الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللحون تنشيطهم على قراءتها» «1» ، وقالوا: «القلب يخشع للصوت الحسن كما يخضع للوجه الحسن، وما تتأثر به القلوب في التقوى فهو أعظم في الأجر، وقال في العارضة: للصوت الحسن أثر عظيم في النفوس فإن كان المنطق رخيما رقيق الحواشي أوسع الأذن سماعا والنفس ميلا وقبولا وإن كان منغما،
…
وذلك هو التحبير في الكلام والتنغيم في الغناء» «2» .
«وأشار الجعبري إلى ذلك بقوله:
اقرأ بالألحان الأعارب طبعها
…
وأجيزت الأنغام بالميزان»
«3» وعلى هذا نستطيع أن نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد علمهم تحسين أصواتهم بتلاوة القران الكريم عموما قولا وفعلا تطبيقيا وإقرارا، والقراءة بالألحان إن كانت لا تخرج قراءة القران الكريم عن كونها قراءة للقران الكريم فهي داخلة ضمنا.
وبالجمع بين كل هذه النصوص يتقرر «أنه لا تلازم بين التلحين المذموم وتحسين الصوت المطلوب، وأن التلحين المذموم والأنغام المنهي عنها هو إخراج الحروف عما يجوز له في الأداء كما يصرح به كلام جمهور الأئمة ومنهم الإمام أحمد فإنه سئل عنه في القران فمنعه فقيل له: لم؟ فقال: ما اسمك؟ قال: محمد.
قال: أيعجبك أن يقال لك يا محامد» «4» .
ثانيا: علمهم النبي صلى الله عليه وسلم أن التغني المطلوب ليس مقصودا بالأصالة بل هو مطلوب بالتبع لعظمة القران وتدبره:
(1)(أبو الفضل) القاضي عياض بن موسى اليحصبي ت 544 هـ: الشفا بتعريف حقوق المصطفى (1/ 277) ، دار الكتب العلمية، 1399 هـ- 1979 م، بيروت- لبنان.
(2)
التاج والإكليل (2/ 62) ، مرجع سابق.
(3)
نهاية القول المفيد في علم التجويد ص 19، مرجع سابق.
(4)
فيض القدير (2/ 65) ، مرجع سابق.
فإن كان التغني مقصودا بالأصالة، والترنم مرغوبا لذاته فقد كرهه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه فيما رواه عابس الغفاري رضي الله عنه أنهم كانوا معه فوق أجار له فمر بقوم يتحملون فقال: ما هؤلاء؟ قيل: قوم يفرون من الطاعون؟ قال: يا طاعون خذني! يا طاعون خذني! يا طاعون خذني! فقال له ابن أخ له وكانت له صحبة:
تتمنى الموت وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يتمنى أحدكم الموت
…
»
قال: يا ابن أخي أني أبادر خلالا سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون في اخر الزمان يتخوفهن على أمته إمارة السفهاء، وكثرة الشرط، واستخفاف بالدم، وقطيعه الرحم، ونشوا يتخذون القران مزامير يقدمون الرجل ليس بأفقههم في الدين ولا بأعلمهم وفيهم من هو أفقه منه وأعلم يقدمونه يغنيهم غناء، وفي رواية الطبراني في الأوسط «يقدمون الرجل ليس بأفقههم ولا أعلمهم ولا بأفضلهم بعينهم غنى» «1» وفي لفظ:«والرجل يقرأ القران مزامير يغني به القوم، والقوم يقدمون الرجل ليس بخيرهم ولا بأفقههم يغنيهم بالقران» «2» .
فالنشء المذكور اتخذوا أئمة في الصلوات لصوتهم فقط وليسوا أهلا لها لوجود من هو أهل لها ممن هو أقرأ «3» وإن لم يكن لهم حسن الصوت ورغبوا عن ذلك إلى
(1) مسند أحمد (3/ 494) ، الطبراني في الطبراني في الكبير (3/ 211) ، وفي الأوسط (1/ 212) ، ابن أبي شيبة (7/ 529) ، مصنف عبد الرزاق (2/ 488) ، شعب الإيمان (2/ 541) ، مراجع سابقة، وقال ابن عبد البر في التمهيد (17/ 147) :«وهذا حديث مشهور» ، وانظر: مجمع الزوائد (2/ 316، و 4/ 199) ، مرجع سابق، وفي (5/ 245)، وقال:«وفي إسناد أحمد عثمان بن عمير البجلي وهو ضعيف واحد إسنادي الكبير رجاله رجال الصحيح» ، ونحوه في مسند أحمد (6/ 22) ، مرجع سابق عن عوف بن مالك، وهو في الحاكم (3/ 501) ، مرجع سابق، عن الحكم بن عمرو الغفاري.
(2)
الاحاد والمثاني (2/ 268) ، مرجع سابق.
(3)
وليس لوجود الأعلم كما في معتصر المختصر (2/ 282) ، مرجع سابق لأنه لا يقدم على الأقرأ.