الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويظهر الفرق جليا بين الترتيل والحدر:
يما يسمعه الناس من الأذان والإقامة فإن الترتيل يكون في الأذان، والحدر يكون في الإقامة فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نرتل الأذان ونحدر الإقامة «1» ، ومثله من فعل ابن عمر «2» ، ومعنى التّرتيل كأنه يقطع الكلام بعضه عن بعض، والحدر هو الإسراع من الحدور ضد الصعود «3» فالترتيل هنا بالمعنى الخاص هو المبالغة في التأني
…
وعلى المرتبتين لا بد من إعطاء الحروف حقوقها كما قال الخاقاني:
فذو الحذق معطر للحروف حقوقها
…
إذا رتل القران أو كان ذا حدر
الثالثة: التدوير:
وهو التوسط بين المقامين من التحقيق والحدر، وهو الذي ورد عن أكثر الأئمة، وهو مذهب سائر القراء، وهو المختار عند أكثر أهل الأداء «4» .
وكل هذه المراتب يصحبها الترتيل إلا أنها تختلف في مدى التؤدة والتأني، ولذلك أشار بعضهم فقال:
حدود حروف الذكر في لفظ قارئ
…
بحدر وتحقيق ودور مرتلا
فإني رأيت البعض يتلو القران لا
…
يراعي حدود الحرف وزنا ومنزلا «5» .
(1) الدارقطني (1/ 238) ، مرجع سابق، وانظر: تلخيص الحبير (1/ 200) .
(2)
مسند ابن الجعد ص 318.
(3)
النهاية في غريب الأثر (2/ 16) ، مرجع سابق.
(4)
انظر: الإتقان (1/ 266) ، مرجع سابق.
(5)
نهاية القول المفيد في علم التجويد ص 19، مرجع سابق.
أي مراتب الترتيل هي الأفضل؟
وعلاقة هذا السؤال بالبحث تستبين بأن يقال بصيغة أخرى:
هل علمهم النبي صلى الله عليه وسلم القراء بالتحقيق أم بغيره؟
الجواب: الظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم علمهم القراءة بمراتبها المختلفة، وإن لم تكن التسمية الاصطلاحية سائدة لكن الغالب على قراءته وأصحابه التحقيق المتوسط (يقرب من التدوير) لما تقدم من حديث حفصة تصف قراءة النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها «1» ، ولا يكون ذلك إلا بالتحقيق (الترتيل بمعناه الخاص) أو بالتدوير، وحديث حذيفة قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة
…
فقرأها يقرأ مترسلا إذا مر باية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ ثم ركع
…
الحديث «2» .
وقد تعلم منه الصحابة رضي الله عنهم التحقيق وأمروا به تلاميذهم ونفروهم من الهذ الذي يتجاوز الحدر ولذا قال البخاري- رحمه الله تعالى-: «باب الترتيل في القراءة وقوله تعالى وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (المزمل: 4) وقوله وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ (الإسراء: 106) وما يكره أن يهذ كهذ الشعر» «3» وبوب النووي في مسلم: «باب ترتيل القراءة واجتناب الهذ وهو الإفراط في السرعة» ، وجاء رجل يقال له نهيك بن سنان إلى عبد الله، فقال: يا أبا عبد الرحمن! كيف تقرأ هذا الحرف ألفا تجده أم ياء من اسن أو من ياسن؟ قال فقال:
عبد الله وكل القران قد هذا قال إني لأقرأ المفصل في ركعة، فقال عبد الله: هذا
(1) مسلم (1/ 507) ، مرجع سابق.
(2)
مسلم (1/ 536) ، أبو عوانة (1/ 460) ، مرجعان سابقان.
(3)
البخاري (4/ 1924) ، مرجع سابق.