المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌13 - باب أدب التخلي - عمدة الأحكام الكبرى - جـ ١

[عبد الغني المقدسي]

فهرس الكتاب

- ‌1 - كتاب الطهارة

- ‌1 - بابُ الدَّليل على وُجوبِ الطَّهارةِ

- ‌2 - باب وجُوبِ النيّةِ في الطَّهارةِ، وسائرِ العِبَادات

- ‌3 - بَابٌ فِي مَن تركَ لُمْعةً لم يُصبْها الماءُ لم تصحّ طهارتُه

- ‌4 - بابٌ في المضمضمة والاستنشاق

- ‌5 - بَابٌ في مسح الرأس والأذنين

- ‌6 - باب في المسح على العمامة

- ‌7 - باب تخليل الأصابع

- ‌8 - باب الوُضوء مرّة مرّة

- ‌9 - باب كراهية الزيادة على الثلاث في الوضوء

- ‌10 - باب الوضوء عند كل صلاة

- ‌11 - باب المياه

- ‌12 - صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌13 - باب أدب التخلي

- ‌14 - باب السواك

- ‌15 - بابُ المسح على الخفين

- ‌16 - باب في المذي

- ‌18 - باب إذا شك في الحدث

- ‌19 - باب في بول الصبي الصغير

- ‌20 - باب البول يصيب الأرض وغيره

- ‌21 - باب الجنابة

- ‌22 - باب التيمم

- ‌23 - باب الحيض

- ‌2 - كتاب الصلاة

- ‌1 - باب المواقيت

- ‌2 - باب الأذان

- ‌3 - باب استقبال القبلة

- ‌4 - باب مواضع الصلاة

- ‌5 - باب متى يؤمر الصبي بالصلاة وغير ذلك

- ‌6 - باب الصفوف

- ‌7 - باب الإمامة

- ‌9 - باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

- ‌10 - باب القراءة في الصلاة

- ‌11 - باب قراءة المأموم

- ‌12 - باب ترك الجهر بـ: {بسم الله الرحمن الرحيم}

- ‌13 - باب سجود السهو

- ‌14 - بَابٌ في المرور بين يدي المصلِّي

- ‌15 - باب ما يكره فعله في الصلاة وما يبطلها

- ‌16 - بَابٌ جَامِعٌ

- ‌17 - باب التشهد

- ‌18 - باب السلام

- ‌19 - باب الوتر

- ‌20 - باب الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌21 - باب قصر الصلاة

