الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
o
مصدر لصيانة الدين:
الكتاب الإلهي مصدر صيانة للدين من عبث أصحاب الأهواء الشيطانية والنفوس المريضة فلا يستطيعون التلاعب بدين الله ولا يقدرون على جعل الدين مطابقاً لأهوائهم وموافقاً لانحرافاتهم ومسايراً لضلالهم وبدعهم وكفرهم، كما أنه مرجع يرجع إليه في تحديد مقاصد الدين وأهدافه وغاياته وأسسه كما يكون مرجعاً في التعرف على أحكام الدين وشرائعه وعقائده ومبادئه، لتعلم الواجبات التي يأمرهم بها والمحرمات التي ينهاهم عنها، والفضائل والكمالات الأخلاقية التي يرغبهم فيها وليكون كذلك مرجعا في المواعظ والنصائح والأمثال والترغيب والترهيب القصصي والتبشير والوعد والوعيد وكل ما يدلهم على الطريق إلى مرضاة الله عز وجل.
o
سبب لانتشار الدين:
الكتاب المنزل سببٌ في اتساع الدين وانتشار أتباعه بعد وفاة من أنزل عليه فإنه يكون حينئذ بمثابة معجزة باقية على مدى الدهر مغنية عن دين جديد ورسول جديد، معجزة متجددة في كل زمان ومكان خاصة إذا كان الكتاب معجزاً كالقرآن الكريم والرسالة عامة كالرسالة المحمدية فكل إنسان يستطيع أن يطالع المعجزة القرآنية الدالة على صدقه، ويشاهد الدليل على كونه حجة.
o
استجابة لأمر الله بالإيمان بها:
كل كتاب من كتب الله أمر بالإيمان بجميع كتب الله. فإن الإيمان بالكتب من أصول الإيمان التي جاءت بها الملة على لسان كل رسول، فمن كفر بواحد من كتب الله يكون قد كفر بما أمر به في الكتاب الذي ادعى الإيمان به، لذلك فإن الإيمان بالكتب من آكد الواجبات، وقد وردت الأدلة في الشرع تقرر وجوب ذلك من وجوه عديده، منها:
أ-الإخبار عن كتب الله أنه أنزلها على رسله، وهذا الخبر واجب الإيمان به؛ لأنه خبر الرب سبحانه والجحود به كفر، ومن أمثلة هذا الإخبار، قوله تعالى:{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} البقرة: 213، ونحو ذلك كثير.
ب- الأمر المباشر بالإيمان بالكتب، ومنه قوله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} النساء: 136، فأمر بالإيمان بكتب الأنبياء جميعاً.
ت إخباره سبحانه بأن الإيمان بالكتب من البر، قال سبحانه:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} البقرة: 177، والبر من الأسماء الجامعة لما يحبه الله ويرضاه.
ث إخباره سبحانه أن النبي والمؤمنين يؤمنون بالكتب في معرض الثناء عليهم وتسجيل صفات الإيمان لهم التي بها يستحق العبد صفة الإيمان وحكمه، قال سبحانه:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} البقرة: 285.
ج- إخباره سبحانه بأن تكذيب المكذبين وكفرهم إنما كان لجحودهم بالكتب، فمن جحد بالكتب كفر وخرج من الملة، فظهر ملازمة وجوب الإيمان بالكتب للإيمان، قال سبحانه:{فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184)} آل عمران: 184، أي جاءتهم الرسل بالكتب ولكنهم كذبوا بها.
ح- إخباره سبحانه بأن الكفر بالكتب ضلال بعيد، قال سبحانه:{وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136)} النساء: 136، فوصف من كفر بالكتب بأنه "قد ضل" و (قد) للتحقيق، ثم لم يكتف بهذا حتى أكده بالمصدر فقال:"ضلالاً" ثم لم يكتف بهذا حتى أكد المصدر بوصفه فقال: "بعيداً" وهو دليل مقرر لكون الإيمان بالكتب واجب.
خ- إخباره سبحانه عن جزاء المكذبين بالكتب، قال سبحانه:{الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72)} غافر: 70 - 72، وفي هذا دلالة على وجوب الإيمان بالكتب (1).
ومن أجل ما سبق، ولحكم أخرى يعلمها الله، كان الإيمان بالكتب السماوية ضرورة حتمية -وحاجة ضرورية لا غنى للبشر عنها-؛ لأنه تعالى أنزل كتبه على رسله لتنذر وتبشر وتعظ وترشد وتأمر وتنهى وتهدي الناس إلى الصراط المستقيم، وتحكم بينهم فيما اختلفوا فيه،
(1) ينظر: الإيمان بالكتب، أ. د. محمد أبو سيف (ص 6 - 8).
وقد بلَّغ الرسل إلى الناس جميع نصوص تلك الكتب الإلهية، ومضى الرسل إلى لقاء ربهم وتركوا تلك الكتب لتكون من بعدهم للناس هدى ونوراً (1).
(1) ينظر: أركان الإيمان لوهبي سليمان غاوجي الألباني (ص 138)، وأسس العقيدة الإسلامية لمحمد حسن حبنكة الميداني (ص 538 - 540).