الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحديد نطاق وظيفة الرسول صلى الله عليه وسلم:
وإذا كان ما سبق هو إخبار للمخاطبين يبين مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم ويحصرها؛ فقد أكّد هذا الحصر بخطاب الله تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم ذاته مباشرة بما يبين له نطاق مهمته ووظيفته صلى الله عليه وسلم قوله: فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (النحل: 82)، وعمم الأمر خطابا للرسول صلى الله عليه وسلم وغيره زيادة في الإيضاح والتأكيد في قوله سبحانه وتعالى: وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (العنكبوت: 18)، وهذه هي وظيفة الرسل عامة كما قال جل جلاله: فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (النحل: 35)، وقد أخذ هذا التحديد النظري طابعا تطبيقيا في إيضاح الرسل وظيفتهم لأقوامهم كما في قوله سبحانه وتعالى على لسان نوح وهود- عليهما السلام أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي (الأعراف: 62، 68) ، وعلى لسان صالح عليه السلام: لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي (الأعراف: 79)، وشعيب عليه السلام: لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي (الأعراف: 93)، ورسل صاحب يس: وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ «1» (يس: 17) .
تعليم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم حدود مهمته:
وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه نطاق مهمته الرسالية، لما يترتب على ذلك من ضرورات منهجية ترجع إلى حفظ أصول الدين وقواعده، وتتلخص في عنصر واحد: أن يكونوا شهودا على ذلك في الدنيا والاخرة:
أما في الدنيا فحتى لا يفتري عليه أحد بكتمان، أو نقصان، ويعلم الثقلان أن ما بلغه هو الدين الكامل.
(1) هذه إشارات، ويستعان لمزيد من التحليل ب: المعجم المفهرس لمعاني القران العظيم (1/ 225) .
وأما في الاخرة فحتى يشهدوا له عند الله جل جلاله.
من أجل ذلك بين لهم صلى الله عليه وسلم غير ما تقدم- أن الله عز وجل أوجب عليه البلاغ لكل ما أوحى إليه من ربه عز وجل، وإن لم يفعل فما قام بوظيفته التي أرسل من أجلها، كما قال سبحانه وتعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ (المائدة: 67)، كما قال الزهري في فقه هذه الاية:
«من الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم» «1» ،
…
فكل شيء سكت عنه صلى الله عليه وسلم فهو مما لم يؤمر بتبليغه- إن كان ثم شيء يبلّغ-، وقد علم الصحابة رضي الله عنهم بأنه لو كان ثم شيء يستحق البلاغ لأمر بتبليغه فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إبراهيم: زاد أو نقص- فلمّا سلّم قيل له: يا رسول الله! أحدث في الصّلاة شيء؟ قال: «وما ذاك؟» قالوا:
صلّيت كذا وكذا. قال: فثنى رجليه، واستقبل القبلة، فسجد سجدتين ثمّ سلّم، ثمّ أقبل علينا بوجهه، فقال:«إنّه لو حدث في الصّلاة شيء أنبأتكم به» «2» .
استشهاده صلى الله عليه وسلم الخلق على قيامه بالبلاغ: وقد شهّد أمته على إبلاغه الرسالة، واستنطقهم بذلك في أعظم المجامع، كما في خطبته في حجة الوداع، فعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة حجة الوداع:«أيها الناس! إنكم مسؤولون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت، وأديت، ونصحت. فجعل يرفع أصبعه إلى السماء وينكسها إليهم ويقول: اللهم اشهد» «3» .
(1) صحيح البخاري (6/ 2738) .
(2)
البخاري (1/ 156) ، مسلم (1/ 400) ، مرجعان سابقان.
(3)
وورد مثل ذلك عن أبي بكرة عند البخاري (1/ 52) ، ومسلم (3/ 1305) ، وعن ابن عباس عند البخاري (2/ 619)، وقد جاء مثل ذلك أيضا عن عدد من الصحابة في أكثر من موطن.. انظر: الأصل.