الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان تعلم القران هو الأصل، بل هو بدهية إسلامية في مجتمع المسلمين، ويظهر هذا من قول عمر رضي الله عنه: تعلموا الفرائض واللحن والسنة كما تعلمون القران «1» ، فجعل تعلم القران هو الأصل الذي يتم بناء عليه القياس، فمن هنا هب الصحابة «هبة واحدة يحفظون القران ويفهمون القران ويعملون بالقران وينامون ويستيقظون على القران، نقرأ في القران الكريم قوله سبحانه إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (فاطر: 29- 30) ، فتأمل كيف قدم تلاوة القران على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة» «2» ، وكانوا يقلون من الحديث عن رسول الله رضي الله عنه، «وكأن ابن عمر اتبع رأي أبيه في ذلك فإنه كان يحض على قلة التحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لوجهين أحدهما خشية الاشتغال عن تعلم القران» «3» .
تسلسل المنهجية:
وكان هذا هو منهج أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مع تلاميذهم حثا على تعلم القران وتلاوته فقد كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول: «تعلموا القران، واتلوه، تؤجروا بكل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف» «4» ، وعنه رضي الله عنه قال:«يا أيها الناس تعلموا القران فإن أحدكم لا يدري متى يخيل إليه» ، وأتى بمصحف قد زيّن بذهب فقال رضي الله عنه:«إن أحسن ما زين به المصحف تلاوته بالحق» «5» .
(1) الدارمي (2/ 441) ، مرجع سابق، البيهقي في الكبرى (6/ 209) .
(2)
مناهل العرفان (1/ 205) ، مرجع سابق.
(3)
فتح الباري (13/ 243) ، مرجع سابق.
(4)
سعيد بن منصور في سننه (1/ 35) ، ابن أبي شيبة (6/ 118) ، مرجعان سابقان.
(5)
مصنف عبد الرزاق (4/ 323) .
كما حث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على قراءة للقران يكون معها المرء غير هاجر لكتاب الله فقد أخرج ابن أبي داود عن ابن عمر رضي الله عنه قال: «إذا فرغ الرجل من حاجته ثم رجع إلى أهله ليأت المصحف فليفتحه فليقرأ فيه فإن الله سيكتب له بكل حرف عشر حسنات أما أني لا أقول ألم ولكن الألف عشر واللام عشر والميم عشر» ، وعن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال:«إن استطعت أن تقرب إلى الله عز وجل فإنك لا تقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه» «1» .
وبذا تتوافر أدوات الحفظ الواقعي المعجز للقران الكريم، وهذا جعل واحدا من المستشرقين المعاصرين يقول عن القران الكريم: «فبين أيدينا كتاب معاصر فريد في أصالته وفي سلامته لم يشك في صحته كما أنزل أي شك جدي، وهذا الكتاب هو القران، وهو اليوم كما كان يوم كتب لأول مرة تحت إشراف محمد، وعلى الرغم من أن الأفكار قد دونت في الرقاع وسعف النخل، والعظام في لحظات غريبة فالسور والايات الأصلية قد حفظت
…
وهذا الكتاب ليس مجموعة أحاديث أو تقارير يفترض فيها أن محمدا قد قالها فهي نفس الايات التي أملاها بنفسه يوما بعد يوم، وشهرا بعد شهر خلال حياته
…
والمهم هو أن القران هو العمل الوحيد الذي عاش أكثر من اثني عشر قرنا دون أن يبدل فيه، ولا يوجد شيء يمكن أن يقارن بهذا أدنى مقارنة في الديانة المسيحية» «2» .
(1) الحاكم (2/ 494) ، مرجع سابق.
(2)
هو المستشرق الأمريكي (ف. بودلي) . انظر: عماد الدين خليل (دكتور) : الإسلام والوجه الاخر للفكر الغربي (قراات)(ص 50) ، مؤسسة الرسالة، ط 1، 1418 هـ/ 1997 م.
الفصل الثاني: أصول تعليم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ألفاظ القران:
يناقش هذا الفصل أصول تعليم اللفظ القراني عند النبي صلى الله عليه وسلم، وهي تقوم على أربعة محاور:
تعليمهم كيف تعلم هو اللفظ القراني ليتم الاقتداء به في تلك الكيفية ما دامت في حدود الطاقة البشرية.
والوسائل التي اعتمد عليها مكانا وأسلوبا وطريقة إدارة ليتم التعليم.
ووسائل النشر لقيام هذا التعليم باتساع أفقي ورأسي.
والقواعد التربوية الضرورية المصاحبة لتعليم اللفظ القراني.
وبها تتضح الهيئة الإدارية للجامعة القرانية النبوية، كما تتضح بعض ملامح مفردات المنهج العلمي فيها
…
فهذه محاور أربعة في أربعة مباحث
…
وإليها تشد رحال أهل العزم من حملة القران ومقرئيه المصطفين الأخيار: