الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17)} آل عمران: 14 - 17.
o
ثالثاً: ضبط شهوات النفس:
النفس ذات شهوات متعددة، ومتطلبات كثيرة، وإذا ما حقق الإنسان لها واحدة طلبت الأخرى، وهكذا إلى ما لا ناهية، لكن المؤمن بوجود حياة أخرى يلقى المرءُ فيها جزاءه، يجعله سيداً لشهواته حاكماً لها، "فيتقبل المسلم ما فرضه الله عليه من قيود على شهواته راضياً بالقيد غير شاعر بالحرمان؛ لأنه مطمئن إلى أن كل متاع زائد عن الحد يتركه الإنسان في الدنيا طاعة لله سيعوض عنه أضعافاً مضاعفة في جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين"(1)، فالإيمان باليوم الآخر والتصديق به هو صمام لحياة الاستقامة والطهر والعفة وضبط الشهوات.
o
رابعاً: الزهد في الدنيا، وتسلية المؤمن عمّا يفوته من نعيمها:
لعل من حكمة الاهتمام البالغ بالتذكير باليوم الآخر كثرة نسيان العباد له وغفلتهم عنه، بسبب تثاقلهم إلى الأرض، وحبهم لمتاع الدنيا، فيكون الإيمان به، وبما فيه من عذاب ونعيم مخففاً من الغلو في حب الدنيا.
كما أنه لا شيء يرفع الإنسان من إخلاده إلى الأرض -بعد الإيمان بالله- إلا الإيمان باليوم الآخر، الإيمان بأن كل متاع زائد يتنازل عنه الإنسان في الحياة الدنيا - طاعةً لله والتزاما بأمره - يعوض عنه في الآخرة متاعا أعلى وأخلد وأبقى، والإيمان في ذات الوقت بأن كل خروج على أمر الله في الحياة الدنيا من أجل متاع الأرض الزائل - سيجازى عليه في الآخرة عذابا أليما.
فيعلم العباد أن شهوات الدنيا كلها لا تستحق الطلب بشرهٍ والجهد والتنافس فيها بحرص، وأن الذي يستحق منهم ذلك هو ما أعده الله عز وجل لهم في اليوم الآخر، قال تعالى:{فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38)} التوبة: 38، فحين يؤمن الإنسان باليوم الآخر
(1) ينظر: القصد والوسطية في ضوء السنة النبوية (ص 333).