الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية الأولى:
قول الله تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)} الأنبياء: 23
، فيها رد على طائفتين متقابلتين من طوائف المبتدعة! ، وبيان ذلك فيما يلي:
-
أولاً: بيان وجه رد الآية على بدعة التفريط
.
دل قوله جل وعلا: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} ، على إثبات الفعل لله عز وجل، فكانت هذه الآية رادةً على كلِ من نفى أفعال الله (1) -من القدرية- بأنه سبحانه {يَفْعَلُ} .
-
ثانياً: بيان وجه رد الآية على بدعة الإفراط
.
كما أن هذه الآية أيضاً قد تضمنت الرد على بدعة الإفراط، فردت على نفاة أفعال العباد -من الجبرية- بأنهم {يُسْأَلُونَ} ؛ ونسبة السؤال إليهم فيه دلالة على أنهم قادرون ومحاسبون على أعمالهم.
ويلاحظ مما سبق أمور ثلاثة:
الأمر الأول:
إسناد الفعل إلى العبد، وأنه القائم به حقيقة؛ ولأجل هذا وقعت المحاسبة والجزاء عليه، كما في قاله تعالى:{وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)} ، وقوله سبحانه وتعالى:{وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} الأنعام: 164، أي:" أن النفوس إنما تجازى بأعمالها؛ إن خيراً فخير، وإن شراً فشر"(2)، وكما قال تعالى:{لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15)} طه: 15، والآيات في هذا كثيرة.
الأمر الثاني:
أن للعبد قدرة أودعها الله فيه، قال تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} التغابن: 16، وقال:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} فصلت: 15، فهو قادرٌ بجعل الله له قادراً، وهو سبحانه وتعالى خالقه وخالق قدرته (3)، لذا فإنه سبحانه وتعالى لا يسأله ولا يحاسبه إلا لما له فيه قدرة ومشيئة، قال تعالى:{وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)} ، أي: عما فعلوا باختيارهم (4).
(1) ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى أن أدلة إثبات الحكمة والتعليل في أفعال الله تزيد على عشرة آلاف دليل .. ينظر شفاء العليل (1/ 573).
(2)
تفسير القرآن العظيم لابن كثير (2/ 207).
(3)
ينظر: درء التعارض (1/ 86)، ومنهاج السنة (3/ 111، 235، 257)، وبغية المرتاد (ص 263).
(4)
تفسير القرآن العظيم لابن كثير (2/ 207).