كذا وكذا فقال ابن عباس رضي الله عنه فقلت: والله ما أحب أن يتسارعوا يومهم هذا في القران هذه المسارعة قال: فزبرني عمر ثم قال: مه قال: فانطلقت إلى أهلي مكتئبا حزينا فقلت: قد كنت نزلت من هذا الرجل منزلة فلا أراني إلا قد سقطت من نفسه قال: فرجعت إلى منزلي فاضطجعت على فراشي حتى عادني نسوة أهلي وما بي وجع، وما هو إلا الذي تقبلني به عمر قال: فبينا أنا على ذلك أتاني رجل:
فقال: أجب أمير المؤمنين قال: خرجت فإذا هو قائم ينتظرني، قال: فأخذ بيدي ثم خلا بي فقال: ما الذي كرهت مما قال الرجل انفا؟ قال: فقلت: يا أمير المؤمنين! إن كنت أسأت فإني استغفر الله وأتوب إليه وأنزل حيث أحببت قال:
لتحدثني بالذي كرهت مما قال الرجل فقلت: يا أمير المؤمنين! متى ما تسارعوا هذه المسارعة، يحيفوا ومتى ما يحيفوا يختصموا، ومتى ما يختصموا يختلفوا ومتى ما يختلفوا يقتتلوا فقال عمر: لله أبوك لقد كنت أكاتمها الناس حتى جئت بها «2» .
وقد خرج على علي رضي الله عنه ثمانية الاف من قراء الناس
…
ولما طلبهم قيل لا يدخل إلا رجل قد حمل القران فلما أن امتلأ الدار من القراء.... الحديث «3»
…
(1) جمال القراء وكمال الإقراء (2/ 454) ، مرجع سابق، وانظر: سير أعلام النبلاء (2/ 353) ، مرجع سابق.
(2)
الجامع لمعمر بن راشد (1/ 217) ، مرجع سابق.
(3)
الحاكم (2/ 165) ، المختارة (2/ 223) ، أحمد (1/ 86) ، أبو يعلى (1/ 368) ، مجمع الزوائد (6/ 223) ، مراجع سابقة، وقال:«ورجاله ثقات» .