- ‌22 - باب الجمعة

- ‌23 - باب العيدين

- ‌23 (*) - باب صلاة الكسوف

- ‌24 - باب صلاة الاستسقاء

- ‌25 - باب صلاة الخوف

- ‌3 - كتاب الجنائز

- ‌4 - كتاب الزكاة

- ‌1 - في وجُوب الزَكاة

- ‌2 - باب حدّ النصاب

- ‌3 - باب اعتبار الحوْل

- ‌4 - باب وجوب العشر فيما يسقى من السماء والماء الجاري

- ‌5 - باب في الخيل

- ‌6 - باب وجوب الزكاة في العروض إِذا كانت للتجارة

- ‌7 - باب وجوب الزكاة في عين المال

- ‌8 - باب ترك الثلث أو الربع في الخرص

- ‌9 - باب الخرص

- ‌10 - باب الركاز

- ‌11 - باب من لا تحل له الزكاة

- ‌12 - باب تعجيل الزكاة

- ‌13 - باب إِخراج الزكاة في بلدها

- ‌14 - باب الغارم يُعطَى من الصدقة

- ‌15 - باب المسألة

- ‌16 - حديث الصدقات

- ‌17 - باب تفسير أسنان الإبل

- ‌18 - باب صدقة الفطر

- ‌18 - (*) باب في المؤلفة قلوبهم

- ‌5 - كتاب الصيام

- ‌1 - باب إِذا غُمَّ الهلالُ

- ‌2 - باب النية في الصيام

- ‌3 - باب شهادة الرجل الواحد على رؤية الهلال

- ‌4 - باب السّحور

- ‌5 - باب الرجل يصبح جنبًا وهو يريد الصوم

- ‌7 - باب الجماع في شهر رمضان

- ‌8 - باب الصوم في السفر

- ‌9 - باب تأخير قضاء رمضان

- ‌10 - باب من مات وعليه صوم

- ‌11 - باب في القيء

- ‌12 - باب الحجامة

- ‌13 - باب تعجيل الإِفطار

- ‌15 - باب أفضل الصيام

- ‌16 - باب النهي عن صيام يوم الجمعة

- ‌19 - باب صوم أيام التشريق

- ‌20 - باب ليلة القدر

- ‌21 - باب ما يفطر عليه وما يقال عند الفطر

- ‌22 - باب الاعتكاف

- ‌6 - كتاب الحج

- ‌1 - باب وجوب الحج

- ‌2 - باب المواقيت

- ‌3 - باب ما يلبس المحرم من الثياب وغيرها

- ‌4 - باب التلبية

- ‌5 - بابٌ في الفِدْيَة

- ‌6 - باب حرمة مكة

- ‌7 - باب ما يجوز قتله

- ‌8 - باب دخول مكة وغيره

- ‌9 - باب التمتع

- ‌10 - باب في الهدي

- ‌11 - باب الحج عمّن لا يستطيع

- ‌12 - باب فسخ الحج إلى العمرة، وغيره

- ‌13 - باب الرمي والحلق

- ‌14 - باب المحرم يأكل من صيد الحلال

- ‌7 - كتاب البيوع

- ‌1 - باب ما نهي عنه من البيوع

- ‌2 - باب العرايا وغير ذلك

- ‌3 - باب السلم

- ‌4 - باب الشروط في البيع

- ‌5 - باب النجش وغير ذلك

- ‌6 - باب الربا والصرف

- ‌7 - باب الرهن وغيره

- ‌8 - باب الوقف وغيره

- ‌9 - باب في الصلح وغيره

- ‌10 - باب المزارعة

- ‌11 - باب العُمْرى والرّقْبى

- ‌13 - باب اللقطة

- ‌14 - باب الوصايا

- ‌8 - كتاب الفرائض

- ‌باب الولاء

- ‌9 - كتاب النكاح

- ‌1 - باب خطبة النكاح، وما يقال للمتزوج

- ‌2 - باب الرجل يسلم وتحته أكثر من أربع نسوة

- ‌3 - باب في المحلل والمحلل له

- ‌4 - باب القسم

- ‌5 - باب الولاية

- ‌6 - باب الصداق

- ‌10 - كتاب الطلاق

- ‌باب العِدّهَ

- ‌11 - كتاب الظهار

- ‌12 - كتاب اللعان

- ‌13 - كتاب الرضاع

- ‌14 - كتاب القِصاص

- ‌باب الدية

- ‌15 - كتاب الحدود

- ‌1 - باب حد السرقة

- ‌2 - باب حد الخمر

- ‌16 - كتاب الأيمان والنذور

- ‌1 - باب النذر

- ‌2 - باب القضاء

- ‌3 - باب الدعوى والبينة

- ‌17 - كتاب الأطعمة

- ‌1 - باب الصيد

- ‌2 - باب الذكاة

- ‌3 - باب الأضاحي

- ‌18 - كتاب الأشربة

- ‌19 - كتاب اللباس

- ‌20 - كتاب الجهاد

- ‌21 - كتاب السبق

- ‌22 - كتابُ العتق

- ‌باب أمهات الأولاد

الفصل: ‌13 - باب أدب التخلي

‌13 - باب أدب التخلي

47 (13) - عن أنس بنِ مَالكٍ [رضي الله عنه](1)؛ أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إذا دَخَلَ الخَلاءَ قال: "اللهمَّ إنِّي أَعوذُ بكَ مِن الخُبثِ والخبَائث". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (2).

48 -

عن عليٍّ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "سَتْرُ ما بينَ الجِنِّ وعوراتِ بني آدمَ إذا دَخلَ الكَنِيفَ، أنْ يقولَ: بسمِ الله"(3).

