الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1- المنع من الغلو في ترتيل لفظ القران:
فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من إجلال الله إكرام
…
حامل القران غير الغالي فيه والجافي عنه
…
» «1» ، والغلو هو المبالغة في التجويد، أو الإسراع في القراءة بحيث يمنعه عن تدبر المعنى، والتشديد ومجاوزة الحد في العمل به، وتتبع ما خفي منه واشتبه عليه من معانيه، وأما قوله «ولا الجافي عنه» أي وغير المتباعد عنه المعرض عن تلاوته وإحكام قراءته وإتقان معانيه والعمل بما فيه «2» ، ولذا نبه أهل العلم على ضرورة ألايخرج التغني بالقران عن حده المعلوم، فالأمر بالتجويد وما يتبعه من تغن:«إذا لم يخرجه التغني عن التجويد، ولم يصرفه عن مراعاة النظم في الكلمات والحروف، فإن انتهى إلى ذلك عاد الاستحباب كراهة» «3» .
2- التخفيف في المطالبة بالدقة البالغة لأحكام التجويد خاصة للعامة:
كما جاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقرأ القران وفينا الأعرابي والأعجمي فقال: «اقرؤا فكل حسن، وسيجيء أقوام يقيمونه كما يقام القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه» «4» ، وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ونحن نقترئ فقال: «الحمد لله كتاب الله واحد وفيكم الأحمر وفيكم الأبيض وفيكم الأسود اقرؤه قبل أن يقرأه أقوام يقيمونه كما يقوم السهم يتعجل أجره ولا يتأجله» «5» .
(1) أبو داود (4/ 261) ، مرجع سابق.
(2)
انظر: عون المعبود (13/ 32) ، مرجع سابق.
(3)
فيض القدير (4/ 68) ، مرجع سابق.
(4)
سنن أبي داود (1/ 220) ، مرجع سابق.
(5)
سنن أبي داود (1/ 220) ، مرجع سابق.
فقوله: «اقرؤا فكل حسن» : أي فكل واحدة من قراءتكم حسنة مرجوة للثوب، ولا عليكم ألاتقيموا ألسنتكم إقامة القدح وهو السهم قبل أن يراش «وسيجيء أقوام يقيمونه» : أي يصلحون ألفاظه وكلماته ويتكلفون في مراعاة مخارجه وصفاته (كما يقام القدح) : أي يبالغون في عمل القراءة كمال المبالغة لأجل الرياء والسمعة والمباهاة والشهرة، وقال الطيبي- رحمه الله تعالى-:«وفي الحديث رفع الحرج وبناء الأمر على المساهلة في الظاهر، وتحري الحسبة والإخلاص في العمل، والتفكر في معاني القران» «1» ، وهذا يعطي سعة في عدم التعمق في إتقان التجويد، والتساهل في ذلك ما دامت أصول القواعد ظاهرة وذلك مثل وجود الحد الأدنى من المدود الفرعية فيغض النظر عن توفر الكمال فيها، وجاء رجل إلى نافع فقال:
تأخذ عليّ الحدر، فقال نافع: ما الحدر؟ ما أعرفها، أسمعنا. قال: فقرأ الرجل، فقال نافع: الحدر، أو قال حدرنا، ألانسقط الإعراب، ولا ننفي الحروف، ولا نخفف مشددا، «ولا نشدد مخففا» ، ولا نقصر ممدودا، ولا نمد مقصورا، قراءتنا قراءة أكابر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سهل جزل، لا نمضغ، ولا نلوك «2» .
وقد أشار إلى بعض ذلك الإمام السخاوي في منظومه بقوله:
لا تحسب التجويد مدا مفرطا
…
أو مد ما لا مد فيه لوان
أو أن تشدد بعد مدّ همزة
…
أو أن تلوك الحرف كالسكران
أو أن تفوه بهمزة متهوعا
…
فيفر سامعها من الغثيان
للحرف ميزان فلا تك طاغيا
…
فيه ولا تك مخسر الميزان
«3»
(1) عون المعبود (3/ 42) ، مرجع سابق.
(2)
(الداني) أبو عمرو عثمان بن سعيد الأندلسي ت 444 هـ: التحديد في الإتقان والتجويد هامش ص 93، مرجع سابق.
(3)
(ابن أم قاسم) الحسن بن قاسم المرادي ت 749 هـ: المفيد في شرح عمدة المجيد في النظم والتجويد ص 15، تحقيق: د. علي حسين البواب، مكتبة المنار، 1407 هـ- 1987 م، الزرقاء- الأردن.