الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقد أودع الله في دين الوسطية عنصر الثبات والخلود (1)، وعنصر المرونة (2) والتطور معاً، فهي صالحة لكل زمان ومكان ولكل الأجيال (3).
ولأجل ذلك كان ضرورياً اتصاف منهج الإسلام الوسط بعوامل البقاء والثبات والاستمرار، فالناس تبتعد منها وتقترب {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} البقرة: 143 (4)، فلم يكلف المولى عز وجل الناس فوق طاقتهم؛ فسنة الله جارية على أنه لا يكلف النفوس إلا وسعها (5).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرشد أمته إلى العمل الذي يطيقون الثبات عليه والمداومة فيه، قال صلى الله عليه وسلم:((أكلفوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلّ، وكان إذا عمل عملا أَثْبَتَهُ)) (6).
المعلم التاسع: ظهور الثمرات والفوائد:
إن من حكمه الله الربانية أن جعل قلوب عباده المؤمنين تحس وتتذوق وتشعر بثمرات الصراط المستقيم، لتندفع نحو مرضاته والتوكل عليه، ومن أعظم هذه الفوائد والثمار (7):
(1) فنجد الوسطية تتصف بثباتها في الأحكام والقواعد التي لا يمكن للمسلم ولا لغيره التصرف فيها فقهاً وعملاً، لأنها ثابتة بنصوص قطعية، وكذلك نجدها ثباتة المقاصد والغايات والأصول والكليات والقيم الدينية والأخلاقية.
(2)
تتضح مرونة الوسطية في قواعدها التي تجعل شرائع الإسلام مواكبة لأي عصر من العصور، وفي وسائلها وأساليبها وفروعها وجزئياتها وشئونها الدنيوية والعلمية.
(3)
ينظر: الرسالات السماوية السابقة امتداد أم تقاطع -للدكتور رشيد كهوس- البحث لمشاركة بمهرجان ربيع الرسالة الثقافي العالمي السابع.
(4)
ينظر: أسطر من النقل والعقل والفكر (ص 243).
(5)
ينظر: تفسير القاسمي، لمحمد جمال الدين القاسمي، (12/ 4405).
(6)
أخرجه أبو داود في سننه، برقم (1219)، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/ 255)، برقم (1219).
(7)
ينظر: ملخصاً الوسطية في القرآن الكريم للصلابي (ص 244 - 252).
1 -
الاغتباط بولاية الله الخاصة، التي هي أعظم ما تنافس فيه المتنافسون، قال تعالى:{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)} يونس: 62 - 63.
2 -
الفوز برضا الله ودار كرامته، قال تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)} التوبة: 71 - 72.
3 -
أن الله يدفع عن المؤمنين جميع المردة، وينجيهم من الشدائد، كما قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} الحج: 38.
4 -
أن الاستقامة على صراط الله تثمر الحياة الطيبة في هذه الدار، وفي دار القرار، قال تعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)} النحل: 97.
5 -
أن الوسطية طريق الهداية، قال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9)} يونس: 9.
6 -
أن أهل الصراط المستقيم يجعل الله لهم المحبة في قلوب المؤمنين، ومن فوائد محبة المؤمنين الثناء والدعاء له حياً وميتاً، والاقتداء به، وحصول الإمامة في الدين، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96)} مريم: 96.
7 -
أن أهل الوسطية، هم أعلى الخلق درجة عند الله وعند عباده في الدنيا والآخرة، قال تعالى:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)} المجادلة: 11.
8 -
حصول البشارة بكرامة الله، والأمن التام من جميع الوجوه، قال تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)} الأنعام: 82.
9 -
حصول الفلاح الذي هو إدراك غاية الغايات، بإدراك كل مطلوب، والسلامة من كل مرهوب، قال الله تعالى:{أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)} البقرة: 5.
10 -
منهج الوسطية وسلوك الصراط المستقيم، يقطع الشكوك التي تعرض لكثير من الناس فتضر بدينهم، قال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} الحجرات: 15؛ وذلك لأن الباطل يتضح بطلانه بأمور كثيرة أعظمها العلم أنه منافٍ للحق، وكل ما ناقض الحق فهو باطل {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} يونس:32.