49 -

وعن أبي أُمامة؛ أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يعجز أحدُكم إذا دخلَ مِرْفَقَهُ؛ أن يقولَ: اللهمّ إنّي أعوذُ بِكَ من الرِّجْسِ النَّجِسِ، الخَبِيثِ الْمُخْبِثِ، الشَّيطانِ الرجيمِ"(4).

= ثم غسلَ رجليه حتى رفعَ إلى السَّاقين، ثم قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إنّ أمَّتي يُدْعَونَ يومَ القيامةِ غُرًّا مُحَجَّلين مِنْ أثرِ الوُضوء. فمَن استطاعَ مِنكم أن يُطيل غُرَّته فليفعلْ". (رواه مسلم: 246).

12 -

في لفظ لمسلم: سمعتُ خليلي صلى الله عليه وسلم يقول: "تَبلغُ الحِليةُ من المؤمنِ حيثُ يبلغُ الوُضوءُ". (رواه مسلم: 250).

(1)

زيادة من "أ".

(2)

رواه البخاري (142)، ومسلم (375).

وقال المصنف في "الصغرى": "الخبث: بضم الخاء والباء وهو جمع خبيث. والخبائث: جمع خبيثة. استعاذ من ذكران الشياطين وإناثهم".

(3)

صحيح بشواهده. رواه ابن ماجه (297)، والترمذي (606). و"الكنيف": المرحاض.

(4)

ضعيف جدًا. رواه ابن ماجه (299). فيه عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد والقاسم، ولا يجتمع هؤلاء في إسناد خبر إلا كان متنه مما عملته أيديهم كما في "المجروحين"(2/ 62).

ص: 27

50 -

عن أنس بنِ مَالِكٍ قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا خرجَ من الخلاءِ، قال:"الحمدُ للَّه الذي أذهبَ عنِّي الأذى، وعَافَاني"(1) أخرجها ابنُ ماجه.

51 -

عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا خرجَ مِن الخَلاءِ (2) قال: "غُفْرانكَ". د ت حسنٌ غَرِيبٌ (3).

52 (14) - وعن أبي أيّوب الأنصاري رضي الله عنه، قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتيتُم الغَائِطَ، فلا تستقْبِلُوا القِبْلةَ بغائطٍ ولا بَوْلٍ، ولا تستدْبرُوها، ولكن شَرِّقُوا، أو غَرِّبُوا". فقال أبو أيوب: فقَدمْنا الشَّامَ، فوجَدْنا مراحِيضَ قد بُنيت نحو الكعبةِ (4)، فننحرِفُ عنها، ونستغفرُ الله [عز وجل](5). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ د ت (6).

53 -

وعن أبي هُريرة، عن رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "إذا جَلَسَ أحدُكم

(1) ضعيف. رواه ابن ماجه (301)، وفي سنده إسماعيل المكي، وهو ضعيف باتفاق.

(2)

هذا لفظ الترمذي، وعند أبي داود:"الغائط".

(3)

حسن رواه أبو داود (30)، والترمذي (7). وانظر "البلوغ"(99).

(4)

في المصادر: "قبل الكعبة" بدل: "نحو الكعبة".

(5)

زيادة من "أ"، وللبخاري لفظ:"تعالى" بدل: "عز وجل"، ولم يقع شيء من ذلك في باقي المصادر.

(6)

رواه البخاري (394)، ومسلم (264)، وأبو داود (9)، والترمذي (8). وانظر "بلوغ المرام"(97 بتحقيقي).

وقال المصنف في "الصغرى":

"الغائط: الموضع المطمئن من الأرض، كانوا ينتابونه للحاجة، فكنوا به عن نفس الحدث؛ كراهية لذكره بخاص اسمه. والمراحيض: جمع مرحاض، وهو المغتسل، وهو أيضًا كناية عن موضع التخلي".

ص: 28

على حَاجَتِهِ، فلا يستقْبِل القِبْلةَ، ولا يَسْتَدْبِرْها". م (1).

