الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومما يتنبه له: أنه تجوز القراءة على الشيخ ولو كان غيره يقرأ عليه في تلك الحالة إذا كان بحيث لا يخفى عليه حالهم وقد كان الشيخ علم الدين السخاوي يقرأ عليه اثنان وثلاثة في أماكن مختلفة ويرد على كل منهم، وكذا لو كان الشيخ مشتغلا بشغل اخر كنسخ ومطالعة، وأما القراءة من الحفظ فالظاهر أنها ليست بشرط بل يكفي ولو من المصحف.
المطلب الثالث: العرضة الأخيرة:
حقيقتها وإثبات وجودها:
العرضة من العرض، وهي مأخوذة من معارضة النبي صلى الله عليه وسلم القران على جبريل عليه السلام ومعارضة النبي صلى الله عليه وسلم القران على أصحابه، والمعارضة هنا مفاعلة؛ لأنها ثبتت في حديث المعارضة «1»
…
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى اخر معارضة له مع جبريل عليه السلام بقوله: «أن جبريل عليه السلام كان يعارضني بالقران كل سنة مرة، وإنه قد عارضني به العام مرتين
…
» «2» . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القران كل عام مرة فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف كل عام عشرا فاعتكف عشرين في العام الذي قبض فيه «3» .
الهدف العام من معارضته صلى الله عليه وسلم له عليه السلام بالقران كل سنة: لتتم مقابلة ما حفظه صلى الله عليه وسلم على ما أوحاه إليه جبريل عليه السلام عن الله سبحانه وتعالى ليبقى ما بقي، ويذهب ما نسخ توكيدا واستثباتا وحفظا، ومراجعة للمحفوظ، ولتكون سنة رمضانية في الاتصال بالقران الكريم من جميع الأمة.
(1) انظر تفصيل ذلك في: تلقي النبي ألفاظ القران الكريم ص 177، مرجع سابق.
(2)
صحيح البخاري (5/ 2317) ، مرجع سابق.
(3)
البخاري (4/ 1911) ، مرجع سابق.
وبعد أن علمنا أن جبريل عليه السلام كان يعارض النبي صلى الله عليه وسلم القران في ليل رمضان، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعارض أصحابه رضي الله عنهم وأئمة الإقراء منهم خاصة ما كان يعارضه جبريل عليه السلام في وقت اخر
…
فهو صلى الله عليه وسلم مأمور بتبليغ الرسالة، وكيف يبلغها ولم يعلمهم ويتثبت من حفظهم؟ ومما يدل على إثبات هذه العرضة على أصحابه رضي الله عنهم ما جاء عن سمرة رضي الله عنه قال: عرض القران على رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضات فيقولون: إن قراءتنا هذه هي العرضة الأخيرة «1» ، ويدل له ما سيأتي من إثبات شهود ابن مسعود للعرضة الأخيرة، فهم كانوا يعارضون القران على النبي صلى الله عليه وسلم، وبذا تم التيقن من ثبوت كامل القران كتابة وحفظا عند أئمة الإقراء.
وأما معنى قول الزهري: أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه أن الله سبحانه وتعالى تابع الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد. هذا لفظ البخاري؛ ولمسلم: إن الله عز وجل تابع الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته حتى توفي، وأكثر ما كان الوحي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم «2» ، فقال فيه أبو شامة:«يعني عام وفاته أو حين وفاته، يريد أيام مرضه كلها، كما يقال: يوم الجمل ويوم صفين، وكانت أياما» «3» ، والظاهر عند الباحث أن المراد من كلام أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ما توفي حتى اكتمل الوحي، ولذا نزل كثير منه في الفترة التي سبقت وفاته، وقد تمتد لتكون أكثر من سنة، وعرض ذلك في رمضان إلا ايات قلائل محصورة هي التي قيل إنها اخر ما نزل من القران، فليس ما ذكره خارجا عن العرضة.
(1) الحاكم (2/ 250) ، مرجع سابق، وقال ابن حجر في الفتح (9/ 44)، مرجع سابق:«وإسناده حسن» .
(2)
البخاري (4/ 1906) ، مسلم (4/ 2312) ، مرجع سابق.
(3)
المرشد الوجيز ص 30، مرجع سابق.