الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القراءة التي ثبتت عندهم وكتبت في مصاحفهم دون غيرها كقراءة (من) في الاية (100) من براءة، ولا تحتاج الألوف المؤلفة من سكان المصرين إلى متابع، أو شاهد
…
بل هل لا بد من (الاعتبار) بمعناه في مصطلح الحديث ليقبل فعلهم؟.
سادسا: تعليمه صلى الله عليه وسلم التكبير:
إذا وصل القارئ إلى سورة الضحى فإنه يكبر من أولها فيقول الله أكبر، وقد يكبر من اخرها، وقد يضيف إلى التكبير التهليل في أوله وقد يضيف التحميد في اخره.
المستند في تعليمه صلى الله عليه وسلم التكبير:
جاءت الرواية به عن ابن كثير القارئ: قال تلاميذه: «قرأنا على ابن كثير فأمرنا بذلك وأخبرنا أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك وأخبره مجاهد أنه قرأ على ابن عباس فأمره بذلك وأخبره ابن عباس أنه قرأ على أبي بن كعب فأمره بذلك وأخبره أبي أنه قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بذلك» ولكن هذه السنة تفرد بها رواية (حديثية) أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله البزي من ولد القاسم بن أبي بزة وكان إماما في القراات فأما في الحديث فقد ضعفه بعض أئمة الجرح والتعديل لكن حكى الشيخ شهاب الدين أبو شامة عن الشافعي أنه سمع رجلا يكبر هذا التكبير في الصلاة فقال أحسنت وأصبت السنة وهذا يقضي صحة هذا الحديث عند الشافعي «1» ، وذكر القراء في مناسبة التكبير من أول سورة الضحى «أنه لما تأخر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتر تلك المدة وجاءه الملك فأوحى إليه «والضحى والليل إذا سجى» السورة بتمامها كبر فرحا وسرورا ولم يرو ذلك بإسناد يحكم عليه بصحة ولا ضعف» «2» .
(1) إبراز المعاني ص 735، مرجع سابق.
(2)
ابن كثير (4/ 522) ، مرجع سابق.
- بعد هذا العرض الحديثي- هل التكبير مما علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه؟:
فهذا مما علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه حال الختم، وإن ضعف البعض هذا الحديث، وذلك يتجلى بما يلي:
1-
هذا التفرد في هذه الرواية الحديثية- القرائية، عضده عمل أهل مكة، فقد قال الفاكهي:«ويروى عن بعض من مضى من قراء أهل مكة أنهم كانوا في الختمة إذا بلغوا والضحى كبر الخاتم بعد فراغه من كل سورة يقول الله أكبر في الصلاة ثم تركوا ذلك بعد وجعلوا التكبير عند قراءة القران في المسجد الحرام في غير شهر رمضان ثم تركوه بعد ذلك» «1» ، فهي بذا سنة قديمة عليها عمل أهل مكة، وتلقي أهل مكة لها بالقبول زمنا مع كونها تروى في حلقات الإقراء عن البزي، وقد تروى عن قنبل، بل وعن سائر القراء العشرة الذين تتناقل قراءتهم إلى اليوم تلاوة للقران الكريم
…
كل هذا يجعلها مقبولة داخلة ضمن منهاج التواتر القرائي، بل إن ابن الجزري قال: «التكبير صح عند أهل مكة قرائهم وعلمائهم وأئمتهم ومن روى عنهم صحة استفاضت واشتهرت وذاعت حتى بلغت حد التواتر
…
ووردت أيضا عن سائر القراء «2» ، وقال أبو الطيب عبد المنعم بن غلبون:
وهذه سنة مأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين وهي سنة بمكة لا يتركونها البتة ولا يعتبرون رواية البزي ولا غيره» «3» .
2-
وهذه السنة بمكة شوهدت في زمن ابن الجزري فقد وصف ذلك بقوله:
«ولما من الله تعالى علي بالمجاورة بمكة ودخل شهر رمضان فلم أر أحدا ممن صلى
(1)(الفاكهي) محمد بن إسحاق بن العباس الفاكهي أبو عبد الله ت 275 هـ: أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه (2/ 156)، تحقيق: د. عبد الملك عبد الله دهيش دار خضر، بيروت، ط 2، 1414 هـ.
(2)
النشر في القراات العشر (2/ 440) ، مرجع سابق.
(3)
إبراز المعاني من حرز الأماني في القراات السبع ص 736، مرجع سابق.
التراويح بالمسجد الحرام إلا يكبر من الضحى عند الختم فعلمت أنها سنة باقية فيهم إلى اليوم» «1» .
