الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التي في بيت عمر، قال فحدثني كثير بن أفلح- وكان ممن يكتب- قال فكانوا: إذا اختلفوا في الشيء أخروه قال ابن سيرين: «أظنه ليكتبوه على العرضة الأخيرة» «1» .
الجمع بين كتابة زيد للمصاحف في عهد عثمان وشهود ابن مسعود للعرضة:
والنصوص التي بين أيدينا تدل على شهود ابن مسعود للعرضة الأخيرة، وأنه تعلم من النبي صلى الله عليه وسلم القران بعد أن عرضه على جبريل عليه السلام، ويدل لذلك ما رواه أبو ظبيان قال: قال لنا ابن عباس: أي القراءتين تقرؤون؟ قلنا قراءة عبد الله قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض عليه القران في كل عام مرة وإنه عرض عليه العام الذي قبض فيه مرتين فشهد عبد الله ما نسخ «2» ، وفي لفظ عنه: قال ابن عباس: أي القراءتين تعدون القراءة الأولى؟ قالوا: قراءة عبد الله. قال: قراءتكم القراءة الأولى وقراءة عبد الله القراءة الاخرة! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض عليه القران كل رمضان عرضة، فلما كان العام الذي قبض فيه عرض عليه عرضتان فشهده عبد الله، وشهد ما نسخ منه وما بدل «فقراءة عبد الله الاخرة» «3» ، وورد عن زر بن حبيش الأسدي «4» ، وورد عن مجاهد «5» ، وقد بين في بعض ألفاظ هذا الحديث ماذا يعنون بالقراءة الاخرة، وأنها قراءة زيد فعن ابن عباس قال: أي
(1) فتح الباري (9/ 19) ، مرجع سابق.
(2)
الضياء في المختارة (9/ 542) ، مرجع سابق.
(3)
النسائي في الكبرى (5/ 7) ، مرجع سابق، وقال ابن حجر في الفتح (9/ 45)، مرجع سابق:«وإسناده صحيح» .
(4)
الطبراني في الكبير (12/ 103) ، مرجع سابق.
(5)
مسند أحمد (1/ 275) ، مرجع سابق، وفي مجمع الزوائد (9/ 288) ، مرجع سابق، قال:«رواه أحمد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح» .
القراءتين ترون كان اخر القراءة؟ قالوا: قراءة زيد. قال: لا! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض القران كل سنة على جبريل عليه السلام فلما كانت السنة التي قبض فيها عرضه عليه عرضتين فكانت قراءة ابن مسعود اخرهن «1» وقال: إنه لاخر حرف عرض به النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام «2» .
ومما تقدم من الروايات يظهر لنا أن ابن مسعود شهد العرضة الأخيرة بإثبات ابن عباس، وإثباته هو رضي الله عنه، فقد ورد صريحا عنه رضي الله عنه فقد قال رضي الله عنه متحدثا عن أخر عام عرض فيه النبي صلى الله عليه وسلم القران على جبريل عليه السلام، وكان عرضه عرضتين-: فقرأت القران من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك العام، والله لو أني أعلم أن أحدا أعلم بكتاب الله مني تبلغينه الإبل لركبت إليه والله ما أعلمه «3» .
وتدل الروايات السابقة على أن عبد الله بن مسعود شهد العرضة الأخيرة، وهذا يدل على سماعه ما هو أكثر من اثنتين وسبعين سورة من النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن النازل من سور القران الكريم حتى العرضة الأخيرة كان أكثر من ذلك قطعا، وإنما أثبت لنفسه هذه السور من فم النبي صلى الله عليه وسلم لأن الظاهر من ذلك أنه تلقنها بمفرده مباشرة من النبي صلى الله عليه وسلم، ولذا جاء في رواية عنه:«فلقد أخذت من فيه صلى الله عليه وسلم سبعين سورة ما نازعني فيها بشر» «4» وأما العرضة فهي عامة، والظاهر من العرضة على الناس إنها سماع منهم للنبي صلى الله عليه وسلم لا عرض، وقد ذكر أنه أتم الباقي على علي بن أبي طالب، فعنه رضي الله عنه قال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين
(1) الحاكم (2/ 250) ، مرجع سابق.
(2)
انظر: فتح الباري (9/ 44) ، مرجع سابق.
(3)
(ابن سعد) محمد بن سعد بن منيع البصري الزهري (168 هـ- ت 230 هـ) : الطبقات الكبرى (2/ 194) ، دار صادر بيروت.
(4)
ابن حبان (14/ 433) ، أبو يعلى (8/ 403) ، مرجعان سابقان.
سورة وختمت القران على خير الناس علي بن أبي طالب «1»
…
وفي كل الأحوال فزعم عدم ختمه قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لا يرقى إلى مستوى الرأي المطروح مع هذه القرائن الدالة على إتمامه المصحف، وسماعه كل ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم إلى اخر رمضان قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على الأقل، وهذا الزعم لو صح لكان كافيا للرد على ابن مسعود في تقديم زيد عليه، وماذا يقول من ينفي ختم ابن مسعود في حياة النبي صلى الله عليه وسلم بحديث:«خذوا القران من أربعة من بن أم عبد فبدأ به ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وسالم مولى أبي حذيفة» «2» ؟ فقرنه صلى الله عليه وسلم بكبار أئمة الإقراء، بل بسيد سادات القراء وهو أبي بن كعب، وقدمه عليهم.
وقد قرر مكي بن أبي طالب ذلك بما يشبه هذا- ضمن احتمالات وضعها-:
«وأما ابن مسعود فإنه قال: قرأت من لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة، وقد كنت أعلم أنه يعرض عليه القران في كل رمضان حتى كان عام قبض، فعرض عليه القران مرتين، قال: فكان إذا فرغ النبي صلى الله عليه وسلم أقرأ عليه فيخبرني أني محسن، فأما ما بقي عليه فيجوز أن يكون سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم فيقوم سماعه منه مقام قراءته عليه من القران
…
» «3» ، وأما الاحتمالات الاخرى التي ذكرها مكي فيردها ما سبق. وما ورد مما ينافي حفظ ابن مسعود لبعض السور فضعيف، ويظهر منه أن تصوره كاف في إبطاله.. «4» ..
(1) مجمع الزوائد (9/ 288) ، مرجع سابق، وقال:«رواه الطبراني وفيه يحيى ابن سالم وهو ضعيف» والحديث بحاجة لزيادة تمحيص ليتم قبوله أو رده، والظاهر أنه إن صح فالمراد العرض مرة ثانية
…
وإلا فما حاجة ابن مسعود لذلك وقد شهد العرضة الأخيرة؟.
(2)
البخاري (3/ 1385) ، مسلم (4/ 1913) ، الحاكم (3/ 250) ، الترمذي (5/ 674) ، مراجع سابقة.
(3)
(القيسي) مكي بن أبي طالب حموش القيسي 437 هـ: الإبانة عن معاني القراات ص 117، قدم له وحققه، وعلق عليه، وشرحه، وخرج قرااته: الدكتور عبد الفتاح إسماعيل شبلي: المكتبة الفيصلية، مكة المكرمة.
(4)
انظر الأصل ففيه تفصيل حول تلك الروايات.