الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول: تعليمه صلى الله عليه وسلم أساسات الدرس القراني «منهج الحلقات القرانية» :
ويتحدث هذا المبحث عن أساسات التعليم القراني عند النبي صلى الله عليه وسلم، ويبين أنها الأساسات ذاتها التي يسير عليها معلمو القران الكريم في عصرنا سواء كان ذلك في وقت الحلقات القرانية أو بعدها مما تستلزمه الدراسة
…
ولبيان ذلك انقسم المبحث إلى أربعة مطالب، تمثل أساسات الدرس القراني:
المطلب الأول: القراءة نظرا من المصحف
.
المطلب الثاني: القراءة عن ظهر قلب.
المطلب الثالث: التعاهد (المراجعة) .
المطلب الرابع: تعليمهم مقدار الورد (الحزب) اليومي.
المطلب الأول: القراءة نظرا من المصحف:
كان صلى الله عليه وسلم يعلمهم القراءة من المصحف نظرا بالإضافة إلى استظهاره عن ظهر قلب فهو يقول لأصحابه: «من سره أن يحب الله ورسوله؛ فليقرأ في المصحف» «1» ، ولعله صلى الله عليه وسلم كان يملي عليهم القران ليكتبوه عند موضع يقال له موضع المصحف فعن سلمة بن الأكوع أنه رضي الله عنه كان يتحرى موضع مكان المصحف فكان يتحرى الصلاة عند الاسطوانة التي عند المصحف. «2» .، ووقع عند مسلم بلفظ:(يصلي وراء الصندوق) ، وكأنه كان للمصحف صندوق يوضع
(1) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (7/ 209) ، 1405 هـ.
(2)
البخاري (1/ 189) ، مسلم (1/ 364) ، مرجعان سابقان.
فيه «1» ، وقيل في مسجده صلى الله عليه وسلم موضع خاص للمصحف كان ثمة من عهد عثمان «2» .
والحث على القراءة نظرا من المصحف ليتحقق أمران منهجيان أساسان في نقل اللفظ القراني:
1-
وجود القران مكتوبا على أوسع نطاق في الأمة، فلكل أسرة على الأقل مصحف مما يجعل مسألة التشكيك فيه ضربا من الهذيان، وهذا من مقتضيات تسمية القران بالكتاب.
2-
تعضيد القراءة بالكتابة، وتثبيت الكتابة بالقراءة
…
ولذا كان أشهر اسمين للقران هما (القران والكتاب)، ومن الفوائد غير ذلك:
أن يثبت في ذهن المؤمنين وغيرهم أن الكتاب الذي يستحق وصف الكتاب بإطلاق هو القران، كما قال الله عز وجل: ذلِكَ الْكِتابُ (البقرة: 2) .
فيه مواساة لمن لا يحفظ لبقاء اتصاله بالقران ولو لم يكن من حملة القران بالمعنى الخاص.
نشر الكتابة في الأمة على أوسع نطاق بربطه بما ينبغي نشره على أوسع نطاق وهو المصحف، مما يجعلها تأخذ بنواصي التقدم العلمي دائما.
التدبر: فإن النظر في المصحف يعين على ذلك: قال صلى الله عليه وسلم: «أعطوا أعينكم حظها من العبادة قيل: يا رسول الله ما حظها من العبادة؟ قال: النظر في المصحف والتفكر فيه والاعتبار عند عجائبه» «3» .
(1) فتح الباري (1/ 577) ، مرجع سابق.
(2)
شرح سنن ابن ماجه ص 103.
(3)
العظمة (5/ 225) .
وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بتملك المصاحف: كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «تعلّموا كتاب الله تعالى وتعاهدوه واقتنوه وتغنّوا به فو الّذي نفسي بيده لهو أشدّ تفلّتا من المخاض في العقل» «1» ؛ إذ إن قوله «اقتنوه» يفيد التملك أو اللزوم
…
وكلاهما يدل على مصاحبة المصحف للمرء.
وقد اهتم الصحابة بتملك المصاحف، وصار المصحف قطعة من فؤادهم:
حتى جعلوه مقياسا للجمال عندهم لكثرة نظرهم فيه فعن أنس بن مالك الأنصاري رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه كان يصلي لهم في وجع النبي صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة، فكشف النبي صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة ينظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف، ثم تبسم يضحك فهممنا أن نفتتن من الفرح برؤية النبي صلى الله عليه وسلم.. «2» .، فقوله (كأن وجهه ورقة مصحف) عبارة عن الجمال البارع، وحسن البشرة وصفاء الوجه واستنارته «3» .
وكان الصحابة رضي الله عنهم يتابعون النظر في المصحف ولو كانوا حفظة فعن الحسن البصري قال: دخلوا على عثمان والمصحف في حجره «4» ، وعثمان رضي الله عنه هو القائل رضي الله عنه:(لو أن قلوبنا طهرت ما شبعنا من كلام ربنا، وإني لأكره أن يأتي علي يوم لا أنظر في المصحف)«5» ، وما مات رضي الله عنه حتى خرق مصحفه من كثرة ما كان يديم النظر فيه «6» ، وعن عكرمة قال: دخلت على ابن عباس رضي الله عنه وهو
(1) ابن حبان (1/ 325) ، أحمد (4/ 153) ، وقال في مجمع الزوائد (7/ 169)، مراجع سابقة:«ورجال أحمد رجال الصحيح» .
(2)
البخاري (1/ 240) ، مرجع سابق.
(3)
شرح النووي (4/ 142) ، مرجع سابق.
(4)
ابن أبي شيبة (2/ 241) ، مرجع سابق.
(5)
انظر: شعب الإيمان (2/ 409) ، مرجع سابق.
(6)
انظر: شعب الإيمان (2/ 409) ، مرجع سابق.