الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأثنى الله سبحانه وتعالى على المؤمنين لما قالوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ (الأحزاب: 22) ، وذلك أنهم استحضروا إخبار الله عز وجل بنصر المؤمنين في الايات المختلفة، وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم لهم بهزيمة الأحزاب وذلك وحي لا غير.
وكان هذا ديدن العلماء عند ذكر كلام لله سبحانه وتعالى يقتضي المقام منهم إظهار هذه الكلمة، قال القرطبي عند قوله سبحانه وتعالى: وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (الذاريات: 22)«فإنا نقول صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم وأن الرزق هنا المطر» «1» .
وقد تعلم الصحابة رضي الله عنهم هذا من نبيهم صلى الله عليه وسلم فكانوا يرددون التصديق بصفة خاصة عند استحضار شيء من كلام الله سبحانه وتعالى:
1-
فقد فعل ذلك علي رضي الله عنه لما رأى الرجل المخدج بين قتلى الخوارج ثم قال: صدق الله وبلغ رسوله «2» وكان هذا ديدنه رضي الله عنه، فقد قالت عائشة:
قالت: أجل صدق الله ورسوله يرحم الله عليا إنه كان من كلامه لا يرى شيئا يعجبه إلا قال صدق الله ورسوله فيذهب أهل العراق فيكذبون عليه ويزيدون عليه في الحديث «3» ، وفي هذا دليل على التفوه بما يدل على تنزيه الله وتعظيمه وتصديقه عند رؤية ما يعجب من خبر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، فما يفعل المرء بالخبر الأعجب- القران الكريم-؟.
2-
وقال معاوية- وهو من كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لما حدثه رجل بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن أول ثلاثة الذين تسعر بهم النار بعد أن بكى معاوية بكاء شديدا فقال: «صدق الله ورسوله مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ
(1) القرطبي (13/ 15) ، مرجع سابق.
(2)
مسلم (2/ 742) ، مرجع سابق.
(3)
الضياء في المختارة (2/ 225) ، مرجع سابق.
أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ (15) أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (هود: 15- 16) » «1» .
3-
ومن ذلك أنه جلس أعرابي إلى زيد بن صوحان وهو يحدث أصحابه وكانت يده قد أصيبت يوم نهاوند، فقال الأعرابي: والله إن حديثك ليعجبني وإن يدك لتريا بني فقال زيد: ما يريبك من يدي إنها الشمال فقال الأعرابي: «والله ما أدري اليمين يقطعون أو الشمال؟ فقال زيد ابن صوحان: صدق الله ورسوله الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ (التوبة: 97) » «2» .
4-
وكذلك قال ابن مسعود رضي الله عنه فقد لقيه رجل فقال: السلام عليك يا ابن مسعود فقال عبد الله: صدق الله ورسوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «إن من أشراط الساعة أن يمر الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين وألايسلم الرجل إلا على من يعرف» «3» ، ولم يرد في السنة أن يقول الإنسان صدق رسول الله عما قاله رسول الله، إلا من فعل الصحابة فكذلك في قول الله عز وجل، وهو أعظم وأجل
…
ولكنه الأدب مع الله ورسوله، والبدهية عند سماع خبره، أو قوله أو تذكره.
ولا يعترض على هذا التقرير بأن الصدق له «ذكر مطلق، فتقييده بزمان أو مكان، أو حال من الأحوال، لابد له من دليل، إذا الأذكار المقيدة لا تكون إلا بدليل، وعليه: فإن التزام هذه بعد قراءة القران، لا دليل عليه، فيكون غير
(1) ابن حبان (2/ 138) ، الطبري (21/ 13) ، مرجعان سابقان.
(2)
ابن كثير (2/ 483) ، مرجع سابق.
(3)
ابن خزيمة (2/ 283) ، مرجع سابق.