الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
12 - كتاب اللعان
663 (326) - عن عبد الله بنِ عُمر؛ أنّ فُلان بنَ فُلانٍ (1) قال: يا رسولَ الله! أرأيتَ لو وجدَ أحدُنا امرأتَه علي فَاحِشَةٍ! فكيفَ يصنَعُ؛ إنْ تكلَّمَ تكلَّمَ بأمرٍ عَظِيم، وإنْ سكتَ سكتَ علي مثلِ ذلك؟
قال: فسكت النبيُّ صلى الله عليه وسلم فلم يُجِبْه. فلمّا كان بعد ذلك أتاهُ.
فقالَ: إنَّ الَّذي سألتُكَ عنه قد ابتُلِيتُ به؟ فأنزلَ الله عز وجل هؤلاء الآيات في سُورةِ النُّورِ: {وَالَّذينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ..} [النور: 6 - 9]، فتلاهُنّ عليه، ووعَظَه، وذَكّره، وأخبرَه أنّ عذابَ الدُّنيا أهونُ من عذابِ الآخرةِ.
قال: لا والذي بعثَكَ بالحقِّ، ما كذبتُ عليها.
ثم دَعَاها، فوعَظَها، وأخبرَها أنَّ عذابَ الدُّنيا أهونُ مِن عذابِ الآخرةِ.
قالتْ: لا والذي بعثَكَ بالحقِّ، إنّه لكَاذِبٌ.
فبدأَ بالرجُل، فشَهِدَ أربعَ شهاداتٍ بالله: إنّه لمن الصَّادِقين {وَالْخَامِسَةُ أنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيهِ إِنْ كَانَ مِنَ الكَاذِبِينَ} [النور: 7].
ثم ثنَّى بالمرأةِ، فشهِدَتْ: {أَرْبَعَ شَهَاداتٍ باللهِ إنَّه لمن الكَاذِبينَ
(1) هو: هلال بن أمية بن عامر بن قيس، والمرأة هي: خولة بنت قيس، والرجل الَّذي رميت به هو: شريك بن سحماء.
والْخَامِسةَ أنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيِهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 8 - 9]. ثم فرَّقَ بينهما (1).
- وفي لفظٍ: قال: "اللهُ يعلمُ أنّ أحدَكُما كاذِبٌ، فهلْ منْكُما تائِبٌ". ثلاثًا (2).
- وفي لفظٍ: قال: "لا سَبِيلَ لك عليها". قال: يا رسولَ الله! مَالِي؟ قال: "لا مَالَ لكَ؛ إنْ كُنتَ صَدَقْتَ عليها، فهو بما استحللتَ مِن فَرْجِها، وإنْ كُنتَ كذبتَ عليها، فهو أبعدُ لكَ مِنها"(3). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
664 (327) - وعن ابنِ عُمر؛ أن رجلًا رمى امرأتَه، وانتَفَى مِن وَلدِها في زمانِ (4) رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فأمرَهُما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فتَلاعَنا كما قالَ الله عز وجل، ثم قضَى بالولد للمَرأة، وفرّقَ بين الْمُتلاعنَيْن. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (5).
665 (328) - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: جاءَ رجُلٌ من بني فَزَارةَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: إنّ امرأتِي ولدتْ غُلامًا أسودَ؟ فقال النبيُّ
(1) هذا السياق لمسلم (1493)(4)، والحديث رواه أيضًا البخاري.
(2)
هذه الجملة للبخاري (5312)، وهي لمسلم أيضًا (1493) (6) دون قوله:"ثلاثا".
(3)
رواه البخاري (5350)، ومسلم (1493)(5).
(4)
في "أ": "زمن".
(5)
رواه البخاري - والسياق له - (4748)، ومسلم (1494) بمعناه.
تنبيه: قال ابن الملقن في "الإعلام"(ج 3/ ق 153/ ب): "هذا الحديث أخرجه الشيخان بمعناه، ولم أره هنا بلفظه". أهـ.
قلت: هو في كتاب التفسير عند البخاري بلفظه، غير أن عنده:"فأمر بهما"، بدل:"فأمرهما".
- صلى الله عليه وسلم: "هل لكَ مِن إبلٍ؟ "، قال: نعم. قال: "فَمَا ألوانُها؟ "، قال: حُمْرٌ. قال: "هل فِيها مِن أَوْرَقَ؟ "، قال: إنّ فيها لوُرْقًا (1). قال: "فأنّى أتاها ذاك؟ "، قال: عسى أن يكونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ. قال: "وهذا عسى أنْ يكونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (2).
666 (329) - عن عائِشةَ رضي الله عنها قالتْ: اختصَم سعد ابن أبي وقّاص وعبدُ بن زَمْعة في غُلامٍ. فقال سعدٌ: يا رسولَ الله! هذا ابنُ أخي؛ عتبة بن أِبي وقّاص، عَهِدَ إليَّ أنه ابنَه. انظُرْ إلى شَبههِ. وقال عبد ابنُ زَمْعةَ: هذا أخِي يا رسولَ الله! وُلِدَ علي فراشِ أبي مِن وَلِيدته (3) فنظرَ
(1)"الأورق: الَّذي فيه سواد ليس بحالك، بل يميل إلى الغبرة، ومنه قيل للحمامة: ورقاء". قاله الحافظ في "الفتح"(9/ 443).
