الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامسا: مداومة تلاوته:
والمراد بالتلاوة هنا معناها الخاص، وهو القراءة فقد علمهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فيما رواه أبو هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا حسد إلا في اثنتين رجل علّمه الله القران فهو يتلوه اناء اللّيل واناء النّهار فسمعه جار له فقال ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل» «1» .
وقد علمهم أن ذلك يجب ألا يعدل ما سواه حتى لو كان حديث رسول الله فقد حدث عقبة بن عامر الجهنيّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث فقال أبو موسى:
إنّ صاحبكم هذا لحافظ أو هالك إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اخر ما عهد إلينا أن قال عليكم بكتاب الله وسترجعون إلى قوم يحبّون الحديث عنّي فمن قال عليّ ما لم أقل فليتبوّأ مقعده من النّار ومن حفظ عنّي شيئا فليحدّثه «2» .
وكثرة التلاوة لأن الله عز وجل «أراد انصباغ النفوس بصبغة هذه المعلومات وتردادها بالنسبة إلى العالم
…
ولأجل ذلك أمرنا بتكرار التلاوة والإكثار منها، ولم يكتف بمجرد الفهم» «3» .
ولذا علمهم النبي صلى الله عليه وسلم القراءة في الطريق، بل علمهم التلاوة قائما، أو مضطجعا، أو في فراشه، أو على غير ذلك من الأحوال، وله أجر «4» .
فعن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض ويقرأ القران» ، «ورأسه في حجري» ، وعن أبي موسى الأشعري قال: إني أقرأ القران
(1) البخاري (1/ 39) ، مسلم (1/ 558) ، ابن حبان (1/ 292) ، مراجع سابقة.
(2)
المسند المستخرج على مسلم (1/ 43) ، مرجع سابق.
(3)
الفوز الكبير في أصول التفسير ص 97، مرجع سابق.
(4)
التبيان في اداب حملة القران ص 41، مرجع سابق.
في صلاتي وأقرأ على فراشي، وعن عائشة قالت: إني لأقرأ حزبي وأنا مضطجعة على السرير «1» .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم ذلك ويشتد فيه حتى قال: «تعلّموا القران واقرؤه وارقدوا فإنّ مثل القران ومن تعلّمه فقام به كمثل جراب محشوّ مسكا يفوح ريحه كلّ مكان ومثل من تعلّمه فرقد وهو في جوفه كمثل جراب أوكي على مسك» «2» .
وقد ضرب لهم النبي صلى الله عليه وسلم الأمثال التعليمية المحسوسة التي ترغب في الإكثار من تلاوة القران الكريم لكل المؤمنين من حملة القران وغيرهم، فمن ذلك ما روي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمن الذي يقرأ القران مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القران مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ومثل المنافق الذي يقرأ القران مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذي لا يقرأ القران كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر» «3» ، وقد زاد البخاري في لفظ له «المؤمن الذي يقرأ القران ويعمل به» ، «وهي زيادة مفسرة للمراد وأن التمثيل وقع بالذي يقرأ القران ولا يخالف ما اشتمل عليه من أمر ونهي لا مطلق التلاوة» «4» .
وقد حذرهم النبي صلى الله عليه وسلم من ازدياد حفظهم وتكريرهم لأمر اخر فوق حفظ القران الكريم وتكريره، فقال صلى الله عليه وسلم:«لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا» «5» ، وهو ما فقهه البيهقي فبوب: «باب ما يكره أن يكون الغالب
(1) ابن أبي شيبة (2/ 241) ، مرجع سابق.
(2)
ابن ماجة (1/ 73) ، مرجع سابق.
(3)
البخاري (5/ 2070) ، مسلم (1/ 549) ، ابن حبان (3/ 47) ، مراجع سابقة.
(4)
فتح الباري (9/ 67) ، مرجع سابق.
(5)
مسلم (4/ 1769) ، والبخاري (5/ 2279) ، وابن حبان (13/ 93) ، مرجع سابق.