54 (15) - عن ابنِ عُمر قال: رَقِيتُ يومًا على بيتِ حَفْصَةَ (2)، فرأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم على حَاجتِهِ مُستقبِلَ الشَّأمِ، مستدبرَ الكعبةِ. متفق عليه د ت (3).

55 -

[و] عن مَرْوَانَ الأصْفَر (4) قال: رأيتُ ابنَ عُمرَ أناخَ راحِلته مُستقبل القبلةِ، ثم جلسَ يَبولُ إليها! فقلتُ: أبا عبد الرحمن! اليسَ قد نُهي عن هذا؟ قال: بلى. إنما نُهي عن ذلكَ في الفَضَاءِ، فأمّا إذا كان بينكَ وبينَ القبلةِ شيء يسترُكَ فلا بأسَ. د (5).

56 -

وعن الْمُغيرة بنِ شُعبة قال: كنتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ، فأتى

(1) رواه مسلم (265).

(2)

هي أم المؤمنين؛ حفصة بنت عمر بن الخطاب شقيقة عبد الله بن عمر. وقوله: "رقيت": أى: صعدت.

(3)

رواه البخاري (148)، ومسلم (266)، وأبو داود (12)، والترمذي (11).

وعند البخاري ومسلم: "القبلة" بدل: "الكعبة". وهي كما ذكرها المصنف عند الترمذي، ولا ذكر للاستدبار في الحديث عند أبي داود.

(4)

أبو خلف البصري، قيل: اسم أبيه خاقان، تابعي ثقة، روى له الشيخان وأبو داود والترمذي.

(5)

حسن. رواه أبو داود (11).

وهذا الرأي هو فهم لابن عمر رضي الله عنه خالفه فهم غيره من الصحابة رضي الله عنهم، كما في حديث أبي موسى (51)، وأحاديث النهي عن استقبال القبلة أو استدبارها ببول أو غائط أحاديث مطلقة، لا تفريق فيها بين الفضاء والعمران، والأولى إبقاؤها على ما وردت، خاصة وقد تأيد ذلك بفهم وعمل هؤلاء الصحابة الذين قدموا الشام.

ص: 29

النبيُّ صلى الله عليه وسلم حاجَتَهُ، فأبعدَ في المذهبِ حتَّى توارى عنِّي. م (1).

57 (16) - عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قالَ: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يدخلُ الخَلاءَ، فأحمِلُ -أنا وغُلامٌ نحوِي- إِداوةً من ماءٍ، وعَنَزَةً، فيستنجي بالماءِ. متَّفَقٌ عَلَيْهِ (2).

58 -

وعن سَلْمان رضي الله عنه قالَ: قِيل له: قَدْ علَّمكُم نبيُّكُم كُلَّ شيءٍ حتى الخِرَاءَةَ! قال: فقالَ: أجلْ. لقد (3) نَهانا أن نستقْبِلَ القِبْلةَ بغائطٍ أو بَوْلٍ أو أنْ نستنجِي باليَمِينِ، أو أنْ نَستنْجِي بأقلَّ من ثلاثة أحجارٍ، أو أن نستنجِي برَجِيع أو عَظْمٍ. م د ت (4).

59 (17) - وعن أبي قَتادة؛ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمسِكَنَّ أحدُكم ذكَرَه بيمِينِهِ -وهو يَبولُ- ولا يتمسّحْ من الخَلاء بيمينه، ولا يتنفّسْ في الإِناءِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْه. د تْ (5).

(1) رواه مسلم (274)(77)، وقد أورده الحافظ عبد الغني رحمه الله بالمعنى، ورواه الترمذي بنفس اللفظ (20) دون قوله:"حتى توارى عني".

(2)

رواه البخاري (152)، ومسلم (271).

"الإداوة": إناء صغير من جلد يتخذ للماء. و"العنزة": عصا طويلة في أسفلها زج، ويقال: رمح صغير. وقال المصنف في "الصغرى": "الحربة الصغيرة".

و"الغلام ": هو من فطم إلى أن يبلغ سبع سنين.

(3)

في "أ": "إنه قد".

