الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحادي عشر: شهادة أهل الوسطية للأنبياء والرسل على أممها بالبلاغ:
قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} البقرة: 143، وقوله تعالى:{وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} الحج: 78.
"وجه الاستدلال أنه تعالى أخبر أنه جعل هذه الأمة عدولاً خياراً ليشهدوا على الناس بأن رسلهم قد بلغوهم عن الله رسالته وأدوا إليهم ذلك وهذا يتناول شهادتهم على الأمم الماضية وشهادتهم على أهل عصرهم ومن بعدهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم بكذا ونهاهم عن كذا فهم حجة الله على من خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم وزعم أنه لم يأتهم من الله ما تقوم به عليه الحجة ويشهد كل واحد بانفراده بما وصل إليه من العلم الذي كان به من أهل الشهادة "(1).
وقد أورد البخاري في صحيحه (2) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يدعى نوح يوم القيامة، فيقول: لبيك وسعديك يا رب، فيقول: هل بلغت؟ فيقول: نعم، فيقال لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير. فيقول: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته. فيشهدون أنه قد بلغ، ويكون الرسول عليكم شهيدا، فذلك قوله -جل ذكره-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} البقرة: 143)).
إن من جعلهم الرب شهداء على الناس لا بد وأن يكونوا عالمين بما يشهدون به فلو كانوا يحللون ما حرم الله ويحرمون ما أحل الله ويسقطون ما أوجب ويوجبون ما أسقط لما صلحوا أن يكونوا شهداء على الناس، قال تعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)} النساء: 115، فتوعد على اتباع غير سبيله كما توعد على مشاقة الرسول فكل منهما مذموم فإذا أصفقوا على تحريم أو حل وخالفهم مخالف فقد اتبع غير سبيلهم فيذم (3).
(1) توضيح المقاصد شرح الكافية الشافية نونية ابن القيم (1/ 212).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب: قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} البقرة: 143، برقم (4487).
(3)
ينظر: المنتقى من منهاج الاعتدال (ص: 548).