الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - باب الربا والصرف
541 (279) - عن أبي سعيدٍ الخدريّ؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَبِيعُوا الذَّهبَ بالذَّهَبِ، إلا مثلًا بمثلٍ، ولا تُشِفُّوا (1) بعضَها على بعض، ولا تَبِيعُوا الوَرِقَ بالوَرِقِ، إلا مِثْلًا بمثلٍ، ولا تُشِفُّوا بعضَها على بعضٍ، ولا تَبِيعُوا منها غائِبًا بناجِزٍ"(2). [إِلى هُنا مُتَفَقٌ عَلَيْهِ](3)
- وفي لفظٍ: "إلا يدًا بيدٍ"(4).
- وفي لفظٍ: "إلا وزنًا بوزنٍ، مِثْلًا بمثل، سواءً بسواءٍ"(5).
542 (278) - عن مالك بنِ أوس بن الحَدَثان؛ أنَّه التمسَ صرفًا بمائة دينارٍ، فدعاني طلحةُ بنُ عُبيدِ الله، فتراوَضْنا (6)، حتى اصطَرَفَ مِنّي فأخذَ الذَّهبَ يُقلَبها في يَدَيْهِ، ثمَّ قَالَ: حتى يأتِي خازِني من الغابةِ،
(1) بضم المثناة الفوقية، فشين معجمة مكسورة، ففاء مشددة. أي: لا تفضلوا.
(2)
رواه البخاري (2177)، ومسلم (1584)(75).
وقوله: "الذهب" لفظ عام يشمل جميع الذهب مضروبًا كان أو غير مضروب، وكذلك "الورق" وهي الفضة. و"مثلًا بمثل" يعني: متساويين. و"غائبًا بناجز"، يعني: غائبا عن مجلس البيع، أو مؤجلًا بناجز.
قال ابن دقيق العيد: "يدل الحديث على اعتبار أمرين عند اتحاد الجنس في الأموال الربوية
…
أحدهما: تحريم التفاضل من قوله: "إلا مثلًا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض"،
والثاني: تحريم النَّساء من قوله: "ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز". أهـ.
(3)
زيادة من "أ".
(4)
رواه مسلم (1584)(76).
(5)
رواه مسلم (1584)(77).
(6)
أي: تجاذبنا في البيع والشراء، وهو ما يجري بين المتبايعين من الزيادة والنقصان. "نهاية".
وعمرُ يسمَعُ ذلك، فقال: واللهِ لا تُفارِقُهُ حتى تأخذَ منه؛ قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الذهبُ بالوَرِقِ (1) ربًا إلا هاءَ وهاءَ، والبُرُّ بالبُرًّ ربًا إلا هاءَ وهاءَ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ ربًا إلا هاءَ وهاءَ"(2).
(1) كذا الأصل، وهذا من دقة الحافط عبد الغني رحمه الله فالحديث في البخاري من طريق مالك ابن أنس، عن ابن شهاب عن مالك بن أوس به، والحديث في "الموطأ" بلفظ:"الذهب بالورق" قال ابن عبد البر في "التمهيد"(12/ 143 - 144): "لم يختلف على مالك في هذا الحديث
…
"الذهب بالورق ربًا إلا هاء وهاء
…
" الحديث. هكذا قال مالك، ومعمر، والليث، وابن عيينة في هذا الحديث عن الزهري: "الذهب بالورق"، ولم يقولوا: "الذهب بالذهب، والورق بالورق" وهؤلاء هم الحجة الثابتة في ابن شهاب على كل من خالفهم".
ثمَّ بين ابن عبد البر رحمه الله أن الحفاظ رووه عن ابن عيينة باللفظ المذكور، ولم يخالف في ذلك غير أبي نعيم؛ فإنه رواه عن ابن عيينة، بلفظ:"الذهب بالذهب". وأيضًا رواه ابن إسحاق عن ابن شهاب بهذا اللفظ مخالفًا جميع الحفاظ في روايتهم عن ابن شهاب.
قلت: وهو باللفظ الذي ذكره الحافظ عبد الغني في نسخة الحافظ ابن حجر، كما في "الفتح"(4/ 378)، وانظر أيضًا ما قاله القسطلاني في "إرشاد الساري"(4/ 79).
ثم رأيته كذلك في نسخة صحيحة من صحيح البخاري (رواية أبي الوقت)(ج 1/ ق 183/ ب) وأما "صحيح مسلم"، ففيه من طريق الليث: "الورق بالذهب
…
".