(4)

رواه مسلم (262)، وأبو داود (7)، والترمذي (16)، وقال الترمذي:"حديث سلمان في هذا الباب حديث حسن صحيح".

و"الرجيع": العذرة والروث، وسمي بذلك لأنه رجع عن حالته الأولى بعد أن كان طعامًا أو علفًا.

(5)

رواه البخاري (153)، ومسلم (267)، وأبو داود (31)، والترمذي (15) واللفظ لمسلم.

ص: 30

60 -

عن عبد الله بنِ مسعودٍ قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَسْتَنْجُوا بالرَّوْثِ، ولا بالعِظَام، فإنّه زادُ إخوانِكُم من الجنّ". ت (1).

61 -

وعن جابرٍ قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يُتَمَسّحَ بعَظْمٍ، أو ببعْرٍ. م د (2).

62 -

وعن عائشةَ رضي الله عنها؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ذهبَ أحدُكم إلى الغَائطِ، فَلْيَذْهَبْ معه بثلاثةِ أحجَارٍ، يَستطيب بهنّ؛ فإنها تُجزئُ عنه". د (3).

63 -

وعن أبي هُريرة؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "اتَّقُوا اللاعِنَيْنِ". قالوا: وما اللاعِنَان يا رسول الله؟ قال: "الذي يتخلَّى في طريقِ النَّاسِ، أو في ظِلِّهم". م د (4).

(1) صحيح. رواه الترمذي (18). قلت: وفي صحيح مسلم (450) أن الجن سألوا النبي صلى الله عليه وسلم الزاد، فقال:"لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحمًا، وكل بعرة علف لدوابكم". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلا تستنجوا بهما؛ فإنهما طعام إخوانكم".

(2)

رواه مسلم (263)، وأبو داود (38)، واللفظ لمسلم، وأما أبو داود فلفظه:"نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتمسح .. "

(3)

صحيح بشواهده. رواه أبو داود (40)، وهو وإن كان في سنده مسلم بن قرط -بضم القاف وسكون الراء، بعدها مهملة- وهو "لا يعرف"، كما قال غير واحد، إلا أنه يصح بما له من شواهد. ومن ذلك حديث سلمان السابق برقم (57). ومنها أيضًا حديث أبي هريرة بسند حسن عند أبي داود (8)، والنسائي (1/ 38)، وابن ماجه (313)، وفيه:"وكان يأمر بثلاثة أحجار".

وآخر عن أبي أيوب عند الطبراني في "الكبير"(4/ 174) بلفظ: "إذا تغوط أحدكم، فليتمسح بثلاثة أحجار؛ فإن ذلك كافيه". وهناك شواهد أخرى.

(4)

رواه مسلم (269)، وأبو داود (25). =

ص: 31

64 -

وعن مُعاذ بنِ جبلٍ رضي الله عنه، قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اتَقُوا الملاعِنَ (1) الثَّلاث: البرازَ في الموارِدِ، وقَارِعَةِ الطَريقِ، والظِّلِّ" د (2).

65 -

وعن عبد الله بنِ سَرْجس؛ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى أن يُبال في الجُحْرِ قالوا لقتادةَ (3): ما يُكره من البول في الجُحْرِ؟ قال: يُقال: إنها مساكن الجنّ. د (4).

66 (18) - عن ابنِ عبّاس رضي الله عنهما قالَ: مَرّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بقبرَينِ فقال: "إنَّهما لَيُعذَّبانِ وما يُعذَّبانِ في كَبِيرٍ؛ أمّا أحدُهُما: فكان لا يَستتِرُ من البولِ. وأمّا الآخرُ: فكان يمشِي بالنَّميمةِ". فأخذَ جرِيدة رَطْبةً، فشقَّها نِصفين، فغرزَ في كلِّ قبر واحدةً. فقالُوا: يا رسولَ الله! لِمَ فعلتَ هذا؟ قال: "لعلّه يُخفّفُ عنهما ما لم يَيْبسَا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ د س ت ق (5).

