الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولاً: التعريف بالكتب، ومعنى الإيمان بها:
الكتب في اللغة:
جمع كتاب، بمعنى مكتوب؛ لأن الكتاب لفظ عربي مشتق من الفعل "كتب"، يقول ابن فارس:" الكاف والتاء والباء أصل صحيح واحد يدل على جمع شيء إلى شيء، من ذلك الكتاب والكتابة، يقال: كتبت الكتاب أكتبه كتباً"(1).
والمراد بالكتب هنا
- التي يجب الإيمان بها-: "هي الكتب التي أنزلها الله تعالى على رسله، رحمة للخلق، وهداية لهم، ليصلوا بها إلى سعادة الدنيا والآخرة"(2).
أما المراد بالإيمان بالكتب، فهو:
التصديق الجازم بأنها كلها منزل من عند الله عز وجل على رسله إلى عباده بالحق المبين والهدى المستبين، وأنها كلام الله عز وجل لا كلام غيره، وأن الله تعالى تكلم بها حقيقة كما شاء وعلى الوجه الذي أراد، فمنها المسموع منه من وراء حجاب بدون واسطة، ومنها ما يسمعه الرسول الملكي ويأمره بتبليغه منه إلى الرسول البشري كما قال تعالى:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51)} الشورى: 51، ومنها ما خطه بيده عز وجل (3).
والإيمان بها يتضمن ما يلي:
1 -
الإيمان بأنها حق من عند الله (4).
2 -
تصديقُ ما صح وصوله من أخبارها، والإيمان به، وأنه حقٌّ من عند الله تعالى.
(1) معجم مقاييس اللغة (ص 917)، وينظر: تهذيب اللغة (4/ 3097)، والصحاح (1/ 208 - 209)، لسان العرب (1/ 698 - 702)، القاموس المحيط (ص 165).
(2)
فتاوى ابن عثيمين (5/ 120).
(3)
ينظر: شعب الإيمان للبيهقي (1/ 447)، وشرح الطحاوية لابن أبي العز (2/ 424 - 425)، ومعارج القبول (2/ 672).
(4)
والإيمان بالكتب المتقدمة على القرآن يعني الإيمان بأصولها التي أنزلها الله تعالى، بخلاف ما يوجد منها الآن في أيدي الناس؛ لما وقع فيها من التحريف والتبديل كما أشار إلى ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله.
ينظر: منهج الحافظ ابن حجر العسقلاني في العقيدة من خلال كتابه (فتح الباري) لمحمد كندو (3/ 1187)، والقول المفيد على كتاب التوحيد لابن عثيمين (3/ 219).
3 -
التزام أحكامها ما لم تنسخ، وعلى هذا، فلا يلزمنا أن نلتزم بأحكام الكتب السابقة; لأنها كلها منسوخة بالقرآن، إلا ما أقره القرآن. وكذلك لا يلزمنا العمل بما نسخ في القرآن; لأن القرآن فيه أشياء منسوخة (1).
لذا فإن الإيمان بهذه الكتب -أي بجنسها-قبل أن يصيبها ما أصابها واجب على المؤمنين. قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136)} النساء: 136.
"وجمهور المفسرين على أن الخطاب فيها للمؤمنين كافة، أمرهم الله أن يجمعوا بين الإيمان به وبرسوله الأعظم خاتم النبيين والقرآن الذي نزل عليه وبين الإيمان بجنس الكتب التي نزلها على رسله من قبل بعثة خاتم النبيين، بأن يعلموا أن الله قد بعث قبله رسلاً، وأنزل عليهم كتباً، وأنه لم يترك عباده في الزمن الماضي سدى، محرومين من البينات والهدى، ولا يقتضي ذلك أن يعرفوا أعيان تلك الكتب ولا أن تكون موجودة، ولا أن يكون الموجود منها صحيحاً غير محرف"(2).
كما أنه "معلوم من دلالات نصوص الوحيين، أن الإيمان قول القلب واللسان والجوارح، والإيمان بالكتب يجري على هذه الثلاث، فهو إيمان القلب واللسان والجوارح بالكتب:
أما صورة إيمان القلب بالكتب، فهي: اعتقاده أنها منزلة من عند الله، وهي كلامه ووحيه لأنبيائه، منه بدأ، ليست من إنشاء الرسل، واعتقاد أنها تضمنت مراد الله من خلقه اعتقاداً وشريعة وسلوكاً، واعتقاد وجوب العمل بمقتضاها وتعبد الله به.
وأما صورة إيمان اللسان، فهي: الإقرار بذلك الذي اعتقده القلب، والإخبار عنه، والشهادة به.
وأما صورة إيمان الجوارح، فهي: امتثالها أوامر الله في كتبه، وكفها عن نواهيها، وتأدبها بآدابها" (3).
(1) القول المفيد على كتاب التوحيد (2/ 410).
(2)
تفسير المنار لرشيد رضا (5/ 459).
(3)
الإيمان بالكتب، أ. د. محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الجهني (ص 3)، ضمن مجلة التوحيد الصادرة عن جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر عدد (445)، 1430 هـ.