الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التي فيها قضاء الشهوات المحسوسة» «1» ، فإذا استقر في ذهن المرء وسويداء قلبه أن القران كلام الله جل جلاله أنزله الله على البشر مباركا وهدى للناس
…
علم مقدار جلاله، وعظمته.
وإنما كان خير الناس هو المقرئ إلا لأن خيرهم بعد النبيين من يتعلم القران ويعلمه «2» بعد أن استقر أن خير الكلام كلام الله، فقوله صلى الله عليه وسلم:«خيركم من تعلم القران وعلمه» أي خير المتعلمين والمعلمين من كان تعلمه وتعليمه في القران لا في غيره إذ خير الكلام كلام الله فكذا خير الناس بعد النبيين من اشتغل به «3» ، ولذا فإن معنى كونه مع الملائكة أنه يكون رفيقا لهم هناك لاتصافه بصفتهم من حمل كتابه «4» .
ثانيا: تعلم معاني الألفاظ مع تلقيها:
فيتعلمون مع ألفاظه معانيه، ويتدبرونه، ويعلمون حلاله وحرامه: فإن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا علمه فلم يكن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه ألفاظ القران الكريم إلا مع معانيه وتدل لهذا الأدلة التالية:
1-
ما جاء في قوله سبحانه وتعالى: وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ (ال عمران: 79) : فقد قال الضحاك فيها: «حق على كل من تعلم القران أن يكون فقيها» وقد قال الفضيل بن عياض في المكثرين من العلوم الاخرى تاركين كتاب الله:
…
وقد ضيعتم كتاب الله ولو طلبتم كتاب الله لوجدتم فيه شفاء لما
(1) جواهر القران ص 82، مرجع سابق.
(2)
شرح سنن ابن ماجة (1/ 19) ، مرجع سابق.
(3)
انظر: فيض القدير (3/ 499) ، مرجع سابق.
(4)
فيض القدير (1/ 226) ، مرجع سابق.
تريدون قال قلنا: قد تعلمنا القران قال: إن في تعلمكم القران شغلا لأعماركم وأعمار أولادكم
…
إذا عرفتم ذلك استغنيتم عن كلام فضيل وابن عيينة ثم قال: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم:
يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (يونس: 57- 58)«1» .
2-
لم يعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يتقنوا الألفاظ إلا لتحقيق مقاصد القران:
كما في قوله سبحانه وتعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ (ص: 29)، وأنكر النبي صلى الله عليه وسلم على قوم يقرؤونه لا يفقهونه فقال:«يقرؤن القران لا يجاوز تراقيهم ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع» فالمطلوب تعقله وتدبره بوقوعه في القلب «2» .
ولذا نعى العلماء على قارئ أو مقرئ لا يحسن غير ذلك، فقد قال الغزالي رحمه الله تعالى-:«أنبهك على رقدتك أيها المسترسل في تلاوتك المتخذ دراسة القران عملا المتلقف من معانيه ظواهر وجملا إلى كم تطوف على ساحل البحر مغمضا عينيك عن غرائبها، أو ما كان لك أن تركب متن لجتها لتبصر عجائبها وتسافر إلى جزائرها لاجتناء أطايبها، وتغوص في عمقها فتستغني بنيل جواهرها؟ أو ما بلغك أن القران هو البحر المحيط ومنه يتشعب علم الأولين والاخرين؟» «3» .
(1) القرطبي (1/ 22) ، مرجع سابق.
(2)
الديباج على صحيح مسلم (2/ 415) ، مرجع سابق.
(3)
جواهر القران ص 21، مرجع سابق.
3-
حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنّا نتعلّم من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ايات فما نعلم العشر الّتي بعدهنّ حتّى نتعلّم ما أنزل في هذه العشر من العمل «1»
…
فهذا بيان للمنهجية النبوية في تعليم اللفظ القراني.
4-
عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: حدثني الذين كانوا يقرئوننا عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب رضي الله عنهم وفي رواية الطحاوي كان أصحابنا يقرئونا ويعلّمونا ويخبرونا- أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقرئ أحدهم عشر ايات فما يجاوزها حتّى يتعلّم العمل فيها قال: وقالوا علمنا القران والعمل جميعا «2» وفي لفظ: فعلمنا العلم والعمل «3» .
5-
وقال: إنا أخذنا هذا القران عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر ايات لم يجاوزوهن إلى العشر الاخر حتى يعلموا ما فيهن، فكنا نتعلم القران والعمل به، وإنه سيرث القران بعدنا قوم ليشربونه شرب الماء لا يجاوز تراقيهم بل لا يجاوز ها هنا ووضع يده على الحلق «4» .
6-
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: لقد عشنا برهة من دهر وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القران وتنزل السّورة على محمّد صلى الله عليه وسلم فيتعلّم حلالها وحرامها وامرها وزاجرها وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلّمون أنتم اليوم القران ثمّ لقد رأيت اليوم رجالا يؤتى أحدهم القران قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحته إلى
(1) مشكل الاثار للطحاوي (2/ 456) ، مرجع سابق، البيهقي في الكبرى (3/ 119) ، مرجع سابق.
(2)
مشكل الاثار للطحاوي (2/ 456) ، مرجع سابق.
(3)
أحمد (5/ 410) ، ابن أبي شيبة (6/ 117) ، مرجعان سابقان، وانظر: مجمع الزوائد (7/ 165) ، مرجع سابق.
(4)
(ابن سعد) محمد بن سعد بن منيع البصري الزهري ت 230 هـ: الطبقات الكبرى (6/ 172) ، دار صادر بيروت.