الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولذا كان الصحابة يظهرون طريقة تعلمهم لألفاظ القران الكريم عند إثبات أهليتهم ليصدر عنهم الناس في القراءة كما في قول ابن مسعود: بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار إذ نزلت عليه وَالْمُرْسَلاتِ (المرسلات: 1) فتلقيناها من فيه وإن فاه لرطب بها.. «1» .، وقال عندما غضب من تولية زيد ابن ثابت أمر نسخ المصاحف:«لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وإن زيد بن ثابت لصبي فلا أدع ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم» «2» .
وكان الصحابة رضي الله عنهم يجعلونه أسلوب تعلمهم للفظ القراني عند النزاع:
وكما كان التلقي من فم النبي صلى الله عليه وسلم (سماعا أو عرضا) هو الأداة الوحيدة لتعلم القران الكريم وتعليمه، فإنه كان أيضا الحكم بين المتخاصمين في القراءة فعن عاصم ابن أبي النجود عن زر- وهو شيخ عاصم في القران- عن ابن مسعود رضي الله عنه وهو شيخ زر في القران- قال: أتيت المسجد فجلست إلى أناس وجلسوا إلي فاستقرأت رجلا منهم سورة ما هي إلا ثلاثون اية وهي حم الأحقاف «3» فإذا هو يقرأ حروفا لا أقرأها فقلت من أقراك قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقرأت الاخر فإذا هو يقرأ حروفا لا أقرؤها أنا وصاحبي فقلت: من أقرأك؟ قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقنا إليه فأخذت بأيديهما حتى أتيت بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده رجل يعني عليا فقلت: يا رسول الله! إنا اختلفنا في قراءتنا قال: فتغير وجهه حين ذكرت الاختلاف فقال: «إنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف» فقال
(1) البخاري (4/ 1879) ، مرجع سابق، وبقية الحديث: إذ خرجت حية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم اقتلوها» قال: فابتدرناها فسبقتنا قال: فقال: «وقيت شركم كما وقيتم شرها» .
(2)
مسند أبي داود الطيالسي (1/ 54) ، مرجع سابق.
(3)
سورة الأحقاف في عد الكوفيين خمس وثلاثون اية فيحمل قول ابن مسعود على عدم نزول بعض اياتها انذاك، أو اختلافهم في العدد، أو على عدم اعتبار الكسر كالمعتاد في خطاب العرب.
علي- فلا أدري أسر إليه ما لم أسمع أو علم الذي في نفسه فتكلم به-: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن يقرأ كل رجل منكم كما علّم» «1» ، وقال صلى الله عليه وسلم «ليقرأ كل إنسان كما علّم كل حسن جميل» «2» ، وعن أبي الجهم رضي الله عنه أن رجلين اختلفا في اية من القران قال هذا: تلقنتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الاخر: تلقنتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم «3» ، وعن بن عباس رضي الله عنهما قال: بينما أنا أقرأ اية من كتاب الله عز وجل وأنا أمشي في طريق من طرق المدينة، فإذا أنا برجل يناديني من بعدي:
أتبع ابن عباس، فإذا هو أمير المؤمنين عمر فقلت: أتبعك على أبي بن كعب، فقال: أهو أقرأكها كما سمعتك تقرأ؟ قلت: نعم! قال: فأرسل معي رسولا قال: اذهب معه إلى أبي بن كعب فانظر أيقرئ أبي كذلك؟ قال: فانطلقت أنا ورسوله إلى أبي ابن كعب قال: فقلت: يا أبي قرأت اية من كتاب الله فناداني من بعدي عمر ابن الخطاب اتبع ابن عباس فقلت: أتبعك على أبي بن كعب فأرسل معي رسوله أفأنت أقرأتنيها كما قرأت؟ قال أبي: نعم! قال: فرجع الرسول إليه، فانطلقت أنا إلى حاجتي، قال: فراح عمر إلى أبي فوجده قد فرغ من غسل رأسه، ووليدته تدري لحيته بمدراها فقال أبي: مرحبا يا أمير المؤمنين! أزائرا جئت أم طالب حاجة؟ فقال عمر: بل طالب حاجة.
قال: فجلس ومعه موليان له حتى فرغ من لحيته وأدرت جانبه الأيمن من لمته ثم ولاها جانبه الأيسر حتى إذا فرغ أقبل إلى عمر بوجهه، فقال: ما حاجة أمير المؤمنين؟ فقال عمر: يا أبي علام تقنط الناس؟ فقال أبي: يا أمير المؤمنين! إني تلقيت القران ممن تلقاه- وقال عفان ممن يتلقاه- من جبريل عليه السلام وهو
(1) أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي ت 335 هـ: المسند للشاشي (2/ 105) .
(2)
الطبراني في الكبير (5/ 198) ، مرجع سابق.
(3)
مجمع الزوائد (7/ 151) ، مرجع سابق، وقال:«رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح» .