الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحاجات، وكشف الضرر والكُربات، وشفاء الأسقام فيما عجز عن طبه الأنام، وغفران الذنوب والآثام التي هي من خصائص رب العزة والجلال، إلى الأنبياء والصالحين (1).
بقي أن يعلم أن كون أحاديث التوسل وجاه الرسول صلى الله عليه وسلم ضعيفة، لا يعني بأنه صلى الله عليه وسلم ليس له جاه عند ربه عز وجل، ولا ينفي التوسل المشروع الذي جاء به الشرع الحنيف، فجاهه صلى الله عليه وسلم أعظم الجاه بل لا يبلغ أحد من الخلق ما بلغه صلى الله عليه وسلم من الجاه عند ربه عز وجل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وجاهه عند الله تعالى أعظم من جاه جميع الأنبياء والمرسلين، وقد أخبر سبحانه وتعالى عن موسى وعيسى عليهما السلام أنهما وجيهان عند الله تعالى، فقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (69)} الأحزاب: 69، وقال تعالى:{إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)} آل عمران: 45، فإذا كان موسى وعيسى وجيهين عند الله عز وجل فكيف بسيد ولد آدم، صاحب المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون، وصاحب الكوثر والحوض المورود
…
، وهو صاحب الشفاعة يوم القيامة حيث يتأخر عنها آدم وأولو العزم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وهو إمام الأنبياء إذا اجتمعوا وخطيبهم إذا وفدوا ذو الجاه العظيم صلى الله عليه وسلم " (2).
o -
الإطراء والمبالغة في المدح في يوم "الاحتفال بالمولد
".
في" نظر الكثيرين من أهل السنة والجماعة أن الاحتفال بمولد الرسول عليهما السلام بدعة منكرة
…
ويجب التسليم من كل منصف أن النبي عليهما السلام لم يحتفل بمولد نفسه ولا بمولد غيره من الرسل والصحابة مع امتداد حياته بعد الرسالة ولا احتفل بمولده أحد من الصحابة وهم خير القرون المشهود لهم بالخير، ورسول الله عليهما السلام أكرم الخلق على نفوسهم وأحب العالمين إلى قلوبهم ولو احتفلوا بمولده لنقل لتوفر الدواعي على نقله؛ فيكفي في الاستشهاد على أن ترك الاحتفال بمولده سنة وأن فعله بدعة لعدم نقلهم لفعله .. أما ما ذكر عن حسان بن ثابت وعلي بن أبي طالب والبراء بن عازب وأنس بن مالك رضي الله عنهم من الثناء على النبي عليهما السلام فإنهم لم يلتزموا فيه وقتاً معيناً يتخذونه موسماً ومجتمعاً وهذا متفق عليه ومندوب إليه لشرح سيرة النبي
(1) ينظر: خصائص المصطفى بين الغلو والجفاء (ص 137 - 138) وما بعدها.
(2)
قاعدة جليلة (ص 252 - 254).
- عليهما السلام تدريساً أو دفاعاً عنه عند وجود الدواعي لذلك دون التزام حال معينة أو زمان أو مكان معين وإنما البدعة التزام زمن أو مكان بعينه يعتبر موسماً ويعتاد الناس الاجتماع فيه شأنهم فيه كشأنهم في الأعياد بل هذا ربما أدى إلى الغلو في إعظام النبي عليهما السلام وإطرائه وقد نهى عن ذلك فقال: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم)(1) " (2).
قال شيخ الإسلام رحمه الله: " اتخاذ هذا اليوم عيداً محدث لا أصل له فلم يكن في السلف لا من أهل البيت ولا من غيرهم من اتخذ ذلك عيدا حتى يحدث فيه أعمالا إذ الأعياد شريعة من الشرائع فيجب فيها الاتباع لا الابتداع وللنبي عليهما السلام خطب وعهود ووقائع في أيام متعددة مثل يوم بدر وحنين والخندق وفتح مكة ووقت هجرته ودخوله المدينة وخطب له متعددة يذكر فيها قواعد الدين ثم لم يوجب ذلك أن يتخذ أمثال تلك الأيام أعياداً وإنما يفعل مثل هذا النصارى الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليه السلام أعيادا أو اليهود وإنما العيد شريعة فما شرعه الله اتبع وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام وإما محبة للنبي عليهما السلام وتعظيما له والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع من اتخاذ مولد النبي عليهما السلام عيدا مع اختلاف الناس في مولده فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي له وعدم المانع منه ولو كان هذا خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله عليهما السلام وتعظيما له منا وهم على الخير أحرص وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته باطنا وظاهرا ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان فإن هذه هي طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان"(3).
(1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16)} مريم: 16، برقم (3445).
(2)
مجموعة ملفات الشيخ عبد الرزاق عفيفي (ص 202).
(3)
اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 294 - 295)، وينظر: المورد في عمل المولد للفاكهاني، وحكم الاحتفال بالمولد النبوي والرد على من أجازه لمحمد بن إبراهيم، حكم الاحتفال بالمولد النبوي عبدالعزيز بن باز، الرد القوي على الرفاعي والمجهول وابن علوي وبيان أخطائهم في المولد النبوي لحمود التويجري، الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف لأبي بكر الجزائري، والقول الفصل في حكم التوسل بخير الرسل لإسماعيل الأنصاري، الاحتفال بالمولد بين الاتباع والابتداع لمحمد بن سعد شقير.