= و"اللاعنين": أي: الأمرين الجالبين للعن، الباعثين للناس عليه؛ فإنه سبب للعن من فعله في هذه المواضع، وليس ذا في كل ظل، وإنما هو الظل الذي يستظل به الناس، ويتخذونه مقيلًا، ومناخًا"، قاله في "النهاية".

(1)

جمع ملعنة، وهي الفعلة التي يلعن بها فاعلها، كأنها مظنة للعن، ومحل له، وهي: أن يتغوط الإنسان على قارعة الطريق، أو ظل الشجرة، أو جانب النهر، فإذا مر بها الناس لعنوا فاعلها. "النهاية".

(2)

ضعيف بهذا اللفظ. أي: بلفظ: "الموارد"، وباقيه صحيح، رواه أبو داود (26).

(3)

قتادة هو: ابن دعامة السدوسي البصري، ثقة ثبت، رأس الطبقة الرابعة، وصف بالتدليس، روى له الجماعة.

(4)

ضعيف. رواه أبو داود (29) من طريق قتادة عن عبد الله بن سرجس، وقتادة لم يسمع من صحابي غير أنس، كما قال الحاكم في "المعرفة"(ص 111)، ثم هو موصوف بالتدليس.

(5)

رواه البخاري (218)، ومسلم (292)، وأبو داود (20)، والنسائي (1/ 28 - 30)، =

ص: 32

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والترمذي (70)، وابن ماجه (347)

وفي رواية: "يستنزه" بدل: "يستتر".

قلت: وقد اختلف في هذين المقبورين، هل هما من المسلمين أم من الكافرين؟ والراجح أنهما كانا مسلمين، وقد دلل على ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله بكلام متين، ونفى أن يكون أحدهما هو: السيد سعد بن معاذ رضي الله عنه، فقال:

"لم يعرف اسم القبورين، ولا أحدهما، والظاهر أن ذلك كان على عمد من الرواة؛ لقصد الستر عليهما، وهو عمل مستحسن، وينبغي أن لا يبالغ في الفحص عن تسمية من وقع في حقه ما يذم به، وما حكاه القرطبي في "التذكرة" وضعفه عن بعضهم أن أحدهما: سعد بن معاذ! فهو قول باطل، لا ينبغي ذكره إلا مقرونًا ببيانه، ومما يدل على بطلان الحكاية المذكورة أن النبي صلى الله عليه وسلم حضر دفن سعد بن معاذ، كما ثبت في الحديث الصحيح، وأما قصة المقبورين ففي حديث أبي أمامة عند أحمد؛ أنه صلى الله عليه وسلم قال لهم: "من دفنتم اليوم ههنا؟ "، فدل على أنه لم يحضرهما، وإنما ذكرت هذا ذبًا عن هذا السيد، الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم: "سيدًا"، وقال لأصحابه: "قوموا إلى سيدكم"، وقال: "إن حكمه قد وافق حكم الله"، وقال: "إن عرش الرحمن اهتز لموته"، إلى غير ذلك من مناقبه الجليلة؛ خشية أن يغتر ناقص العلم بما ذكره القرطبي، فيعتقد صحة ذلك، وهو باطل.

وقد اختلف في المقبورين، فقيل: كانا كافرين، وبه جزم أبو موسى المديني، واحتج بما رواه من حديث جابر -بسند فيه ابن لهيعة- أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على قبرين من بني النجار هلكا في الجاهلية فسمعهما يعذبان في البول والنميمة. قال أبو موسى: هذا وإن كان ليس بقوي، لكن معناه صحيح؛ لأنهما لو كانا مسلمين لما كان لشفاعته إلى أن تيبس الجريدتان معنى، ولكنه لما رآهما يعذبان لم يستجز للطفه وعطفه حرمانهما من إحسانه، فشفع لهما إلى المدة المذكورة، وجزم ابن العطار في "شرح العمدة" بأنهما كانا مسلمين، وقال: لا يجوز أن يقال إنهما كانا كافرين؛ لأنهما لو كانا كافرين لم يدع لهما بتخفيف العذاب، ولا ترجاه لهما، ولو كان ذلك من خصائصه لبينه، يعني: كما في قصة أبي طالب.