(2)
رواه البخاري (5305)، ومسلم (1500).
(3)
قال البغوي في "شرح السنة"(9/ 278):
"ومن عاداتهم في الإماء أنهم كانوا يقتنون الولائد، ويضربون عليهم الضرائب، فيكتسبن بالفجور، وهنَّ البغايا اللاتي ذكرهن الله عز وجل في قوله: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى البِغَاءِ} [النور: 33]، وكانت سادتهم يُلمُّون بهن، ولا يجتنبونهن، وكان من سيرتهم إلحاقُ الولد بالزنا، فإذا جاءت الواحدة منهن بولد، وكان سيِّدها يطؤها وقد وطئها غيره بالزنا، فربما ادَّعاه الزانى وادَّعاه السَّيد، فدعوا له القافة، فحكم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالولد لسِّيدها لأقراره بوطئها، ومصيرها فراشًا له بالوطء، وأبطل ما كان عليه أهلُ الجاهلية من إثبات النسب بالزنى، كما رُوي عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباسٍ قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا مُساعاة في الإسلام من ساعى في الجاهلية، فقد لحقَ بِعَصَبَتِهِ، ومن ادَّعى ولدًا من غير رشدةٍ، فلا يَرثُ ولا يُورَثُ"، والمراد بالمساعاة: الزنا، وكان الأصمعي يجعل المساعاة في الأماء دون الحرائر، لأنهن يسعين لمواليهن، فيكتسبن لهم بضرائب كان عليهن، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم المساعاة في الإسلام، ولم يُلحق بها النسب، وعفا عما كان منها في الجاهلية، وأثبت به النسب، وفى هذا كانت منازعةُ عبد بن =
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى شَبَهِهِ، فرأى شَبَهًا بيّنًا بعُتبة. فقال:"هو لكَ يا عبدُ بن زَمْعة؛ الولدُ للفِرَاشِ، وللعَاهِرِ الحَجَرُ، واحتَجبِي منه يا سَودةُ" فلم تره سودةُ قط. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (1)
667 (330) - عن عائِشةَ رضي الله عنها؛ أنَها قالتْ: إِنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عليَّ مَسرُورًا تَبْرُقُ أسارِيرُ وجهِهِ (2)، فقال:"أَلَمْ تَرَيْ أنّ مُجزِّزًا نظرَ آنفًا إلى زيد بنِ حارثةَ وأسامةَ بن زيدٍ (3)، فقال: إنّ بعضَ هذه الأقدام لِمِنْ بعضٍ"(4).
= زمعة، وسعدِ بن أبي وقاص، كانت لزمعة أمةٌ يُلمُّ بها، وكانت له عليها ضريبة، وكان قد أصابها عتبةُ بن أبي وقاص، وظهر بها حمل، وهلك عتبة كافرًا، فعهد إلى أخيه سعد أن يستلحق ولد أمةِ زمعة، وادعى عبد بن زمعة أنه أخي ولد علي فراش أبي، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد بن زمعة بما يدعيه، وأبطل دعوة الجاهلية". أهـ.
(1)
رواه البخاري (2218)، ومسلم (1457)، وعند مسلم:"فلم ير سودة قط". وهي رواية للبخاري أيضًا.
(2)
"تبرق": بضم الراء، أي: تلمع وتضيء وتستنير كالبرق من الفرح والسرور.
و"الأسارير": هي الخطوط التي في الجبهة.
(3)
زاد البخاري (6771)، ومسلم (1459) (39):"وعليهما قطيفة، قد غطيا رؤوسَهما، وبدت أقدامهما".
وهي زيادة مفيدة؛ لما فيها من الدلالة علي صدق القيافة، كما قال ابن الملقن في "الإعلام"(ج 3/ ق 159/ أ).
(4)
رواه البخاري (6770)، ومسلم (1459).
وقال أبو داود في "السنن"(2/ 280): "كان أسامة أسود، وكان زيد أبيض"، ثم نقل عن أحمد ابن صالح قال:"كان أسامة أسود شديد السواد مثل القار، وكان زيد أبيض مثل القطن"
قلت: وكان أهل الجاهلية يطعنون في نسب أسامة بسبب ذلك.
- وفي لفظٍ: وكانَ مُجزِّزٌ (1) قائِفًا (2). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
668 -
عن أبي الدَّرداء، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أنَّه مرَّ بامرأةٍ مُجِحٍّ (3) علي بابِ فُسطَاطٍ (4)، فقالَ:"لعلّه يُرِيدُ أنْ يُلِمّ بها (5)؟ "، قالوا: نعم. فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لقد هَمَمْتُ أنْ ألْعَنَه لَعْنًا يدخلُ معه قبرَهُ؛ كيف يُوَرّثُهُ وهو لا يَحِلُّ له؟ كيف يَسْتَخدِمُهُ وهُو لا يَحِل له". م (6).