(2)
رواه البخاري (2174)، ومسلم (1586)، وزادا:"والتمر بالتمر ربًا إلا هاءَ وهاءَ".
وقوله: "إلا هاءَ وهاء"، قال ابن دقيق العيد في "الإحكام" (3/ 180 - 181): "اللفظة موضوعة للتقابض، وهي ممدودة مفتوحة، وقد أنشد بعض أهل اللغة في ذلك:
لَما رأتْ في قامتي انحناءَ
…
والمشْي بعد قَعَس إِجناءَ
أجْلَتْ وكان حبُّها أجلاءَ
…
وجعلتْ نِصفَ غَبُوقي ماءَ
تمزجُ لي مِن بُغضها السقاءَ
…
ثمَّ تقولُ من بعيدٍ هاءَ
دحرجة إن شئتَ أو إِلقاءَ
…
ثمَّ تمنَّى أن يكونَ داءَ
لا يجعل الله له شفاءَ". أهـ.
543 (281) - عن أبي الْمِنْهالِ (1) قال: سألتُ البراءَ بنَ عازبٍ وزيد بنَ أرقم: عن الصَرفِ؟ فكُلُّ واحد منهما -يقولُ: هذا خيرٌ مِنّي، وكلاهُما -يقولُ: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن بيعِ الذهبِ بالوَرِقِ دَيْنًا (2).
544 (280) -عن أبي سعيد الخدريّ قال: جاءَ بلالٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمرٍ بَرنِيٍّ. فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "مِن أينَ هذا؟ " قال بلالٌ: كانَ عِندنا تمرٌ رديءٌ، فبعتُ منه صاعين بصاعٍ؛ لِيَطْعَمَ (3) النبيُّ صلى الله عليه وسلم. فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عند ذلك:"أَوَهْ (4). عينُ الرِّبا. عينُ الربِّا. لا تفعَلْ، ولكِنْ إذا أردتَ أن تشتَرِي، فبعْ التَّمْرَ ببيعٍ آخر، ثمَّ اشْتَرِيِهِ"(5). مُتَفقٌ على هذه الأحاديث.
(1) هو: سيار بن سلامة، تقدّمت ترجمته عند الحديث رقم (130).
(2)
رواه البخاري -واللفظ له- (2180 و 2181)، ومسلم (1589)(87).
وفي رواية لمسلم قصة، وهي: عن أبي المنهال قال: باع شريك لي ورقًا بنسيئة إلى الموسم- أو إلى الحج- فجاء إليّ فأخبرني. فقلت: هذا أمر لا يصلح. قال: قد بعته في السوق، فلم ينكر ذلك عليّ أحد، فأتيت البراء بن عازب، فسألته؟ فقال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن نبيع هذا البيع، فقال:"ما كان يدًا بيدٍ، فلا بأس به، وما كان نسيئة فهو ربا"، وائت زيد بن أرقم؛ فإنه أعظم تجارة مني، فأتيته، فسألته؟ فقال مثل ذلك.
(3)
وفي "أ": "لمطعم"، وهي رواية مسلم، وهذا اللفظ ورد بروايات، انظرها في "الصغرى"(280).
(4)
رواية مسلم، وفي البخاري بالتكرار مرتين، كما أنه لم يكرر في مسلم قوله:"عين الربا".
قلت: وهو في "الصغرى" للمصنف مثل ما هنا: "أوه. عين الربا. عين الربا"، وقد أشار ابن الملقن إلى ذلك أيضًا في "شرحه"(ج 3/ ق 66/ ب).
(5)
رواه البخاري (2312)، ومسلم (1594).
والبرني: بفتح الباء الموحدة، وسكون الراء، بعدها نون، ثمَّ تحتانية مشددة؛ نوع من أنواع التمر الجيد، وفيه قال صلى الله عليه وسلم:"خير تمراتكم البرني؛ يذهب بالداء، ولا داء فيه". "الصحيحة"(1844).
545 -
عن عُبادة بنِ الصامِت رضي الله عنه، قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ والتَمْرُ بالتَّمْرِ، والْمِلْحُ بالْمِلْح، مِثْلًا بمثلٍ، سواءً بسواءٍ، يدًا بيدٍ، فإذا اختَلَفَتْ هذه الأصنافُ، فبِيعُوا كيفَ شِئْتُم [إِذا كانَ] (1) يدًا بيدٍ"(2).
