الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبناءنا ونساءنا. فقال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر، فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره، ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره، وبرز فكان يصلي فيه، ويقرأ القران فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك دمعه حين يقرأ القران فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين.. «1» . على أن في قبول ذلك القول إبعاد لمعالم تطبيق المنهج الشرعي، وهو ادعاء بأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول قولا ويعمل بغيره دون صارف، أو بصارف غير ظاهر.
وإنما أطال الباحث النفس في تقرير حفظ أبي بكر للأهمية الشديدة واكتفاء به عن بقية الخلفاء الراشدين الذين قيل بأنهم لم يحافظوا القران أولم يجمعوه، وإنما كان هذا القول واردا عن بعض التابعين مع الانقطاع وعدم التأكد من صحة سند الرواية.
2- ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
وجعله أبو بكر مساعدا لزيد في جمع القران في عهده حيث قال لهما- كما عند ابن أبي داود من طريق هشام بن عروة عن أبيه-: اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه «2» ، وقد بلغ ذلك من عمر حدا جعل جابر بن عبد الله يقول:«ما رأيت أحدا كان اقرأ لكتاب الله ولا أفقه في دين الله ولا أعلم بالله من عمر» «3» .
ويؤيد هذا أيضا حديث ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت حتى إني لأرى الري يخرج في أظفاري ثم أعطيت
(1) البخاري (2/ 804) ، مرجع سابق.
(2)
رواه ابن أبي داود في المصاحف (1/ 168) ، مرجع سابق، وفي تحفة الأحوذي (8/ 408)، مرجع سابق:«ورجاله ثقات مع انقطاعه» .
(3)
ابن أبي شيبة (6/ 139) ، مرجع سابق.
فضلي عمر بن الخطاب قالوا فما أولته يا رسول الله قال العلم «1» ، وهل يكون علم أو عالم بدون حفظ القران، وقد قال ابن مسعود: من أراد العلم فليثور القران فإن فيه علم الأولين والاخرين «2» ، وفي حديث أبي بكر: استخلفت عليهم خير أهلك مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أهل القران هم أهل الله وخاصته» وقد ثبت أن عمر رضي الله عنه كان يصلي الصبح فيقرأ فيها سورة يوسف وسورة الحج قراءة بطيئة «3» وعن الأحنف قال: صليت خلف عمر الغداة فقرأ بيونس وهود ونحوهما وعن زيد بن وهب أن عمر قرأ في الفجر بالكهف «4» .
وانتشر تلاميذ عمر الذين قرأوا عليه فعن زيد بن وهب قال: أتينا ابن مسعود فوجدناه يصلي فانتظرناه حتى فرغ من صلاته فجاءه رجلان قد اختلفا في اية فقرأه أحدهما فقال عبد الله: أحسنت من أقرأك؟ قال: أقرأني أبو حكيم المزني، واستقرأ الاخر فقال: من أقرأك فقال أقرأني عمر ابن الخطاب فبكي عبد الله حتى خضبت دموعه الحصا ثم قال: اقرأ كما أقرأك عمر ثم دور دارة بيده ثم قال: إن عمر كان حصنا حصينا للإسلام يدخل الناس منه، ولا يخرجون منه فلما مات عمر انثلم الحصن فالناس يخرجون منه ولا يدخلون «5» .
وقد ثرّب الإمام أبو القاسم الهذلي على ابن قتيبة في كونه لم يذكر أبا بكر وعمر في جملة الحفظة فقال: «وقد تجاوز ابن قتيبة حين قال توفى أبو بكر وعمر ولم يكملا القران» «6» .
(1) البخاري (1/ 43) ، مرجع سابق.
(2)
الطبراني في الكبير (9/ 135) ، الزهد لابن أبي عاصم (1/ 157) .
(3)
خرج هذه الاثار البيهقي في الكبرى (2/ 389) ، مرجع سابق.
(4)
خرج هذه الاثار ابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 310) ، مرجع سابق.
(5)
الطبراني في الكبير (9/ 162) ، مرجع سابق.
(6)
الكامل ص 38 وجه ب، مرجع سابق.