669 (331) - عن أبي سَعِيدٍ الخدري قال: ذُكِرَ العزلُ لرسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"ولِمَ يفعلُ ذلكَ أحدُكم - ولم يقل: فلا يفعلْ ذلك أحدُكم - فإنّه ليستْ نفسٌ مخلُوقةٌ إلا اللهُ خالِقُها". مُتَفَقٌ عَلَيْهِ (7).
670 (332) - عن جابر بن عبد الله قال: كُنَّا نَعْزلُ، والقُرآنُ ينزِلُ (8).
(1) مجزز: بضم الميم، ثم جيم مفتوحة، بعدها زاي مشددة مكسورة - وقيل مفتوحة - وآخره زاي، وهو: ابن الأعور بن جعدة المدلجي، وكانت العرب تعترف لهم ولبنى أسد بالقيافة.
(2)
رواه مسلم (1459)(40). قلت: ولهما في رواية: "دخل قائف والنبي صلى الله عليه وسلم شاهد".
(3)
"مجح": الحامل التي قربت ولادتها.
(4)
"الفسطاط": هو بيت الشَّعر.
(5)
أي: يريد أن يطأها.
(6)
رواه مسلم (1441).
(7)
رواه البخاري (2229)، ومسلم - واللفظ له - (1438)(132).
تنبيه: قوله: "ليست نفس
…
" رواه البخاري عقب الحديث (7409) مُعَلَّقًا غير موصول، وهو من نفس الطريق التي وصلها مسلم وغيره، وأيضًا وصلها الحافظ في "التغليق" (5/ 341).
(8)
رواه البخاري (5208)، ومسلم (1440).
و"العزل: هو أن يجامع، فإذا قارب الإنزال نزع، وأنزل خارج الفرج". قاله النووي.
لو كان شيئًا يُنهى عنه لنَهانا عنه القرآنُ (1). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
- وعنه، قال: كُنَّا نَعْزِلُ علي عهدِ نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم، فبلغَ ذلك نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَنْهَنَا. م (2).
671 -
وعن جُدَامَةَ بنتِ وَهْبٍ الأسدية (3)؛ أنَها سَمِعَتْ رسولَ الله
(1) هذه الجملة لمسلم فقط؛ إذ فيه بعد نهاية كلام جابر السابق:
"زاد إسحاق: قال سفيان: لو كان شيئًا ينهى عنه، لنهانا عنه القرآن".
وقال الحافظ في "الفتح"(9/ 305) تعليقًا علي هذه الزيادة التي عند مسلم: "هذا ظاهر في أن سفيان قاله استنباطًا، وأوهم كلام صاحب العمدة، ومن تبعه أن هذه الزيادة من نفس الحديث فأدرجها، وليس الأمر كذلك؛ فإني تتبعته من المسانيد فوجدت أكثر رواته عن سفيان لا يذكرون هذه الزيادة، وشرحه ابن دقيق العيد علي ما وقع لي العمدة".
وزاد المصنف رحمه الله في "الصغرى" حديثًا واحدًا، وهو:
333 -
عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه؛ أنه سَمع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "ليسَ من رجُلٍ ادّعى لغيرِ أبيه - وهو يعلمُه - إلا كَفَرَ، ومن ادّعى ما ليسَ له فليس مِنّا، وليتبوّأ مقعدَه من النار، ومَن دعا رجُلًا بالكُفْرِ - أو قال: عدوّ الله - وليس كذلك، إلا حارَ عليه".
كذا عند مسلمٍ (61). وللبخاري نحوُه (3508).
(2)
رواه مسلم (1440)(138).
(3)
ويقال: بنت جُندب، ويقال: بنت جندل، لها صحبة، أسلمت قديمًا بمكة، وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم، وهاجرت مع قومها إلى المدينة، وهي أخت عكاشة بن مِحْصَن لأمه.
و"جدامة" اختلف الرواة في اسمها، هل هو بالدال المهملة أو بالذال المعجمة، وكلاهما وقع في "صحيح مسلم"، ولكن الإمام مسلمًا صحح قول من رواه بالدال المهملة، وأيضًا قطع بذلك الدارقطني، فقال في "المؤتلف والمختلف"(2/ 899).
"هي بالجيم والدال غير معجمة، ومن ذكرها بالذال فقد صحّف".
- صلى الله عليه وسلم يقول: "لقد هَمَمْتُ أن أنهى عن الغِيلَةِ (1)، حتَى ذكرتُ أنّ الرُّومَ وفارِسَ يصنعُونَ ذلك، فلا يضُرّ أولادَهم". م (2).
(1)"الغيلة: هو الغيل، وذلك أن يجامع الرجل المرأة وهي مرضع". "الغريب"(2/ 100).
(2)
رواه مسلم (1442).