الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعاً: ونحبُّ بحبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، آلَ بيته الأطهارِ (1)، وأصحابَه وأتباعَه وأنصارَه إلى يوم الدين، ونتولاهم ولا نبرأُ من أحدٍ منهم، بل نبغضُ من يبغضُهم، وبغير الخير يذكرهُم، فلا نذكرهُم إلا بخيرٍ، وحبُّهم عندنا دينٌ وإيمانٌ وإحسانٌ نتقربُ به إلى الله تعالى، قال تعالى:{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)} التوبة: 100، ونتميزُ عن أهل البدع بسلامةِ قلوبنِا وألسنتنا لهم، فنُمسكُ عمّا شجرَ بين أصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم، فهم في ذلك بينَ مجتهدٍ مصيبٍ ومجتهدٍ مخطئٍ، فلبعضهِم أجرٌ ولبعضهِم أجرانِ، رضوان الله عليهم أجمعين.
خامساً: ونحبُّ أنصارَ الدين في كلِّ زمانٍ إلى قيامِ الساعة، القريب منهم والبعيد، من عرفنا منهم ومن لم نعرفْ، ولا نبرأُ من أحدٍ منهم أو نعاديهِ أو نعاملُه معاملةَ غيرِ المسلمين، بلْ نتولَاّهم وندعو لهم وننصرهُم ونجتهدُ أن نكون منهم. امتثالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم:((لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)) (2).
o
لحاجة البشر إليها:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان حاجة العالم إلى الرسالات: " الرسالة ضرورية للعباد لا بدّ لهم منها، وحاجتهم إليها فوق حاجتهم إلى كل شيء، والرسالة روح العالم ونوره وحياته، فأي صلاح للعالم إذا عدم الروح والحياة والنور؟ والدنيا مظلمة ملعونة إلا ما طلعت عليه شمس الرسالة، وكذلك العبد ما لم تشرق على قلبه شمس الرسالة، ويناله من حياتها وروحها فهو في ظلمة، وهو من الأموات، كما قال تعالى:{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} الأنعام: 122، فهذا وصف المؤمن كان
(1) كما أن آل البيت ابتلوا بطائفتين متقابلتين: طائفة تنقص قدرهم وتجحد حقهم ولا تقيم لهم حرمة ولا مكانة، وطائفة أخرى أدهى وأمر وهي التي غلت فيهم وألهتهم، حتى أنها أنشأت حركات ثورية ضالة تنتسب إليهم، وتزعم الدعوة لإمامتهم، والثورة لقيام خلافتهم.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه برقم (13)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من خصال الخير، برقم (45).
ميتاً في ظلمة الجهل فأحياه الله بروح الرسالة ونور الإيمان، وجعل له نوراً يمشي به في الناس، وأما الكافر فميت القلب في الظلمات" (1).
كما بين ابن القيم رحمه الله حاجة العبادة إلى الأنبياء والرسل، فقال: "
…
ومن هاهنا تعلم اضطرار العباد فوق كل ضرورة إلى معرفة الرسول وما جاء به، وتصديقه فيما أخبر به، وطاعته فيما أمر، فإنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل، ولا سبيل إلى معرفة الطيب والخبيث على التفصيل إلا من جهتهم، ولا ينال رضا الله البتة إلا على أيديهم
…
فأي ضرورة وحاجة فرضت، فضرورة العبد وحاجته إلى الرسل فوقها بكثير
…
" (2).
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: "قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} الذاريات: 56
…
ولهذا أعطى الله البشر عقولاً، وأرسل إليهم رسلاً، وأنزل عليهم كتباً، ولو كان الغرض من خلقهم كالغرض من خلق البهائم؛ لضاعت الحكمة من إرسال الرسل، وإنزال الكتب؛ لأنه في النهاية يكون كشجرة نبتت، ونمت، وتحطمت، ولهذا قال تعالى:{إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} القصص: 85، فلابد أن يردك إلى معادٍ تجازى على عملك إن خيراً فخير، وإن شراً فشر" (3).
هذا بعض صور الحاجة إلى إرسال الرسل، والأمر أكبر من ذلك بكثير، والأدلة على ذلك كثيرة معلومة من كتاب الله تعالى ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
(1) مجموع الفتاوى (9/ 93 - 94).
(2)
زاد المعاد (1/ 69).
(3)
القول المفيد على كتاب التوحيد (1/ 10).