- وفي لفظٍ: "عينًا بعينٍ، فمَن زادَ أو ازدادَ فقد أَربا". م (3).
546 (282) - عن أبي بَكَرَةَ قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الفِضَّةِ بالفِضَّةِ، والذَّهبِ بالذهَبِ، إلا سواءً بسواءٍ، وأمرَنا أن نَبْتاعَ الذهبَ بالفِضَّةِ كيفَ شِئْنا، والفِضَّةَ بالذهبِ كيفَ شِئْنا. خ (4).
547 -
عن فَضالة بن عُبيدٍ رضي الله عنه، قَالَ: اشتريتُ يومَ خيبرَ قِلادةً باثني عشر دينارًا، وفيها ذَهَبٌ وخَرَزٌ، فَفَصَّلْتُها (5)، فوجدتُ فيها أكثرَ مِن اثني عشرَ دينارًا، فذكرتُ ذلكَ للنبي-صلى الله عليه وسلم؟ فقال: "لا تُباعُ حتى
(1) زيادة من "أ"، وهي في "صحيح مسلم".
(2)
رواه مسلم (1587)(81).
(3)
رواه مسلم (1587)(80).
(4)
رواه البخاري (2182)، وهو لمسلم أيضًا (1590)، إلا أنه زاد:"فسأله رجل فقال: يدًا بيدٍ؟ فقال: هكذا سمعت".
"تنبيه": أورد المصنف رحمه الله هذا الحديث في "الصغرى"، وساقه هناك بلفظ مسلم.
قلت: واشتراط القبض في الصرف متفق عليه، وهذا الحديث يستدل به على بيع الربويات بعضها ببعض! إذا كان يدًا بيد، كما يستفاد ذلك أيضًا من حديث عبادة بن الصامت السابق، وفيه:"فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، يدًا بيدٍ". وانظر "الفتح"(4/ 383).
(5)
أي: جعلت الذهب وحده، والخرز وحده.
تُفَصَّلَ" (1).
- وفي لفظٍ: قال فَضالةُ: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "مَن كانَ يؤمنُ بالله واليومِ الآخرِ، فلا يأخُذَنَّ إلا مثلًا بمثلٍ". م (2).
548 -
عن زيدٍ أبي (3) عيّاش مولى لبني زُهرة (4)؛ أنَّه سألَ سعد بن أبي وقّاص: عن البيضاء بالسُّلْتِ؟ فقالَ له سعدٌ: أيهما أفضلُ؟ قال: البيضاءُ. [قال:](5) فنَهاهُ عن ذلِكَ، وقال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن شراءِ التَّمْرِ بالرُّطَبِ؟ فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أينقُصُ الرُّطَبُ إذا يَبِسَ؟ "، قالُوا: نعم. فنهاهُ عن ذلك. د ق (6).
549 -
عن عبد الله بنِ عُمر قال: كنتُ أبيعُ الإِبلَ، فأبيعُ بالدنانِيرِ وآخذُ الدَّراهِمَ، وأبيعُ بالدَّراهِمِ وآخذُ الدَّنانِيرَ، آخذ هذه من هذه، وهذه من هذه، فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم -وهو في بيتِ حفصةَ- فقلتُ: يا رسولَ الله! رُويْدَك أسألك: إنِّي أبِيعُ الإبلَ بالبَقِيعِ، وأبيعُ بالدَّنانِيرِ وآخذُ
(1) رواه مسلم (1591)(90). والحديث دليل على أنه لا يجوز بيع ذهب مع غيره بذهب حتى يفصل، فيباع الذهب بوزنه ذهبًا، ويباع الآخر بما شاء.
(2)
رواه مسلم (1591)(92).
(3)
كذا الأصل: "أبي"، وفي "أ":"ابن"، وانظر التعليق التالي.
(4)
هو: زيد بن عياش؛ أبو عياش الزرقي، ويقال: المخزومي. ويقال: مولى بني زهرة المدني وثقه الدارقطني، وابن حبان، وليس له عند أصحاب السنن إلا هذا الحديث الواحد.
(5)
زيادة من "أ".
(6)
صحيح. رواه أبو داود (3359)، وابن ماجه (2264)، وأيضًا النسائي، والترمذي، كما في "البلوغ" (845). و"البيضاء": الحنطة. و"السُّلْت": ضرب من الشعير أبيض لا قشر له.