قلت: وما قاله أخيرًا هو الجواب، وما طالب به من البيان قد حصل، ولا يلزم التنصيص على لفظ الخصوصية، لكن الحديث الذي احتج به أبو موسى ضعيف كما اعترف به، وقد رواه أحمد بإسناد صحيح على شرط مسلم، وليس فيه سبب التعذيب، فهو من تخليط ابن لهيعة، وهو مطابق لحديث جابر الطويل الذي قدمناه أن مسلمًا أخرجه، واحتمال كونهما كافرين فيه ظاهر. =

ص: 33

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأما حديث الباب فالظاهر من مجموع طرقه أنهما كانا مسلمين، ففي رواية ابن ماجه:"مر بقبرين جديدين"، فانتفى كونهما في الجاهلية، وفي حديث أبي أمامة عند أحمد؛ أنه صلى الله عليه وسلم مر بالبقيع، فقال:"من دفنتم اليوم ههنا؟ "، فهذا يدل على أنهما كانا مسلمين؛ لأن البقيع مقبرة المسلمين، والخطاب للمسلمين، مع جريان العادة بأن كل فريقٍ يتولاه من هو منهم.

ويقوي كونهما كانا مسلمين رواية أبي بكرة عند أحمد والطبراني بإسنادٍ صحيح: "يعذبان، وما يعذبان في كبير"، و"بلى. وما يعذبان إلا في الغيبة والبول"، فهذا الحصر ينفي كونهما كانا كافرين؛ لأن الكافر وإن عذب على ترك أحكام الإسلام، فإنه يعذب مع ذلك على الكفرِ بلا خلاف". أهـ كلام الحافظ ابن حجر.

وقال الخطابي في "معالم السنن"(1/ 18): وقوله: "ولعله يخفف عنهما ما لم ييبسا؛ فإنه من ناحية التبرك بأثر النبي صلى الله عليه وسلم، ودعائه بالتخفيف عنهما، وكأنه صلى الله عليه وسلم جعل مدة بقاء النداوة فيهما حدًا لما وقعت به المسألة من تخفيف العذاب عنهما، وليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطب معنى ليس في اليابس، والعامة في كثير من البلدان تفرش الخوص في قبور موتاهم، وأراهم ذهبوا إلى هذا، وليس لما تعاطوه من ذلك وجه. والله أعلم".

ثم عقب على ذلك العلامة أحمد شاكر رحمه الله (1/ 103) قائلًا: "وصدق الخطابي، وقد ازداد العامة إصرارًا على هذا العمل الذي لا أصل له، وغلوا فيه، خصوصًا في بلاد مصر، تقليدًا للنصارى، حتى صاروا يضعون الزهور على القبور، ويتهادونها بينهم، فيضعها الناس على قبور أقاربهم ومعارفهم تحية لهم، ومجاملة للأحياء، وحتى صارت عادة شبيهة بالرسمية في المجاملات الدولية، فتجد الكبراء من المسلمين، إذا نزلوا بلدة من بلاد أوربا ذهبوا إلى قبور عظمائها، أو إلى قبر من يسمونه: الجندي المجهول. ووضعوا عليها الزهور، وبعضهم يضع الزهور الصناعية التي لا نداوة فيها، تقليدًا للإفرنج، واتباعًا لسنن من قبلهم. ولا ينكر ذلك عليهم العلماء أشباه العامة، بل تراهم أنفسهم يصنعون ذلك في قبور موتاهم، ولقد علمت أن أكثر الأوقاف التي تسمى أوقافًا خيرية-: موقوف ريعها على الخوص والريحان الذي يوضع في القبور. وكل هذه بدع ومنكرات لا أصل لها في الدين، ولا مستند لها من الكتاب والسنة ويجب على أهل العلم أن ينكروها، وأن يبطلوا هذه العادات ما استطاعوا".

وقال شيخنا العلامة الألباني في "الإرواء"(1/ 313 - 314): "فائدة: قد جاء في حديث جابر الطويل في صحيح مسلم (8/ 235) بيان التخفيف المذكور في الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم: إني =

ص: 34