الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية الثالثة:
قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1)} الكهف: 1
. جمع الله تعالى في هذه الآية لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بين صفتي الرسالة والعبودية، فكانت هذه الآية رادة على بدعتين متقابلتين، وبيان ذلك فيما يلي:
-
أولاً: بيان وجه رد الآية على بدعة التفريط
.
أتت هذه الآية للرد على من جفا في حق النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعرف منزلته ولا قدره ولا حقوقه، فعامله كسائر البشر، فلم يرفع بهديه رأساً، كما هو حال كثير من الفلاسفة والملاحدة والعلمانيين والعصرانيين والماديين وغيرهم، فبين الله عز وجل أنه فضله على كثير ممن خلق بالنبوة فأوحى إليه وأنزل إليه الكتاب، قال تعالى:{الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} ، ونظائر هذه الآية في الكتاب والسنة كثير.
-
ثانياً: بيان وجه رد الآية على بدعة الإفراط
.
كما أن هذه الآية رادة على المفْرِطة، التي رفعت النبي صلى الله عليه وسلم فوق منزلته، فجعلته في مرتبة الربوبية والألوهية -فوق مرتبة العبودية-، كما يفعل كثير من أهل البدع من الصوفية والقبورية وغيرهم، حتى صار عندها إلها وربا مسؤولاً، فأتت هذه الآية لتبدد هذا المعتقد الفاسد فوصفته بالعبودية، عند قول الله تعالى:{أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ} .
-
ثالثاً: المأخذ الذي انطلقت منه هاتان الطائفتان
.
المأخذ الذي انطلقت منه هاتان الطائفتان هو: انحرافهم في الإيمان بالكتاب "القرآن الكريم".
فأقام الجفاة معتقدهم على: تعظيم العقل وتقديسه وتقديمه على الشرع، فلم يقدروا للنبي صلى الله عليه وسلم قدره، إذ لم يلتزموا بأوامر الشرع التي جاء بها، بل رأوها مخالفة للمعقول.
بينما أقام الغلاة معتقدهم على: فهم الكتاب بطريقتهم الخاصة، بعيدا عن الالتزام بحدود الشرع المنزل، فصرفوا أنواعاً من العبادة للرسول صلى الله عليه وسلم، وتجاهلوا ما جاءت به نصوص