3-
معلوم أن الأمر إن عاد إلى الرواية القرائية فإن منهاجها في جعل القراءة قراءة أن ترويه وفق قواعدها وضوابطها لا وفق قواعد الحديث بالضرورة، وهذه الرواية التي تتداولها أمهات كتب القراات رواية وعملا مقبولة عند القراء بلا مخالف
…
وذلك كاف في إثباتها
…
وإلا لقيل أين السند الحديثي للإدغام، والإظهار، وتخفيفات الهمز، وتحقيقاته، والإمالة والفتح، والترقيق والتفخيم
…
،
بل أين سند البخاري ومسلم وجامعي الحديث في أن كلمات سورة البقرة (الم
…
)
وأن كلمات سورة النساء (يا أيها الناس
…
) ؟
…
ومثل هذا العوج في التفكير، والخلط بين مناهج العلوم مدمر لأسس العلم، والدين والعقل
…
4-
ولأجل ذلك قبله الأئمة وعلى رأسهم إمام أهل السنة أحمد بن حنبل فقد «قال في المغني والشّرح: واستحسن أبو عبد الله التّكبير عند اخر كلّ سورة من الضّحى إلى أن يختم، والرّواية الثّانية يكبّر من أوّل أَلَمْ نَشْرَحْ اختاره المجد (قلت) قد صحّ هذا وهذا عمّن رأى التّكبير، فالكلّ حسن، وتحرير النّقل عن القرّاء أنّه وقع بينهم اختلاف، فرواه الجمهور من أوّل ألم نشرح أو من اخر الضّحى على خلاف.. «2» ..
5-
وقبل أحمد ذلك لأن المنهج القرائي يلزم بالقبول وذلك لأن التكبير هو قراءة أهل مكّة أخذها البزّيّ عن ابن كثير وأخذها ابن كثير عن مجاهد وأخذها
(1) النشر في القراات العشر (2/ 428) ، مرجع سابق.
(2)
(ابن مفلح) محمد بن مفلح المقدسي أبو عبد الله ت 762 هـ: الفروع وتصحيح الفروع (1/ 494)، تحقيق: أبو الزهراء حازم القاضي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1418 هـ، وانظر: المغني (1/ 458) ، مرجع سابق.
مجاهد عن ابن عبّاس وأخذها ابن عبّاس عن أبيّ بن كعب وأخذها أبيّ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وقال الماورديّ: كان ابن عبّاس يفصل بين كلّ سورتين بالتّكبير من الضّحى وهو راوي قرّاء مكّة «1» .
6-
ولذلك تعد سنة التكبير من سنن القراءة لا من السنن (مطلقا) وهي التي تثبت عادة بالمنهج الحديثي فقد سئل ابن حجر الهيثمي عن استحباب التّكبير من سورة الضّحى إلى الاخر هل هو مختصّ بمن يختم القران من أوّله إلى اخره أو عامّ فيمن ابتدأ القراءة أو ممّا قبلها وفيمن ابتدأها ممّا بعدها؟ وكيف الحكم في ذلك؟ (فأجاب) بقوله: الّذي حكاه الزّركشيّ عن الحليميّ والبيهقيّ وابن الجزريّ في النّشر عن طوائف من السّلف وجمع من متأخّري الشّافعيّة، وأطال فيه (أنّ من سنن القراءة التّكبير في اخر سورة الضّحى إلى أن يختم
…
وقال الشّافعيّ: «إن تركت التّكبير فقد تركت سنّة من سنن نبيّك يقتضي تصحيحه لهذا الحديث) ، واقتضى إطلاقهم أيضا أنّه لا فرق بين القراءة بقراءة ابن كثير وغيرها» «2» .
7-
ولكن قال أبو الفتح فارس بن أحمد: لا نقول إنه لا بد لمن ختم أن يفعله لكن من فعله فحسن ومن لم يفعله فلا حرج عليه وهو سنة مأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين «3» .
وهذا يدل على أن أمر التكبير اختياري ولا تعلق له بالقران فلا وجه للمحافظة الشديدة ولا للتبديع أيضا.
(1)(ابن مفلح) محمد بن مفلح بن محمد المقدسي ت 762 هـ: الاداب الشرعية والمنح المرعية (2/ 34) ، عالم الكتب.
(2)
(ابن حجر) أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي ت 973 هـ: الفتاوى الفقهية الكبرى (1/ 345) ، المكتبة الإسلامية، عمان.
(3)
النشر في القراات العشر (2/ 411) ، مرجع سابق.